«النظام العالمي» بعد كورونا في البحث عن «شرعية أخلاقية»

«النظام العالمي» بعد كورونا... في البحث عن «شرعية أخلاقية»

المغرب اليوم -

«النظام العالمي» بعد كورونا في البحث عن «شرعية أخلاقية»

بقلم _ عريب الرنتاوي

الصراع على شكل وقواعد النظام العالمي الجديد، «عالم ما بعد القطب الواحد»، لم يبدأ بـ»كورونا»، ولن ينتهي بانتهاء هذه «الجائحة»... قلنا في مرات عديدة سابقة، وفي هذه الزاوية بالذات، أن النظام «القطب الواحد»، القديم، لا يريد أن يرحل، فيما النظام الجديد، نظام «التعددية القطبية» لا يقوى على الهيمنة وامتلاك قواعده الناظمة... العالم يمر بلحظة انتقال بين نظامين، تكتسب ملامح جديدة منذ أربعة أشهر، إثر اندلاع «تسونامي كورونا».

الغرب، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية، القطب الأحادي، تجاهد للحفاظ على مكانتها القيادية المتفردة، ودائماً في مواجهة الصين اقتصادياً، وروسيا عسكرياً، فيما الاتحاد الأوروبي لم يكن بعيداً عن دائرة الاستهداف، خصوصاً في زمن إدارة ترامب... ركيزة أساسية في الحملة الغربية -الأمريكية على روسيا والصين، تنهض على «التفوق القيمي والأخلاقي» للغرب، و»قيمه الإنسانية المشتركة»، القائمة على مبادئ الديمقراطية وقواعد حقوق الإنسان الحاكمة.

في المقابل، تركز موسكو، وبالأخص بكين، على مفهوم «المستقبل المشترك» للبشرية جمعاء، فلكل مجتمع قيمه، بعضها مشترك وبعضها خاص به، ولكل مجتمع الحق في اختيار نظامه السياسي، والعيش بالطريقة التي يحلو له أن يعيش تحت ظلالها.

الغرب، يُبرز الطابع الشمولي، الدكتاتوري، لنظامي الحكم في البلدين، وبالضد من إرادة شعبيهما كما يَفترض... والشرق، يُبرز الطابع الجشع، الكولونيالي لرأسمالية متوحشة، لا يهمها سوى تعظيم الأرباح، ولا يكف عن إبراز مثالب الديمقراطية وعيوبها، فهي عنده، «ديمقراطية الأثرياء فقط»، وهي عنده، تتستر بحقوق الإنسان للتغطية على أجنداتها التوسعية والعدوانية.

اليوم، تنتقل المباراة بين الشرق والغرب، وبرغم تآكل «مضامينها الإيديولوجية»، بخلاف ما كان عليه الحال زمن الحرب الباردة، إلى «ميدان كورونا»... الصين، وبدرجة أقل، روسيا، تسعيان لانتزاع سبق الريادة في المضمار «الإنساني» و»الأخلاقي»، عبر ضخ المساعدات بغزارة لكل الدول المنكوبة بجائحة كورونا، مستفيدتين من ارتباك الغرب وتفشي انكفائيته وعزلته وتفاقم نزعاته الأنانية إلى الحد الذي سمح فيه التشيك لأنفسهم بمصادرة معونات إنسانية صينية موجهة لإيطاليا، وإصرار بروكسيل على صم أذانها لنداءات الاستغاثة الإيطالية والإسبانية على حد سواء...»كل أمة تقلع شوكها بيديها».

روسيا والصين، تدرآن الاتهامات الملصقة بهما منذ الحرب الباردة وبالأخص في الصراع المحتدم بعدها، على الأسواق والموارد والأدوار ومناطق النفوذ والمجالات الحيوية... بل وتسعيان في إصباغ طابع أخلاقي وقيمي، متفوق على الغرب... الغرب يفشل في إدارة هذه الأزمة، ويعجز عن قيادة العالم لمواجهة هذه الجائحة، والسبب في ذلك، «فراغ» الدور القيادي للولايات المتحدة، الذي لن تقوى دولة غربية واحدة على ملئه، فيما يقف الاتحاد الأوروبي بعد بريكسيت وقبله، عاجزاً عن التحرك ككتلة واحدة.

الولايات المتحدة بقيادة ترامب، توفر فرصاً نادرة للصين وبدرجة أقل، لروسيا، لتغيير صورتيهما النمطيتين، واقتراح نفسيهما لقيادة العالم في زمن الكوارث... مشاهد تقبيل العلم الصيني في صربيا ونشر الأعلام الصينية في إيطاليا، محمّلة بالدلالات، وفي ظني أنها تستحق كل ما بذلته الصين واستثمرت به، لتوجيه قوافل المساعدات وتنظيم جسورها الجوية.

وإلى جانب جميع «السرديات» حول «القرن الآسيوي» أو «الأوراسي» في وصف القرن الحادي والعشرين، فإن جائحة كورونا، قد تكون «الضارة التي ربما تصبح نافعة» للصين على وجه الخصوص، فإلى جانب اقتصادها العملاق، النامي بمعدلات خرافية، وإلى جانب مبادرة «الطريق والحزام» العابرة للقارات، ها هي تخترق الخطوط الأمامية لدفاعات الغرب من خلال «دفرسوار» أخلاقي وقيمي وإنساني.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النظام العالمي» بعد كورونا في البحث عن «شرعية أخلاقية» «النظام العالمي» بعد كورونا في البحث عن «شرعية أخلاقية»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 12:24 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة

GMT 15:04 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي "شمس وقمر"
المغرب اليوم - شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي

GMT 21:42 2018 الإثنين ,16 تموز / يوليو

سفير المغرب بغينيا يحذر جمهور الوداد

GMT 07:31 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا الشهر يحمل إليك أجواء مهنية وإجتماعية مميزة

GMT 22:51 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة ريفيان الأميركية مستعدة لإطلاق أول بيك أب كهربائية

GMT 18:02 2016 الثلاثاء ,26 تموز / يوليو

ماما سلمى .. هدية الأطفال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib