بين قيصرينالمقاربة الأردنية الجديدة حيال سوريا

"بين قيصرين"...المقاربة الأردنية الجديدة حيال سوريا

المغرب اليوم -

بين قيصرينالمقاربة الأردنية الجديدة حيال سوريا

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لم تُشعل واشنطن الضوء الأخضر للأردن للذهاب بعيداً في علاقاته المستجدة مع دمشق، بيد أن سيد البيت الأبيض في المقابل، لم يرفع "راية حمراء" في وجه المقاربة الأردنية الجديدة حيال سوريا ... بلغة إشارات المرور الضوئية، يمكن القول أن ضوءاً برتقالياً قد أُعطي للأردن لمقاربة الملف السوري من بواب الاقتصاد والتجارة والطاقة وغيرها.

عمان تدرك أن بوتين أكثر من بايدن، هو من يمتلك مفاتيح "الحل والعقد" في سوريا، لذا استكمل الملك زيارته لواشنطن بأخرى لموسكو ... تحصيل "الضوء البرتقالي" هو الحد الأدنى لما كان يريده الملك من الإدارة الأمريكية (كان يفضل أن يكون ضوءاً أخضر بالطبع) لتفادي قانون "قيصر" وعقوباته، لكن الملك يعرف تمام المعرفة أن عقد ومفاصل الأزمة السورية، ومفاتيح الحل لكثير من الأبواب الموصدة ترقد في جيب "قيصر" آخر، يسكن في الكرملين هذه المرة... حصاد الزيارتين مكّن الأردن من اتخاذ زمام المبادرة حيال سوريا، وباعتراف محللين وخبراء سوريين، فإن الأردن هو من يقود المبادرة العربية صوب دمشق.

للأردن مصالح لا تخفى على أحد وهو يقارب الملف على نحو مبادر ومختلف: الاقتصاد والتجارة، الغاز والكهرباء والطاقة، اللجوء السوري، الحرب على الإرهاب والمخدرات، أمن الإقليم واستقراره ... وجميع هذه المصالح، تتقاطع مع مصالح دمشق من جهة، وتخدم مصلحة الإقليم على وجه العموم من جهة ثانية.

بمعزل عن لغة "المناكفات" وسياسة البحث عن منتصر ومهزوم، يُفضل عقلاء البلدين التطلع للأمام والمستقبل ... لا وقت للمناكفات والتراشق بالادعاءات ... ثمة مصالح تنتظرنا فلنعمل على تعظيمها، وثمة أزمات تعتصرنا فلنغذ الخطى للخروج منها ... الأردن بدأ المبادرة من عواصم القرار الدولي، ودمشق استجابت بأوسع ما تكون الاستجابة: وزير الطاقة في عمان، تبعه وزير الدفاع رئيس الأركان، ثم لقاء وزيري خارجية البلدين في نيويورك، وخمسة وزراء سوريين في عمان، والحبل على الجرار.

للأردن مصلحة تتنامى في عودة دمشق للجامعة العربية، وهو في إطار اللقاء الثلاثي (الشام الجديدة)، يتوافق مع مصر والعراق على أمرٍ كهذا، وإن سارت الأمور على ما يرام، واستعادت سوريا مقعدها في القمة المقبلة، فإن فرص إدماج سوريا في "الشام الجديدة" ستتعاظم، ويعرف الجميع أن لا شام قديمة ولا جديدة من دون سوريا وصولاً إلى لبنان.
في حديث الملك مع بايدن، وفي الورقة الأردنية “non-paper”، أن أحداً من اللاعبين الكبار في العالم أو الإقليم، لم يعد يتحدث بلغة "تغيير النظام"، الحديث يدور خافتاً عن "تغيير السياسات" لا أكثر ... واستمرار الحال من المحال في سوريا، فالشعب السوري يختنق بالعزلة والحصار والعقوبات والجائحتين الصحية والاقتصادية دون خيط ضوء في نهاية النفق... هذا لا يجوز أن يستمر.
على أن للوضع المأزوم في سوريا تداعيات كارثية مباشرة على جوارها ... لبنان "أول الغيث"، وانهيار لبنان تهديد لأمن المنطقة، وإيذان بموجات جديدة من الإرهاب واللاجئين التي ستطال جنوب أوروبا وشرق المتوسط، هذا وضع لا يمكن السكوت عليه، أو الجلوس على مقاعد المتفرجين بانتظار مزيد من الانفجارات اللاحقة ... من هنا يأتي الاستعجال الملكي في حث واشنطن على التفكير من خارج صندوق "قيصر" وعقوباته، والمقاربة وجدت تفهماً أمريكياً ولا أقول ان تفاهماً قد جرى بشأنها مع واشنطن.

يدفع ذلك للاعتقاد بأن ما حصل في درعا وأريافها، والنشاط المستجد على معبر نصيب / جابر، والسخونة في قنوات الاتصال والتواصل السياسي والدبلوماسي، الأمني والعسكري بين عمان ودمشق، ما كان ليحصل لولا "نصف غطاء" من واشنطن و"غطاء كامل من سيد الكرملين، والأرجح أن وجهة تطور مواقف العواصم العربية والدولية الفاعلة في الملف السوري، تسير وإن بسرعات متفاوتة في ذات الاتجاه، باستثناء تركيا التي ما زالت تغرد خارج السرب وحدها تقريباً، ولكن إلى حين على ما يبدو.

الأردن سيمضي في ترجمة مقاربته الجديدة بحذر، فهذه المبادرة تسعى في تفكيك أطواق العزلة المفروضة عن سوريا، بما يخدم مصالح شعبها ومصالح الأردن أولاً، وليس إغراق الأردن في مستنقع "قيصر" وعقوباته القاسية ... وستسعى عمان في استنفاذ أي فرصة متاحة لتطوير هذه العلاقات وتعظيم الفوائد المرجوّة منها، ولكن بكثير من الحذر والتروي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين قيصرينالمقاربة الأردنية الجديدة حيال سوريا بين قيصرينالمقاربة الأردنية الجديدة حيال سوريا



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 17:34 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
المغرب اليوم -

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib