«الصهر المدلل» إذ يتدثر بثياب «العالم» و«المؤرخ»

«الصهر المدلل» إذ يتدثر بثياب «العالم» و«المؤرخ»

المغرب اليوم -

«الصهر المدلل» إذ يتدثر بثياب «العالم» و«المؤرخ»

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

يسارع جارد كوشنر إلى تحميل الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسؤولية عن اندلاع «موجة من أعمال العنف» في الضفة الغربية ... ينسى «الصهر المدلل» أو يتناسى أنه وإدارته و»الصفقة» المشؤومة، وحدهم من يتحملون وزر الانفجار الكبير الذي تتجه إليه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

فهل كان هذا «المقاول الصغير» يعتقد حقاً، أن بمقدوره تسليم القدس بمقدساتها وأقصاها ونصف الضفة الغربية لـ»السيادة الإسرائيلية»، وأن يتنكر لمصائر وحقوق أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني، من دون أن يثير غضبهم؟ ... هل اعتقد هذا «الساذج» أنه بمسرحياته الاستعراضية في المنامة ونيويورك، قد خطف ألباب العالم، وأقنع الفلسطينيين ببيع حاضرهم ومستقبلهم (وتاريخهم) لقاء «ثلاثين من الفضة»؟ ... هل اعتقد حقاً، أنه بقيامه بـ»نسخ ولصق» أفكار نتنياهو وتصوراته وسردياته، بات فتى عبقرياً، لا يشق له غبار، وأن ما على الفلسطينيين، شعباً وقيادة سوى تقديم «تعظيم سلام» لمبادرته المنسوخة من الأدبيات العبرية؟
ما لا يدركه كوشنر، أن الرئيس أبو مازن الذي يتهمه بالتحريض على العنف والكراهية، مطالب أيضاً من قبل شعبه، بتفجير غضب الضفة الغربية، وإطلاق طاقات المقاومة الكامنة لدى شعبها ... أبو مازن أيها «الصهر الغرّ»، ينتظره منعطف هو الأهم والأخطر في حياته السياسية: فإما أن يقود انتفاضة شعبه ضد الاحتلال والاستيطان والعنصرية و»صفقة القرن»، وإما أن تصبح السلطة هدفاً لانتفاضة الفلسطينيين ... لا خيار ثالث أمام القيادة والفلسطينيين، فما بعد «صفقة القرن» ليس كما قبلها على الإطلاق.
ولأنه الخبير الذي قرأ 25 كتاباً قبل أن ينتهي من صوغ المبادرة التي حملت زوراً اسم «صفقة القرن»، فقد حرص «الفتى الغرّ» على الظهور بمظهر «المؤرّخ» العالم بتاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فهو قال إن هذا هو دأب القيادة الفلسطينية تاريخياً، التحريض على العنف كلما هبّت الرياح بعكس ما تريد وما تشتهي ... اليوم، تهب ريح كوشنر وفريقه المتصهين وإدارته المنحازة للمستوطنين وعتاة اليمينيين، بعكس ما تشتهي سفن الشعب الفلسطيني وقيادته وقضيته الوطنية وحقوقه المشروعة ... فهل المطلوب الانحناء لهذه الريح السموم، أم أنه يتعين على الفلسطينيين أن يفعلوا ما تفعله كل شعوب الأرض: الكفاح من أجل حقوقها وحريتها وكرامتها ... يبدو أن هذه المفاهيم لم تمر بخاطر كوشنر، ولم تكشف عنها بطون الكتب التي قرأها.
ما يجري في الضفة الغربية والأراضي المحتلة، ليس انتفاضة ثالثة بعد ... ما يجري هو «إرهاصات» هذه الانتفاضة، هي «بروفات» لما يمكن أن تكون عليه المواجهات المقبلة ... الضفة الغربية تجاهد للخروج عن يومياتها وكسر رتابة أيامها، وكسر القيود التي طوقها بها كل من كيت دايتون وطوني بلير ... الضفة الغربية تستعيد وإن بتدرج، ألقها وغضبها، وكرة المواجهة تتدحرج من منطقة إلى أخرى، ومن يوم إلى آخر.
والمأمول حقاً، أن تسير المواجهات الشعبية الفلسطينية ضد الاحتلال، على طريق «الانتفاضة الأولى»، انتفاضة الأطفال والحجارة، تلك الانتفاضة التي تركت بصمة لا تُمحى في ذاكرة العالم وضميره ... والفلسطينيون بقواهم الحية والطليعية، مطالبون باختيار أشكال النضال التي يقوون على احتمالها وتحملها، وبما يبقيهم فوق أرضهم ويعزز صمودهم وثباتهم عليها، وبما يرفع كلفة الاحتلال، بأقل قدر من «كلف المقاومة» التي تقع على كاهل الشعب الفلسطيني، فالطريق للحقوق والحرية والاستقلال، ما زال بعيداً، مديداً ومريراً، وهو بحاجة لأدوات كفاحية تعتمد «الصبر الاستراتيجي» و»المثابرة» و»النفس الطويل».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الصهر المدلل» إذ يتدثر بثياب «العالم» و«المؤرخ» «الصهر المدلل» إذ يتدثر بثياب «العالم» و«المؤرخ»



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 09:42 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون
المغرب اليوم - أهم الوجهات الثقافية في جدة لعشاق الفنون

GMT 10:00 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة
المغرب اليوم - أفكار لتنسيق أثاث غرفة الطعام بأناقة

GMT 07:55 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعاً
المغرب اليوم - تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعاً

GMT 19:45 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهم أوروبا تهبط للأسبوع الثالث وسط مخاوف من سياسات ترامب

GMT 19:35 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولار يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بعد فوز ترامب

GMT 19:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

إحباط تهريب 300 كيلوغرام من "الشيرا" في طنجة

GMT 01:17 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

"سامسونغ" تطرح "تابلت غلاكسي" اللوحي بحجم 18.4 بوصة

GMT 02:14 2016 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لمريض السكر... المسموح والممنوع من الفاكهة

GMT 14:44 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

"حي سيدي ميمون" التاريخ المراكشي الأصيل

GMT 07:02 2017 الخميس ,14 أيلول / سبتمبر

مي نور الشريف تضع والدتها بوسي في ورطة بسبب صورة

GMT 05:46 2016 الأحد ,09 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشفي فوائد عشبة الأملج للشعر

GMT 11:10 2023 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز صيحات الموضة لموسم شتاء 2023-2024

GMT 15:37 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib