كورونا إقليمياً  المخفي أعظم

كورونا إقليمياً ... المخفي أعظم

المغرب اليوم -

كورونا إقليمياً  المخفي أعظم

بقلم -عريب الرنتاوي

مستوى الثقة بالمعلومات التي تكشف عنها حكومات دول عديدة في المنطقة، متدنٍ للغاية ... والاعتقاد السائد لدى خبراء ومختصين في علم الأوبئة وعوالمها، أن الإصابات الحقيقية تفوق بأضعاف مضاعفة ما يجري الكشف عنه من معطيات يومية، بعد أن تحولت مؤتمرات وزراء الصحة، طقساً مشتركة لمختلف دول المنطقة وحكوماتها.وتتجه الأنظار إلى دول الكثافة السكانية الهائلة في المنطقة (مصر، أثيوبيا، تركيا وإيران) ... بعضها (مصر وأثيوبيا) لم يُجر الحد الأدنى المفترض من الاختبارات المطلوبة للكشف عن الحالات المصابة من دون أن تظهر على أصحابها أعراض المرض المتقدة ... بعضها الآخر (إيران وتركيا) يُعتقد أنه تأخر في البوح عن انتشار لأسباب سياسية واقتصادية، وعندما تم الاعتراف بوجود الفيروس، بدا أن معدلات انتقاله وانتشاره تتسارع بوتائر مذهلة، إيران في البدء، واليوم تركيا التي باتت تحتل المرتبة التاسعة عالمياً من حيث أعداد المصابين.
 
بعض دول الخليج العربية، ربما تكون تأخرت في البوح عن إصابتها بالفيروس، للأسباب السياسية والاقتصادية ذاتها، وربما تكون تأخرت في اتخاذ الإجراءات الاحترازية ... تزايد أعداد المصابين في هذه الدول، وفقاً لمتوالية هندسية، دفع وزير الصحة السعودي على سبيل المثال، إلى عدم استبعاد أن تتخطى الإصابات في بلاده في غضون بضعة أسابيع حاجز المائتي ألف إصابة.
 
ما الذي يدفع دولاً لإخفاء الأرقام الحقيقية عن أعداد المصابين لديها؟
سياسياً، الاعتقاد السائد لدى قياداتها بأن الاعتراف بتفشي المرض، قد يصيب صورة الزعيم أو "شرعية النظام" بشرخ عميق، ويضعف من هيبته ويبدد الهالة التي يحيط بها نفسه، مع أن الفيروس اللعين لم يبق واحدةً من الدول الأعظم، دون أن يصيبها في مقتل ... هي "ثقافة العيب" التي تمنع دولاً، كما تمنع أفراداً، من الاعتراف بالإصابة والتقدم للمعالجة، وقبل فوات الأوان.
 
"التهوين" من خطر الفيروس و"التهويل" به، يندرج بدوره في إطار "المعالجة السياسية" لكارثة كورونا ... نتنياهو أجاد لعبة "التهويل" وانتهى إلى حكومة طوارئ ستعلن قريباً برئاسته، بعد أن كاد يخرج من "التداول السياسي" وبات على مبعدة خطوة أو اثنتين من المحكمة ... في المقابل، كان "التهوين" تكتيك ترامب المفضل لتفادي اتخاذ قد تؤثر على حملته الانتخابية الرئاسية، قبل أن يجبره الفيروس "اللا-مرئي" على الرضوخ لإملاءاته.
 
اقتصادياً: تخشى دولٌ على اقتصاداتها القائمة على العمالة والاستثمارات "الوافدة" كدول خليجية على سبيل المثال، أو على السياحة (تركيا ومصر مثالاً) ... خشيةٌ دفعت هذه الدول للتأخر في تقديم نذور الاعتراف، واتخاذ ما يلزم من إجراءات ... لكن هذه الدول، ستجد نفسها مرغمة على اتخاذ إجراءات أشد قسوة، وفي ظروف غير مواتية، لإدراك ما يمكن تداركه.
 
السياسة لا تتحكم بسلوك دول وحكومات حيال الجائحة فحسب... بل ستتدخل كذلك في "تصميم سياساتها في مرحلة "ما بعد كورونا" .... إذ من المتوقع أن تحاول بعض حكومات منطقتنا تحويل إجراءاتها المؤقتة، إلى سياسات دائمة ... فإطلاق قنابل الغاز على متظاهرين في الخرطوم تجمعوا لإحياء ذكرى أحد أيام ثورتهم المجيدة، يعطي مؤشراً على ما يمكن أن تكون عليه سياسات "المجلس السيادي" في المستقبل، واعتقال عدد من الصحفيين والمعارضين في تركيا بحجة تثبيط الهمم في مواجهة الجائحة، هو استمرار لسياسة تصفية الحساب مع الخصوم بذريعة الجائحة، وستظهر لنا قادمات الأيام مزيداً من السياسات والإجراءات التي تندرج تحت خانة "تحويل المؤقت إلى دائم" و"الطارئ إلى مُستدام".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا إقليمياً  المخفي أعظم كورونا إقليمياً  المخفي أعظم



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib