«واخد برد»

«واخد برد»

المغرب اليوم -

«واخد برد»

سمير عطاالله
سمير عطاالله

تماثيل ترفع، تماثيل تهدم. تواريخ السقوط ليست دقيقة. لكن بحسب كتاب «المعبودون المتهاوون» للمؤلفة أليكس فون تونزلمان، فإن المسألة بدأت في روما الإمبراطورية عندما كان الغاضبون يحطمون تماثيل من يغضبون منهم، وأحياناً يعيدون صب معدنها لصنع تماثيل الزعماء الجدد. وعام 1770 أقدم ثوار أميركا على صهر تمثال جورج الثالث في نيويورك وصنعوا من معدنه فوهات لبنادق يقاتلون بها الجنود الإنجليز.

بعد وفاة ستالين وجد الروس أن أفضل ثأر منه تدمير تماثيله في مدن الاتحاد السوفياتي. ولعل أشهر مشهد في الذاكرة العربية كان تحطيم تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس، بغداد، عام 2003. لكن أحداً على الإطلاق لن يصل إلى عائلة كيم إيل سونغ، الأب والابن والحفيد، التي وزعت على البلاد 40 ألف تمثال ماهرة الصنع، وإلا لقي النحاتون مصير المجدفين.
في السبعينات كلفت عائلة الشيخ بشارة الخوري، أول رؤساء الاستقلال، نحاتاً معروفاً لصنع تمثال للرئيس، وبعد الانتهاء من العمل جاء أبناء الرئيس يتفقدونه قبل رفعه في الساحة التي ترفع اسمه. رأوا تمثالاً برونزياً ضخماً ورجلاً أصلع يرخي شاربين. لكنهم لم يروا الشيخ بشارة.

وبكل هدوء، سأل النجل الأكبر النحات، أين الوالد؟ فأشار النحات إلى تحفته وقال: هذا هو. فاعترض الابن بكل أدب قائلاً: لكن هذا لا يشبه الوالد على الإطلاق. وبكل أدب وصدق، قال النحات «بسيطة. بكرا بتتعودوا عليه». ورفع التمثال حاملاً اسم الرئيس، وتاريخ الاستقلال، وملامح رجل آخر.

شاعت القصة في كل بيروت. ومرّ بنا النحات في «النهار» حيث كنا أربعة في مكتب واحد: فؤاد مطر، وعبد الكريم أبو النصر، وأمين معلوف، وأنا. وعندما فتح المسكين الباب ودخل غير متوقع، تطلعنا في بعضنا البعض وانفجرنا جميعاً في نوبة جنونية من الضحك. وتأملَنا المسكين، ثم اتخذ كرسياً لنفسه وجلس فيما نحن في تلك الحالة الهستيرية. ولما هدأنا تطلع بنا بكل براءة قائلاً: ضحكونا معكم يا شباب. والتمت «النهار» كلها على شهقات النوبة التالية.

لا تزال مصر بين الدول التي ترفع التماثيل، لكن أكثريتها الساحقة عن الثروة الفرعونية الهائلة. وتجول مصر بآثارها في مدن وعواصم العالم، حيث تلقى نجاحاً شعبياً مذهلاً.
بعد أعوام كثيرة في القاهرة، عندما قرأت أن تمثال رمسيس الثاني نُقل إلى ساحة أخرى. وعندما ذهبت لزيارة السفير عمر الحسن، سألت مديرة مكتبه إن كانت تعرف سبباً لنقل التمثال. جواب: «والله إيه الحكاية بالضبط، ماعرفش. سمعت بيقولوا واخد برد».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«واخد برد» «واخد برد»



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
المغرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز

GMT 03:47 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ثعلب وسنجاب بطلا أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019

GMT 11:48 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

شخصيات في حياة أحمد زكي والعندليب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib