خواطر أردنية بامتياز

خواطر أردنية بامتياز

المغرب اليوم -

خواطر أردنية بامتياز

بقلم : عريب الرنتاوي

نحن من أكثر دول العالم، إن لم نكن أكثرها على الإطلاق، التي لا يستوي فيها المسؤول على مقعده ردحاً طويلاً من الزمن، حكوماتنا تتغير و”تتعدل” بسرعات قياسية، وكبار المسؤولين في المواقع السيادية يأتون ويروحون قبل أن نتمكن من حفظ أسمائهم والتعود على طلاتهم، ومع ذلك، فنحن من أكثر شعوب العالم، إن لم نكن أكثرها على الإطلاق، التي تأخذنا الدهشة حين يترجل مسؤول ويأتي آخر، لكأننا نؤخذ على حين غرة، فنشرع في التفسيرات والتأويلات، ونجد في “تلبيس” أي حركة التنقلات أبعاداً سياسية لا تحتملها، وغالباً من نسج خيالاتنا.

ومع أن السنوات الخمس الأخيرة، شهدت درجة أعلى من الاستقرار، ونشأت بنتيجتها معادلات جديدة (عر 4 x 4 ) في إشارة لتزامن ولاية الحكومة بالمجلس النيابي، إلا أن “التغيير” هو “الثابت” الوحيد في حركة المناقلات التي تكاد لا تنقطع، ولدى كل واحد منا قصصاً وحكايات عن المسؤول الذي “لم يسخن الكرسي الذي جلس عليه”، ولا هو عرف لماذا جاء وكيف انتهى مشوار عطائه الطويل، بل وربما لا نعرف هل استقال الرجل ام أقيل.

يخرج وزير من الحكومة، فنرد ذلك لرهاناته وصداقاته مع “الديمقراطيين”، بمعنى أنه لم يعد صالحا لشغل المنصب مع مجيء الجمهوريين إلى الحكم مع ترامب ... يخرج مسؤول أمني من منصبه، فنرد السبب إلى اعتذار العاهل المغربي عن الالتحاق بالقمة ... من دون أن نسأل أنفسنا، وهل من سبق هؤلاء، قضوا في المنصب أكثر منهم؟ ... لماذا الدهشة إذن، ولماذا البحث بـ “سراج وفتيلة” عن أسباب “عميقة وجوهرية” للاستقالة ؟

ولا نريد هنا أن نتوقف مطولاً عند العادة المرذولة التي درج عليها كثيرون منّا ... نستقبل القادم بأسمى آيات التبريك والثقة بقدراته الخارقة على ملء كرسيه، ونودع المرتحلون عن مواقعهم بأقذع عبارات الهجاء، بل وبتكسير ما تيسر من “جرار الفخار”، في احتفالية ساذجة ومتملقة بنهاية عهد وبدء عهد آخر.

والمؤسف أننا نعود لممارسة الطقوس ذاتها، حتى حين يجري “تدوير” مسؤول سبق لنا أن هجوناه، فلا مشكلة لدينا حين ينتقل المسؤول السابق إلى تولي وظيفة جديدة، حتى وإن “أستُلّ” من أرشيف الوزراء والمسؤولين السابقين ... “في الحركة بركة” هذا هو ديدننا، وصدور الأردنيين باتت أضيق من أن تحتمل رؤية المسؤول ذاته، وقد استوى على مقعده، لفترة من الزمن ... باتت أخبار المناقلات والتعيينات والإحالات على التقاعد والاستقالات، مادة طريفة نقتل بها يومياتنا الرتيبة، وتوفر لبعضنا “نافذة فرص” لملء الشواغر، حتى وإن اضطر لقضاء أيام بلياليها، منتظراً “المكالمة الأهم” في حياته.

وشيئاً فشيئاً تنشأ لدينا “عادة جديدة” مفادها الاشتياق للمسؤولين السابقين والحنين إلى عهودهم الغابرة، ربما تعبيراً عن الضجر، وربما تعبيراً عن الخيبة ... ويجري التعبير عن هذه العادة بالحديث عن “زمن الرجال الرجال”، لكأن هذا الصنف من المسؤولين لا يأتي إلا في فترات نادرة من التاريخ، أو أن النساء الأردنيات لم يعدن ينجبن “رجالاً رجالاً” بل “رجالاً نص كم” ... مع أن كثير من مشاكل يومنا، هي امتداد متفاقم لمشاكل أمسنا، وأمسنا دائماً هو زمن “الرجال الرجال”، بخلاف حاضرنا.

ولأن الأردنيين، لا ناقة لهم ولا جمل، في اختيار مسؤوليهم وعزلهم والمجيئ بغيرهم، فإنهم دائمو الشكوى والتذمر، فإن جاءت التعيينات بجيل شاب مفعم بالحيوية، قيل أنه جيل “الديجيتال” و”الليبرالية المتوحشة”، وإن جيء ببعض المخضرمين، قيل أن التاريخ توقف عن “الحرس القديم”، وأن ثمة من يريد أن يُحي العظام وهي رميم ... وفي مطلق الأحوال، فإن أي عضو جديد في نادي كبار المسؤولين، لا بد أن يخضع لامتحان عسير عن أصله وفصله وعلاقاتها وقراباته وأنسبائه، لكأنه تحليل “دي أن إيه”، يتعين عليه المرور به، وان يجتازه بنجاح، والنجاح في حالات كهذه، نسبيٌ للغاية، فمن هو جيد لفريق قد لا يكون كذلك لفريق آخر، طالما أن المؤهلات والجدارة، ليست الحكم الفصل في تحديد موقف الرأي العام من الموظف العام.

ولأننا نفضل التغيير بالجملة، ولا نحبه التقسيط أو المفرق، فإن سيول التكهنات تبدأ بالتدفق، ما أن يجري تغيير في هذا الموقع أو ذاك، فمن قائل بأن الأمر لن يتوقف هنا، وأن ثمة “نفضة شاملة” ستشهدها البلاد، وأن هذا التعيين ليس سوى أول الغيث، قبل أن ينهمر ... ثمة ما يشدنا دائماً لانتظار سيل التغييرات والتعينات والتبدلات.

والحقيقة أنني أفهم أن يصدر هذا الشغف والتعلق، عن أشخاص مرشحين لتولي مناصب عامة، أو مدرجين على قوائم الانتظار لملء الشواغر، لكن العدوى انتقلت على ما يبدو لفئات أوسع، فترى الجميع منخرطا في لعبة التكهنات وبناء السيناريوهات، وبحماس لا يصدر إلا عن “صاحب مصلحة”، ومعظم من يحدثوك في هذا الشأن، ليسوا من هذه الفئة على الإطلاق، ولا هم قريبون منها.

صحيفة : الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر أردنية بامتياز خواطر أردنية بامتياز



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي
المغرب اليوم - حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib