الدوحة لا تقبل بالقليلماذا عن أبو ظبي والرياض

الدوحة لا تقبل بالقليل...ماذا عن أبو ظبي والرياض؟

المغرب اليوم -

الدوحة لا تقبل بالقليلماذا عن أبو ظبي والرياض

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

تحولت العاصمة القطرية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، إلى قِبلة جديدة للحجيج الأمريكي – الأوروبي – العالمي...لم يبق مسؤول أمني – عسكري أو سياسي واحد في عواصم الغرب عموماً، إلا ويَمم وجهه شطر الدوحة، وكال لها الثناء والمديح وقرأ على مسامع كبار المسؤولين فيها، آيات من التقدير والامتنان...مثل هذا الإنجاز، لا تحظى به الدوحة عادة، بل وليس في متناول أية عاصمة عربية أو إقليمية أخرى.

ولكي نضع الأمر في سياقه، لا بد من الإشارة إلى ما سبق لنا أن وصفناه على أنه عملية "إعادة تعريف" لدور قطر الإقليمي والدولي، بوصفها "وسيطاً" في الأزمات، وليست طرفاً خشناً فيها، وباعتبارها "منصة" للحوار و القنوات التفاوضية الخلفية، بعد أن كانت "غرفة عمليات" تُدار منها أعنف وأطول "حروب الوكالة" التي ازدهرت في طول الإقليم وعرضه مع اندلاع انتفاضات "الربيع العربي" وثوراته.

هذه "النقلة" في الموقف والموقع القطريين، تليق بدولة صغيرة تتوفر على موارد كبيرة، ولقد رحبنا بها، ولطالما دعونا كلٍ من قطر والإمارات على حد سواء للأخذ بها...فالقوة الناعمة، قوة الوساطة و"المساعي الحميدة"، هي التي تعطي بلداً شقيقاً كقطر، مكانتها واحترامها الدوليين، في حين أن طموحات الهيمنة والأدوار الإقليمية الفائضة عن قيود الجغرافيا والديموغرافيا، لم تكن ضرباً من "أضغاث الأحلام" فحسب، بل وكانت مكلفة للغاية، ووضعت الدولة الصغيرة، في قلب دائرة استهداف رسمي وشعبي على امتداد العالم العربي من مائه إلى مائه.
لكن والحق يُقال، أن قطر نجحت في كلتا الحالتين في أن تكون "محوراً" و"محركاً"، لكأن الدوحة تأبى القبول بالقليل، ولقد ساعدها على ذلك، توفرها على ذراعين طويلين وقويين جداً: المال والإعلام، إلى جانب ذراعا الدبلوماسي المرن والطويل والذكي كذلك...وأحسب أن قول هذا "الحق" لا يكتمل من دون التشديد على أن مكاسب الدوحة من دورها "الناعم" تفوق بكثير أي مكسب قد تكون حققته باعتماد "القوة الخشنة" و"السياسة التدخلية"، هذا إن كانت هناك مكاسب من أي نوع.
وإذ تحولت أفغانستان إلى "الأزمة الدولية الأهم" منذ غزوتي أفغانستان والعراق، المترتبتين على غزوة "منهاتن"، فإن قطر بما لها من علاقات مسبقة مع طالبان والولايات المتحدة، ستجد نفسها "عاصمة للحراك السياسي والدبلوماسي العالمي"، ومحطة إلزامية لكل من أراد البحث في أي شأنٍ من شؤون هذه الأزمة وشجونها، والمرجح أن يظل الحال كذلك لسنوات قادمة، طالما أنه من غير المنظور إيجاد فرص سريعة لتجسير فجوة الخلاف الدولي مع طالبان، وجسر فجوة الغذاء والدواء التي تعتصر معظم الأفغان، وتتهدد بلادهم ومحيطهم والعالم، بحالة من انعدام الأمن والاستقرار.

ولا تكف الدوحة عن تقديم نفسها كوسيط "نزيه" في نزاعات إقليمية ودولية من "العيار الثقيل"، مدفوعة بـ"قصة نجاح" أفغانية، فهي تتقدم من الرياض وطهران بعرض وساطة، ولا تستبعد دورها كناقل رسائل بين حماس وواشنطن، وبين حماس وإسرائيل، وهي سبق لها أن احتضنت حوارات وتفاهمات فلسطينية داخلية، وعلى أرضها أُنجز اتفاق الدوحة اللبناني، وليس مستبعداً أن تحذو فصائل وحركات حذو طالبان في السير على خطى "التفاوض" من أجل الوصول إلى السلطة في بلدانها، بموازاة "كفاحها" أو "جهادها" المسلح لتحقيق هذا الغرض...هذه الحالة لا تقتصر على حماس، بل قد تمتد لهيئة تحرير الشام وربما إلى الشباب الصومالي، وهي حركات ليست بعيدة كثيراً عن طالبان، فيما ديناميات الحرب على الإرهاب مرشحة لأن تأخذ منحى جديداً في ضوء مفاعيل "مبدأ بايدن" في السياسة الخارجية وسابقة "السيناريو الطالباني".

وإذ يثير النشاط القطري المحموم، سؤالاً حول "الدور السعودي" الغائب أو المُغيّب، فإن عوامل المنافسة ومشاعر "الغيرة" تكاد تأكل جارتها وشقيقتها "اللدودة": الإمارات، التي يسعى إعلامها جاهداً، وغالباً بصورة مثيرة للشفقة، للحاق بالركب القطري، والحصول على "حصة ما" من كعكعة الإشادة والمديح والثناء...لكن أبو ظبي، بخلاف الدوحة، تحصد نتائج متواضعة للغاية، وتكاد تخرج من المولد بحفنة قليلة من الحمص.
ولقد شهدنا على مسعى إماراتي لاستلحاق ما يمكن استلحاقه، إن بتسيير قوافل مساعدات لأفغانستان أو عرض ملاذات آمنة لأشرف غني وكبار أركان نظامه المنهار، أو في انفتاحها المفاجئ، رفيع المستوى، على كل من الدوحة وأنقرة...الإمارات أيضاً، وبخلاف السعودية هذه المرة، تتميز بمرونة دبلوماسيتها، وهي تنعطف بسرعة أي مركبة صغيره بدرجة 360 درجة، وربما حول نفسها، في حين تقتضي السعودية، "القاطرة والمقطورة" لمساحة أكبر وزمن أطول، لاستحداث استدارة مماثلة...على أن الخلاف الناشئ والتوتر الملحوظ في العلاقات بين الرياض وأبو ظبي، أو بالأحرى بين نيوم ودبي، قد يسرّع حركة الدولتين الحليفتين في "عاصفة الحزم"، نحو مزيدٍ من التحولات والاستدارات، كما أن "الشيك الأمريكي الممهور بخاتم ترامب على بياض" لزعيمي البلدين، لم يعد صالحاً، بل وبات شيكاً من غير رصيد، وهذا أمرٌ له ما بعده.

على أن التحولات القطرية ما زالت تقف عند أبواب دمشق، فالموقف القطري من الأزمة السورية ما زال على حاله قبل عشر سنوات، وهو أمر سيكبل الدور القطري الجديد، ويضع عوائق وعراقيل في طريق تطويره ومدّه على استقامته...في حين أن الموقف الاستئصالي الذي تتبناه أبو ظبي من مختلف حركات الإسلام السياسي، الإخوانية بخاصة، سيظل يشكل كابحاً لتحولاتها اللاحقة، وقيداً على مساعيها اللحاق بالركب القطري...أما الانكفاء السعودي، فيحتاج لبحث آخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدوحة لا تقبل بالقليلماذا عن أبو ظبي والرياض الدوحة لا تقبل بالقليلماذا عن أبو ظبي والرياض



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
المغرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib