السيناريو الأسوأ

السيناريو الأسوأ

المغرب اليوم -

السيناريو الأسوأ

بقلم : عريب الرنتاوي

بعد سنوات عجاف ثلاث، تحقق الإجماع الدولي – الإقليمي حول محاربة "داعش" والحاجة لاستئصالها واجتثاثها، أو “مسحها عن وجه الأرض” وفقاً للتعبير غير المألوف، الذي صدر عن الرئيس الأمريكي غير المألوف بدوره، دونالد ترامب ... اليوم، ثمة إجماع إقليمي – دولي آخر قيد التحقق، ويقضي بمحاربة جبهة “النصرة” وحلفائها، ومطاردتهم حتى النهاية، مهما تغيرت الرايات وتبدلت الأسماء.

يُملي ذلك جملة من التداعيات والمترتبات على مختلف القوى والأطراف المنخرطة في الحرب الكونية على الإرهاب ... “النصرة” تكاد تسيطر بالكامل على إدلب وجوارها، برغم المزاعم الكاذبة لبعض باحثي واشنطن (ديفيد بولوك نموذجاً)، الذين يؤثرون استخدام تعبير “المعارضة المعتدلة” في وصف حال القوى المتنفذة في تلك المحافظة التي تحتل مكانة “القلب” في “سوريا المفيدة”.

و”النصرة” تلعب دوراً بالغ الأهمية في جنوب سورية وهي تحتفظ بوجود عسكري هام، في محافظتي درعا والقنيطرة، وتحتفظ ببعض التحالفات مع بعض الفصائل المحسوبة على الجبهة الجنوبية، ولديها “اتصالات” مع إسرائيل، تصل حد إرسال الجرحى من “مجاهديها” للعلاج هناك، والنظام يتهم إسرائيل بمدّ “النصرة” بالعتاد والسلاح والتغطية المدفعية والجوية في بعض الجولات.

العلاقة بين “داعش” و”النصرة” تميزت بأعلى وأشد درجات العداء، في ظل إصرار كل فريق على إبادة الفريق الآخر، وما “التساكن” بين مقاتلي الجانبين على بعض المحاور وفي بعض الجبهات (القلمون الغربي) على سبيل المثال، سوى هدنة بين جولتين في “حرب الإخوة الأعداء”، ولدى كل منهما فريق يعتقد أن الطرف الآخر، أولى بالقتال والاستئصال من “العدو البعيد” ... الأمر الذي سهّل مهمة خصوم الطرفين، ومكّن من الاستفراد بكل واحد منهما على هذه الجبهة أو تلك، في هذا الزمن أو ذاك.

اليوم، ومع اقتراب كل منهما من “خط النهاية”، يُطرح السؤال عن درجة احتمالية “سيناريو” وحدة الفصيلين لمجابهة التهديد الوجودي المشترك ... “داعش” يلفظ أنفاسه الأخيرة، كـ “دولة” و”مؤسسات” و”أراض محررة” في العراق ... وهو ليس بعيداً عن مصير مماثل في الرقة ودير الزور وتدمر خلال السنة الحالية ... فيما “النصرة” مهددة بمصير مماثل على جبهات إدلب وأرياف حلب وحماة الشمالية، وفي الجبهة الجنوبية كذلك.

هل يمكن أن ينجح الفصيلان المتفرعان من جذر واحد، في تنحية خلافاتها العقائدية واحتواء صراعات الزعامة و”الشرعية” لمواجهة التهديد المشترك؟ ... سؤال لم يُطرح كثيراً بعد، ولم أجد له جواباً مقنعاً خارج دائرة الاحتمالات والتكهنات المتضاربة حتى الآن، مع أن التفكير المنطقي، يملي عليهما رص الصفوف وتوحيد البنادق لخوض معركة المصير ... لكن من قال إن فصائل من هذا النوع، تحتكم للعقل والمنطق في سلوكها وأفعالها وأقوالها؟

أكثر من يتعين عليه أن يقلق، إن سارت الأمور باتجاه “سيناريو التوحد” هذا، هو الأردن ... ذلك أن حدوث أمرٍ كهذا، سيجعل من جنوب سوريا، من القنيطرة وحتى البوكمال، ساحة تميل فيها موازين القوى لصالح التيار “الجهادي / السلفي”، وهذا قد يرتب حرب تصفيات واسعة النطاق ضد الفصائل “المعتدلة”، التي جنحت أو ستجنح لخيار التهدئات والمصالحات والتسويات، وقد لا يطول الزمن، قبل أن تنتقل “حروب الفصائل المتناسلة”، كما سميناها في مقالة أمس الأول، إلى جنوب سوريا، وهو أمر قد يحدث، ومن المرجح أن يحدث في كل الظروف، مع نشوء ديناميكيات جديدة و”قواعد اشتباك” جديدة، بين “النصرة” وبقية الفصائل، امتداداً لما يجري في إدلب من معارك وحروب إلغاء.

ساعتئذ، سيتعين علينا أن نقلق، فالتهديد لن يعود منحصراً بقوات “خالد بن الوليد” المبايعة للخليفة البغدادي فحسب، ولا في وجود “داعش” في تدمر فقط ... سنكون أمام حضور “جهادي- عنيف” على مقربة من حواضرنا السكانية في الشمالين الشرقي والغربي.

مثل هذا السيناريو لا يجوز استبعاده في كل الظروف والأحوال، وثمة من يقول إن جهود “إصلاح ذات البين” بين الفصيلين الإرهابيين، قد بدأت بالفعل، وأن الأيام القادمة، قد تحمل معها أنباءً غير سارة من هذا النوع.

المصدر : الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيناريو الأسوأ السيناريو الأسوأ



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز

GMT 03:47 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ثعلب وسنجاب بطلا أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019

GMT 11:48 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

شخصيات في حياة أحمد زكي والعندليب

GMT 00:01 2013 الأحد ,09 حزيران / يونيو

فقمة القيثارة مخلوق غريب لايتوقف عن الأبتسام

GMT 12:14 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السعادة المؤجلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib