واشنطن تختار سوريا للمواجهة

واشنطن تختار سوريا للمواجهة

المغرب اليوم -

واشنطن تختار سوريا للمواجهة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

رغم كثرة الانتقادات الموجهة لسياسة الإدارة الأميركية الحالية في منطقة الشرق الأوسط، فإنه يجب أن نعترف أنها أكثر وضوحاً والتزاماً من السياسات السابقة. وقد اختارت سوريا لتكون مركز اختبار استراتيجيتها الجديدة في مواجهة «داعش» وروسيا وإيران؛ لكن لا ندري إن كانت قادرة على إكمال الطريق الذي رسمته وأعلنت عنه أخيراً.
بانهيار الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينات انتهت الحرب الباردة، ولم تعد هناك سياسات أميركية خارجية سوى مواجهة الإرهاب. صارت السياسة ردود فعل على هجمات سبتمبر (أيلول) 2001، للرد على الجماعات الإرهابية في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا. ودامت تلك المرحلة عقداً ونصف عقد من الزمن.
الآن، في سوريا وأوكرانيا وإيران، وبدرجة أقل في شبه الجزيرة الكورية، نرى ملامح مواجهات بين واشنطن وموسكو. هذا التنازع بين القوتين الروسية والأميركية يعيد للأذهان حالة الحرب الباردة، وجرى التأكيد عليها الأسبوع الماضي في كلمة وزير الخارجية الأميركي عن الاستراتيجية الجديدة لبلاده، أنها تعتمد بشكل أساسي مواجهة القوى المنافسة، روسيا بدرجة أساسية، والصين بدرجة أقل.
تحت إدارة دونالد ترمب اختلفت سياسة واشنطن في منطقة الشرق الأوسط عموماً، وفي سوريا والعراق تحديداً. فقد قررت الوقوف في وجه الوجود الروسي وكذلك حليفه الإيراني، وكذلك مواجهة تنظيم داعش. واختارت الولايات المتحدة سوريا كأرض للمعركة التي أصبحت معقدة جداً، نتيجة تعدد القوى المنخرطة في الأزمة هناك.
ومع تبني واشنطن سياسة واضحة للمرة الأولى، أتوقع أنها ستفرز إشكالات جديدة لم تكن موجودة سابقاً، من بينها أن واشنطن ستتوقع من حلفائها دعم سياستها والعودة إلى سياسة الأحلاف القديمة. وسيبدأ فرز المواقف من الأزمة السورية، ثم ينسحب لاحقاً على القضايا الإقليمية الكبرى، مثل التعامل مع إيران. تركيا، التي هي عضو في حلف «الناتو» وتاريخياً جزء من منظومة الحلف الأميركي، تحاول اللعب على حبال الأزمة، حتى جاءت معركة عفرين التي وضعتها في مواجهة مع إيران وروسيا ونظام دمشق. وبالتالي ستجد تركيا، وكذلك بقية دول المنطقة، أن خياراتها تضيق مع الوقت. فهل ستتحالف مع واشنطن في سوريا أم مع موسكو؟
الأميركيون تخلوا عن سياسة العام الماضي بالتعاون مع الروس في سوريا، وتبنوا سياسة جديدة تقوم على مواجهتهم عبر الوكلاء والأحلاف الإقليمية. موسكو سبقت واشنطن في تبني هذه السياسة، فهي تستخدم الإيرانيين ووكلاءهم من ميليشيات لبنانية وعراقية وغيرها للقتال على الأرض. في المقابل يستخدم الأميركيون على الأرض ميليشيات كردية سورية، مع فلول «الجيش الحر» السوري، في منطقة شرق الفرات. أصبح التوجه الأميركي الجديد يقوم على إفشال المشروع الروسي الإيراني في سوريا، وإحباط محاولات «داعش» للعودة بعد إسقاط «دولة الخلافة» في الرقة.
ومن حسن حظنا في المنطقة، أن صناع القرار في واشنطن استيقظوا أخيراً إلى الخطر الذي تشكله التحولات الجديدة في سوريا، وهم ضد ما تفعله إيران أيضاً في العراق. وحتى لو لم ترقَ الأمور إلى درجة المواجهات العسكرية هناك، فإن تبني سياسة عدائية يكفي لرفع كلفة الحرب على النظام الإيراني، وسيجعل قدرته على الهيمنة على المنطقة بعيدة الاحتمال اليوم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن تختار سوريا للمواجهة واشنطن تختار سوريا للمواجهة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز

GMT 03:47 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ثعلب وسنجاب بطلا أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019

GMT 11:48 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

شخصيات في حياة أحمد زكي والعندليب

GMT 00:01 2013 الأحد ,09 حزيران / يونيو

فقمة القيثارة مخلوق غريب لايتوقف عن الأبتسام

GMT 12:14 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السعادة المؤجلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib