دبلوماسية كوروناسوريا ليست وحدها

"دبلوماسية كورونا"..."سوريا ليست وحدها"

المغرب اليوم -

دبلوماسية كوروناسوريا ليست وحدها

بقلم - عريب الرنتاوي

"سوريا ليست وحدها"، عبارة قالها "سوريا ليست وحدها"، عبارة قالها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد للرئيس السوري بشار الأسد، في اتصال ربما يكون الأول منذ اندلاع الأزمة السورية، جاء بمبادرة من الأول نحو الثاني ... المكالمة الهاتفية التي قيل إن "الإنساني" فيها تغلب على "السياسي"، وأن موضوعها دار حول تضامن دولة الإمارات مع "الشعب السوري الشقيق" في مواجهة التفشي الوبائي لكورونا، الاتصال النادر جاء طافحاً بالدلالات السياسية، متخطياً جغرافيا الإمارات إلى الجغرافية الخليجية الأوسع.
 
"سوريا ليست وحدها"، تعني من ضمن ما تعني كذلك، وقوف الإمارات إلى جانب سوريا في حربها مع تركيا، ومن يدعمها من عواصم عربية أو من تستخدمهم في حربها ضد دمشق ... وهي وإن توجت سلسلة من المبادرات الإماراتية الانفتاحية صوب دمشق، إلا أنها تُعد، وبمختلف المقاييس، نقطة تحول نوعية في علاقات البلدين، يُرجّح أن تكون تمت بتنسيق مع الرياض، وفي أدنى تقدير، قد تعبد الطريق لتطبيع العلاقات السعودية – السورية.
 
ثمة في دول الخليج، من بات يضع "التهديد التركي" لأمن دولِه واستقرارها، في مرتبة مساوية، وأحياناً متقدمة، على "التهديد الإيراني"... وهذا يفسر من ضمن عوامل أخرى، سرّ التحول في مواقف هذه الدول من الأزمة السورية، بدءاً بوقف مطالباتها بإسقاط نظام الأسد، وتقليص دعمها لفصائل المعارضة، وسعيها لتخليص ما تبقى من أطر المعارضة وهيئاتها من النفوذ التركي، وصولاً إلى دعم قوات سوريا الديمقراطية، وغالباً لمقارعة أنقرة وليس لإسقاط دمشق، وانتهاء بالاستجابة لمبادرات الوساطة الروسية والشروع في تفتيح قنوات التواصل الأمني والاقتصادي والسياسي مع القيادة السورية.
 
وثمة في دول الخليج و"ما وراءها" كذلك، من بات يعتقد، بأن السماح بإسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين، بل وتسهيل عملية إسقاطه، كان خطأً استراتيجياً، فتح الأبواب كلها لطهران للتمدد في العراق والمنطقة عموماً، وأن هذا الخطأ لا يجوز أن يتكرر في الحالة السورية، فسقوط نظام الأسد، سيفتح الباب رحباً أمام تركيا للتمدد في المشرق والمغرب العربيين، ومثلما صار "الهلال الشيعي" كابوساً يقض مضاجع عواصم عربية عدة، فإن "قوساً سنياً" عثمانياً، يدين بالولاء لـ"السلطان"، هو كابوس آخر، لا تقل خطورته فداحة عن الكابوس الأول.
 
بعض دول الخليج وليست جميعها، لديها مشكلة مضاعفة مع إيران، لأسباب تتعلق بتكوينها الديموغرافي، لكن بعض هذه الدول، لديه مشكلة مع "الرعاية التركية لجماعة الإخوان المسلمين" وغيرها من حركات الإسلام السياسي ... هنا، يتفاقم القلق من أن تصبح تركيا، كما إيران، لاعباً في الشأن الداخلي لبعض هذه الدول، تماماً مثلما تُتهم إيران بتحريك "الفتن والقلاقل" الداخلية.
 
على أن السبب الأهم الذي يفسر هذه "النقلة النوعية" في علاقات دول الخليج مع سوريا، إنما يتجلى في "الاختراقات" التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه، وتحديداً روسيا، في استعادة السيطرة على معظم أرجاء سوريا، وتخطي المرحلة التي كان فيها النظام مهدداً، ورئيسه "يعد أيامه الأخيرة" ... وعند هذه النقطة بالذات، لا يبدو أن دول الخليج وحدها، هي من راجعت حساباتها ومواقفها، فكثير من العواصم الإقليمية والدولية، الصديقة لدمشق والمعادية لها، تعيد النظر في حساباتها، بعد أن سئمت من لعبة "عدّ الأيام الأخيرة".
 
اتصال بن زايد بالأسد، يندرج في سياق ما يمكن تسميته "دبلوماسية كورونا"، ظاهره إنساني وباطنه سياسي بامتياز، وتداعياته لن تقف عند حدود العلاقات الثنائية بين البلدين، بل ستتخطاه إلى نادي دول الخليج، باستثناء قطر في هذه المرحلة، وستتضح في أول قمة عربية في الجزائر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية كوروناسوريا ليست وحدها دبلوماسية كوروناسوريا ليست وحدها



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 12:24 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة

GMT 15:04 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي "شمس وقمر"
المغرب اليوم - شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي

GMT 21:42 2018 الإثنين ,16 تموز / يوليو

سفير المغرب بغينيا يحذر جمهور الوداد

GMT 07:31 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا الشهر يحمل إليك أجواء مهنية وإجتماعية مميزة

GMT 22:51 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة ريفيان الأميركية مستعدة لإطلاق أول بيك أب كهربائية

GMT 18:02 2016 الثلاثاء ,26 تموز / يوليو

ماما سلمى .. هدية الأطفال
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib