الشمال السوري على فوهة بركان لا خيارات سهلة أمام السلطان

الشمال السوري على فوهة بركان.. لا خيارات سهلة أمام "السلطان"

المغرب اليوم -

الشمال السوري على فوهة بركان لا خيارات سهلة أمام السلطان

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

يثير الوضع المتأزم في الشمال السوري، جملةً من الأسئلة والتساؤلات، حول الخطوة التالية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فوِفقاً لتقديرات المراقبين والتقارير الميدانية، فإن الشمال على اتساعه، على موعد الأسبوع المقبل (أبعد أو أقرب قليلاً) مع واحدٍ من استحقاقين، لا ثالث لهما..

فإما أن تنجح الدبلوماسية في تمديد مواقيت وآجال ”الستاتيكو“ القائم هناك، وإما أن تخرج المدافع عن صمتها، ويتحول أكثر من نصف خط الحدود التركية مع سوريا، إلى ساحة معارك كبرى ومواجهات دامية… قمة بايدن – أردوغان المرتقبة خلال أيام، ستكون محطة لحسم الوجهة التي ستسلكها تطورات السياسة والميدان.
هل سيدفع التورط التركي في شمال سوريا بأنقرة إلى مزيدٍ من التورط، مع كل ما سيترتب على هذا الخيار من نتائج وتداعيات على موقعتركيا ومكانتها واقتصادها وعملتها الوطنية، أم أن الدبلوماسية النشطة، قد توفر للرئيس أردوغان، سلماً للهبوط عن قمة شجرة أخرى، صعد إليها مؤخرا، وهو الذي تميز أداؤه السياسي والدبلوماسي على مختلف الجبهات، بالصعود المتكرر فوق قمم الأشجار… التقارير الميدانية، لا تستبعد، إن لم نقل ترجح أمراً كهذا، بيد أن الباب مازال ”موارباً“ أمام مقايضات ”ربع الساعة الأخير“؟.

لا يستطيع الزعيم التركي، أن يقف صامتاً، وهو يرى مروحة واسعة من خصومه، يقضمون أو يسعون في قضم مناطق نفوذه، ويتحرشون بقواته وحلفائها… ”قسد“ في الشمال الشرقي، بمظلة أمريكية وارفة، ودمشق وحلفاؤها في الشمال الغربي، بمظلة من قاعدة ”حميميم“… يبدو أن الرجل لم يهضم بعد، حقيقة أن ”خفض التصعيد“ ليس سوى ترتيب مؤقت، لن يدوم أبدا، وأن ”الستاتيكو“ القائم، بحكم طبيعته، ليس ترتيبا نهائيا، ولن يكون.

لكنه وهو يصطدم بهذه الحقيقة القاسية، يواجه خيارات أكثر قسوة ومرارة… فإن ترك لـ“قسد“ حرية الحركة في شرق الفرات، وأغمض عينيه عن سعيها لبناء قوتها واقتدارها، وبدعم أمريكي كثيف، سيواجه في قادمات الأيام تحديات أكبر، وربما تنتقل ”عدوى الكيانية الكردية“ إلى الداخل التركي، سيما أن ”السردية“ التركية الرسمية، تضع أكراد سوريا في مصاف الحاضنة لحزب العمال الكردستاني، وتزج بـ ”قسد“ في خانة الـ“بي كا كا“ كتنظيم إرهابي.. هذا ليس خيارا لأردوغان وحزبه الإسلامي وحليفه القومي، حتى وإن توفرت لأكراد سوريا، مظلتان، روسية وأمريكية، وليست مظلة واحدة فقط.

وهو على المقلب الآخر، لا يطيق صبراً وهو يرى جبهة إدلب وجوارها، تشتعل يومياً بالغارات الروسية وعمليات القصف المدفعي والصاروخي السورية التي تطاول حدود بلاده، مصحوبة بسيل من التهديدات باقتراب لحظة الحسم في ”أم المعارك“: إدلب، فذلك يعني من منظور تركي، موجة جديدة وواسعة من اللجوء السوري، في وقت تتحول فيه قضية اللاجئين السوريين في تركيا، من ذخرٍ له في مواجهة غريمه في دمشق، وورقة ابتزاز لجيرانه الأوروبيين، إلى عبء ثقيل عليه وعلى مستقبله وحظوظه، سيما أن استحقاق انتخابات 2023 الرئاسية، بات يقرع الأبواب.
على أن الخشية من لجوء سوري كثيف لتركيا، ليست الهاجس الوحيد الذي يقض مضاجع ”السلطان“.. فهناك سؤال أهم وأخطر يتعلق بمصير عشرات ألوف المقاتلين، وكثيرون منهم، جهاديون وإرهابيون يُجمع العالم على وسمهم بهذه الصفة، وإذا كانت إدلب قد تحولت في السنوات السبع الأخيرة، إلى وجهة ”الحافلات الخضراء“ الممهورة بخاتم الجيش السوري والمحمّلة بالمقاتلين من مختلف المناطق التي استعادتها الدولة السورية، فإن السؤال عن وجهة هذه الحافلات في مرحلة ما بعد إدلب، هو أكثر ما يقلق المستويين الأمني والسياسي التركيين، فلا وجهة لهذه الحافلات سوى الداخل التركي، أو المجازفة بتركهم لمواجهة واحد من مصيرين: الموت أو الاعتقال.

في الطريق إلى قمة بايدن – أردوغان، جرى تمهيد مسرح الشمال السوري للجولة القادمة، من إعلان النفير العام إلى حشد العدة والعديد والعتاد، فهل هو تكتيك ”حافة الهاوية“ لحصد ثمار أفضل على مائدة التفاوض مع سيد البيت الأبيض، أم أن الرجل المحاصر بأزمات حزبه وحكمه وتآكل عملته الوطنية، وتبدد بريق ”معجزته الاقتصادية“، قد قرر الهرب إلى الأمام، وإشغال الرأي العام التركي بحرب جديدة، بعد أن استنفدت معركة ”السفراء العشرة“ أغراضها؟ … الباب مفتوح لكلا الاحتمالين، في ضوء تعذّر التكهن بسلوك ”السلطان“ وقراراته، لا سيما أن سياسته الخارجية كانت على الدوام امتدادا لسياسته الداخلية، ولطالما كانت نابعة من حسابات الربح والخسارة في الاستحقاقات الانتخابية.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشمال السوري على فوهة بركان لا خيارات سهلة أمام السلطان الشمال السوري على فوهة بركان لا خيارات سهلة أمام السلطان



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 17:34 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
المغرب اليوم -

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib