هل يعيد كوفيد 19 المنطقة سبع سنوات للوراء

هل يعيد "كوفيد 19" المنطقة سبع سنوات للوراء؟

المغرب اليوم -

هل يعيد كوفيد 19 المنطقة سبع سنوات للوراء

بقلم -عريب الرنتاوي

بذلت البشرية جمعاء، جهوداً جبارة للتصدي لظاهرة الإرهاب والعمل على تدميرها في حواضنها الاجتماعية، والقضاء على مؤسساتها وأدواتها، وانتزاع الجغرافية الواسعة التي تمددت فوقها مقتطعة مساحات كبيرة من سوريا والعراق، غير آبهة بخطوط سايكس – بيكو ولا بقواعد "ويستفاليا".
 
بمعزل عن اتهاماتها المتبادلة، لعبت الدول والمعسكرات المتصارعة أدواراً متكاملة ومتنافسة في التصدي للظاهرة ... التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، نجح في تدمير "دولة الخلافة" الداعشية في الشمال السوري الشرقي والعراق، وبتعاون مباشر وغير مباشر، من قبل طهران وحلفائها في العراق ... والتحالف الروسي – الإيراني – السوري، استكمل المهمة في سوريا، فضلاً عن نجاحه المتميز في تصفية النصرة وحلفائها في مناطق واسعة من سوريا، وحشرها في مثلث إدلب الضيق، الذي يعد آخر وأكبر معاقل التنظيم وحلفائه.
 
هذه الإنجازات جميعها، والتي جعلت عالم اليوم أكثر أمناً، تبدو مهددةً على نحو غير مسبوق، ومن قبل عدو غير مرئي: فيروس كورونا الخبيء والخبيث ... ذلك أن العالم بدوله ومحاوره ومعسكراته، يبدو اليوم مشغولاً من رأسه حتى أخمص قدميه، بمواجهة الجائحة ووقف انهيار أنظمته الصحية، والاستعداد لمجابهة مرحلة "ما بعد كورونا".
تُعطي هذه الانشغالات التنظيم الذي نظر للوباء بوصفه عقاباً إلاهياً للكفرة والمنافقين والمرتدين، الفرصة لإعادة لملمة صفوفه، وبناء قدراته، وإحياء شبكاته وخلاياه ... تعطي مرحلة "ما بعد كورونا" للتنظيم وشقيقاته وأشقائه، وفي كل مكان، فرصاً أوسع للتجنيد والتعبئة والتحشيد، مستفيداً من فشل كثير من الحكومات في احتواء الجائحة، والاعداد المتزايدة من العاطلين عن العمل والمفقرين جراء الانهيارات الاقتصادية المتلاحقة والمتسارعة لاقتصادات كثير من البلدان.
 
تحت جنح كورونا، نجح "داعش" في تنفيذ سلسلة من العمليات الجريئة ضد الجيش والأجهزة الأمنية والحشد الشعبي في المحافظات الشمالية والشرقية للعراق ... وتحت مظلة الفيروس اللعين، نجح التنظيم في تنفيذ هجوم مباغت ضد الجيش السوري وحلفائه في بلدة السخنة في بادية حمص الشرقية ... قبل كورونا، وفي أثنائها، يعمل التنظيم وغيرها من الجماعات الإرهابية على "التعافي" من نتائج الحرب الكونية على الإرهاب، العمليات في سيناء مستمرة، ومنطقتي الساحل والصحراء والقرن الأفريقي، عرضة لمزيد من الأنشطة الإرهابية ... الإرهاب يسعى في "ملء فراغ" الحكومات والأنظمة والجيوش والأجهزة الأمنية التي تنتشر في الشوارع والميادين، وتتولى على نحو متزايد أمور البلاد والعباد في عدد متزايد من الدول، المتقدمة والنامية، سواء بسواء.
 
وليس التنظيم الإرهابي وحده من يسعى في "ملء الفراغ"، سيما حين تتسع الفجوة بين الحكومات وشعوبها، ويتكشف فشل كثيرٍ منها في قادمات الأيام، إن لجهة العجز عن مواجهة الانهيارات الصحية، أو لجهة الإخفاق في مواجهة ذيول الجائحة الاقتصادية والاجتماعية ... ليس مستبعداً أن تقفز حركات الإسلام السياسي، على اختلاف مرجعياتها المذهبية ومدارسها الفكرية، لـ"ملء الفراغ" وهي صاحبة الخبرة التاريخية المتراكمة، والتنظيم الأجود من بين جميع خصومها ومجادليها من التيارات الأخرى، مستفيدة من تفشي الفقر والبطالة، المرجح أن يكون كارثياً على العديد من الدول والمجتمعات.
 
كورونا قد يفضي إلى أعادة تاريخ المنطقة سبع سنوات إلى الوراء على الأقل، إلى مرحلة ما قبل انهيار "دولة داعش" في "سوراقيا"، ومرحلة ما قبل الثلاثين من يونيو/ حزيران 2013، وقد يحبط جهود العديد من الدول التي انخرطت بنشاط، واستثمرت المليارات، إن في محاربة الإرهاب أو في مواجهة "الإسلام السياسي"... فيروس صغير وميكروسكوبي، قد يطيح بجهود دول كبيرة وصغيرة، ومن حيث لم تحتسب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يعيد كوفيد 19 المنطقة سبع سنوات للوراء هل يعيد كوفيد 19 المنطقة سبع سنوات للوراء



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 12:24 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة

GMT 15:04 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي "شمس وقمر"
المغرب اليوم - شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط الإيراني يسجل أعلى مستوى أسعار للصين في 5 سنوات

GMT 08:54 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

البيتكوين تسجل مستوى غير مسبوق وتتجاوز مستويات 75 ألف دولار

GMT 00:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إيرادات مصر ترتفع 45% بالربع الأول من العام المالي

GMT 00:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أمريكا تمر بعجر تجاري يتسع بشكل حاد في سبتمبر

GMT 08:34 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولار يرتفع وسط تقارير عن تقدم ترامب في انتخابات أميركا

GMT 21:20 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع

GMT 23:55 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

"وول ستريت" ترتفع مع إدلاء الناخبين الأميركيين بأصواتهم

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يهبط مع ترقب المستثمرين نتيجة الانتخابات الأميركية

GMT 05:44 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الصين تقفز 12.7% ‏
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib