ألعاب الحقيقة والوهم

ألعاب الحقيقة والوهم

المغرب اليوم -

ألعاب الحقيقة والوهم

بقلم: بدر الدين الإدريسي

في كثير من الأحيان، الأرقام لا تكذب، وما وضع قبل أشهر على مكتب وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي من تقارير منجزة من مكاتب دراسات حاملة لعلامة الدقة والتميز عالميا، جلها يحكي عن تدني درجات الحكامة وغياب الإجادة في تدبير الجامعات الرياضية، أغلبها وليس كلها، جاءت الألعاب الإفريقية المنظمة ببلادنا والمنتهية يوم السبت الماضي، لتؤكده ولتحكي للأسف عن إدمان بعض الرياضات الجماعية والفردية للفشل.

بلغة الأرقام التي لا تكذب، كشف الإمتحان الإفريقي الذي دخلته العديد من الرياضات الوطنية هنا بالمغرب، حيث انتفت كل مشكلات التأقلم والتكيف التي لطالما نصبت شماعة لتعلق عليها الإخفاقات، عن أن الرياضة الوطنية تأتي خامسة في قارتها الإفريقية، وأنها بعيدة بمسافات كبيرة عن الشقيقة مصر التي لا تتسيد القارة من فراغ، وإنما من عمل قاعدي يحترم قواعد التكوين الحديث.
احتاجت الرياضة الوطنية والأوصياء عليها، إلى مرآة عاكسة لحقيقة ما يتفاعل داخل المشهد الرياضي الوطني، وقد كانت الألعاب الإفريقية أصدق ما يمكن أن يرينا ما يطال وجه الرياضة الوطنية من خدوش وعيوب، سببها أن هناك من لا يبدي أي استعداد للنزول من السفينة وقد أغرقها بتدبيره السيئ والمهترئ.
حقيقتان صرخ بهما الأولمبياد الإفريقي المنقضي يوم السبت الماضي، على إيقاعات دهشة وإعجاب الأفارقة بما رأوه بأم العين، حقيقة جميلة تقول أن المغرب وهو ينهض بتنظيم ألعاب إفريقية متخلى عنها قبل 8 أشهر من انعقادها، أعاد التأكيد على براعته الكبيرة في تنظيم بطولات استثنائية بهوامش خطإ صغيرة جدا، وجدد التأكيد على أنه يحقق طفرات نوعية في مجال البنى التحتية، الرياضية منها على وجه الخصوص، وقد لا يكون ضربا من ضروب الجنون إن هو فكر يوما دخول سباق تنظيم الألعاب الأولمبية.
وهناك حقيقة محزنة، وهي أن الرياضة الوطنية تسجل تأخرا ملحوظا على مستوى قارتها الإفريقية، ما يستدعي من اليوم مباشرة عملية مساءلة عميقة لكل الرياضات التي عاكست التوقعات أو سقط عن وجهها القناع أو انكشف هول وفظاعة الوهم الذي باعته للمغاربة، وهم تسيد القارة الإفريقية.
وإن لم نعتبر حصاد ألعاب القوى الوطنية، سبة في حقها وفي حق تاريخها الجميل، وضربة موجعة للرصيد البطولي لهذه الرياضة، فماذا نعتبره إذا؟
وهل يكون مقبولا اليوم أن يسمعنا من أنيطت بهم وضع السياسة التقنية للرياضة الأكثر تتويجا على المستويين العالمي والأولمبي، أن ما حصل بالألعاب الإفريقية، وقد خارت قوى أم الرياضات وخلا رصيدها لأول مرة من الميداليات الذهبية، كان حدثا عارضا، سببه إصابة سفيان البقالي نجم كسر الحواجز بعطب لم يمكنه من امتلاك الذهب؟
لم تفعل ألعاب القوى وهي تأتي في المرتبة 14 في ترتيب ميداليات المسابقة الإفريقية، شيئا سوى أنها كرست تراجعها المهول على المستويين العالمي ثم الإفريقي، وعرت عن وهم الميدالية النظيفة الذي جرى تسويقه من قبل البعض، وكأن الميداليات التي زينت في السابق صدور الأساطير والأيقونات المغربية، كانت غير ذلك.
ليس ألعاب القوى وحدها، ما رمانا بهذا القبح، فرياضة الدراجات التي طالما أشاع القائمون عليها أنها تتسيد القارة، إنفجرت عجلاتها في المدارات المغربية، ولم تنل غير ميدالية برونزية بقرار الحكام، ولم تحقق السباحة في بلد 2000 كيلومتر من البحر سوى 4 برونزيات تاركة لجنوب إفريقيا 20 ميدالية ذهبية ولمصر 14 ميدالية من نفس المعدن، هذا دون الحديث عن الرياضات التي تعيش في غيبوبة متذرعة بضحالة الإمكانيات.
ولأن الألعاب الإفريقية هي معبر الرياضة الوطنية للعالمية، فإن النسخة 12 ستنتصر للعمل الرائع الذي تقوم به رياضات فنون الحرب، من كاراطي وتايكواندو وجيدو وملاكمة، فمع وجود بعض التفاوتات في المحصلة النهائية، نسجل أن الحصاد الرائع لكل هذه الرياضات مجتمعة، مع امتياز كبير للكاراطي، هو تكريس للعمل القاعدي والبنيوي المنجز بكثير من الإجادة والدقة على مستوى هذه الجامعات، وقد لا تسألنا هذه الرياضات هبة أو صدقة، إن هي احتاجت من الوزارة الوصية ومن المؤسسات الوطنية الداعمة للرياضة، ما يساعدها على مواصلة العمل الهيكلي والتكويني، لا لتحتفظ فقط على حضورها القوي إفريقيا، ولكن لتتعداه إلى المنافسة على البوديوم الأولمبي خلال دورة طوكيو 2020.
تنزيلا لقانون التربية البدنية والرياضة 30-09، شكلت الوزارة الوصية لجنة رياضة المستوى العالي، وسيكون لزاما أن تلتئم هذه اللجنة لتفتحص مجددا غايات وأهداف وتطلعات كل الرياضات التي تنافس على الحضور في أولمبياد طوكيو، وحتما ستكون لها الألعاب الإفريقية بما أفرزته من نتائج، خير معين لضبط لائحة الأبطال الذين يستحقون أن نراهن عليهم، ليعتلوا إن شاء الله البوديوم الأولمبي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألعاب الحقيقة والوهم ألعاب الحقيقة والوهم



GMT 14:13 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية شهر العسل

GMT 11:30 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

البطولة المنسية

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 19:54 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ كومارا استثناء والبقية في مهب الريح

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء

GMT 10:44 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

خالد بلاغة يقود "الاتحاد البيضاوي" أمام "شباب المحمدية"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib