المحاور العشرة للسياسة الأردنية حيال القدس والمقدسات

المحاور العشرة للسياسة الأردنية حيال القدس والمقدسات

المغرب اليوم -

المحاور العشرة للسياسة الأردنية حيال القدس والمقدسات

بقلم - عريب الرنتاوي

عشرة محاور رئيسة، تمركز حولها خطاب السياسة الخارجية الأردنية حيال مسألة القدس والأقصى والمقدسات، تظهّرت على نحو جلي في أدائها خلال الأسابيع الثلاثة التي بدأت بإغلاق الحرم القدسي الشريف، مروراً بالهبّة الشعبية المباركة وانتهاء بعودة إسرائيل عن خطواتها الاستفزازية الوقحة... وإذا كان الملك عبد الله الثاني، عرض لهذه المحاور بالتلميح والإيجاز في اتصالاته وتصريحاته، فإن وزير الخارجية أيمن الصفدي قد تناولها تفصيلاً أمام وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، وفي العديد من المنتديات والتصريحات و”التغريدات”:
المحور الأول: ويقوم على مسلمة أن أي عبث بالمسجد وحرمه (144 ألف متر مربع)، هو بمثابة لعب في النار، وأن هذه النار لن تحرق حقوق الفلسطينيين والرعاية الهاشمية، بل ستحرق الأيدي الإسرائيلية العابثة كذلك، وستشعل حرباً دينية، أين منها ما حصل حتى الآن من معارك وحروب وانتفاضات على امتداد المائة عام الفائتة.
المحور الثاني: أن الفضل الأول في إرغام إسرائيل على التراجع عن خطواتها الاستفزازية والعدوانية في المسجد ومحيطه، إنما يعود للشعب الفلسطيني وأهل القدس بخاصة، وأن الجهد الدبلوماسي الأردني الذي بذل مع اندلاع الأزمة، إنما جاء مكملاً وداعماً ومسانداً.
المحور الثالث: أن الدبلوماسية الأردنية لم تتحرك منفردة في مختلف مراحل الأزمة، بل نسقت خطواتها لحظة بلحظة وساعة بساعة مع القيادة الفلسطينية وعلى مختلف المستويات، فكان الأداء متناغماً ومتكاملاً، وإن كان ثمة من تقديرات أخرى لأطراف أخرى، نابعة من سوء الفهم أو النوايا، فإنها لم تفلح في تغيير المشهد أو التأثير على الصورة ... فالقدس بما فوقها وتحتها من إرث إنساني وديني وتاريخي، هي مدينة الفلسطينيين وعاصمة دولتهم المحتلة، اما الدور الأردني، فيتلخص في رعاية المقدسات، حتى لا تقع لقمة صائغة في فك الأطماع الإسرائيلية، ودائماً بالاتفاق والتنسيق مع القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني... في هذا السياق، تتحرك الدبلوماسية الأردنية على خط إشراك الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، في الرقابة على حسن التزام إسرائيل بإدامة الوضع التاريخي والقانوني للمسجد وأكنافه، وتؤكد على وجود أن يكون الشريك الفلسطيني حاضراً على قدم المساواة في أية ترتيبات وإجراءات ستتخذ لضمان عدم تكرار ما حدث في الرابع عشر من تموز/ يوليو الماضي.
المحور الرابع: الأزمة وضعت أوزارها، لكن أطماع إسرائيل لم تتوقف ولم تتلاش، فبعد رفع الإجراءات الإسرائيلية عن بوابات الحرم، جرى تنظيم أوسع عمليات اقتحام للمسجد منذ احتلاله، من قبل قطعان المستوطنين، ونحن موعودون بأزمات لاحقة، طالما ظلت العقلية الاحتلالية التوسعية هي المهيمنة على مؤسسات صنع القرار والسياسة في إسرائيل، وأن الأردن يتحضر منذ اليوم، أو بالأحرى منذ الأمس، لجولات قادمة من المواجهة مع السلطات الإسرائيلية، حول المواضيع ذاتها، وفي الساحات ذاتها... والجهد الأردني موصول لجهة تحضير الملفات لعرضها على المنتظم الدولي بمختلف أذرعه ومؤسساته، أو لمواكبة ما يجري على الأرض من تعديات وانتهاكات من قبل السلطات والمستوطنين سواء بسواء.
المحور الخامس: سيقبى الحال على هذا المنوال طالما ظلت إسرائيل على موقفها وسياساتها المعادية للسلام، المتنكرة لحقوق شعب فلسطين في الحرية والاستقلال، وأن الحل الوحيد الذي سيُخرج المنطقة، وليس القدس وفلسطين فقط من عنق الزجاجة الذي يعتصرها، إنما يتمثل في إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من بناء دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل ودائم لمختلف قضايا الحل النهائي، بما فيها قضية اللاجئين.
المحور السادس: أن هبّة القدس والأقصى، أعادت التأكيد على المقاربة الأساسية في الخطاب السياسي الأردني، والقائم على أن القضية الفلسطينية، هي لبّ الصراعات ومصدر عدم الاستقرار في المنطقة والإقليم، وأنها أم القضايا وجذر كل النزاعات في المنطقة، ومن دون حلها لن يكون هناك أمن ولا استقرار ولا تنمية في هذا الإقليم المضطرب، ولن يكتب النجاح لدول المنطقة وشعوبها في التصدي على نحو فعّال وجذري لتفشي ظواهر الإرهاب ومظاهر التطرف في مجتمعاتنا.
المحور السابع: أن القدس والمقدسات، وإن كانت قضية أولى للفلسطينيين من منطلق السيادة والاستقلال، والأولى للأردنيين بموجبة الرعاية والوصاية والدور التاريخي وعلاقة الأخوة مع الفلسطينيين، إلا أنها يجب أن تظل في صدارة أولويات النظام العربي والمنظومة الإسلامية والمجتمع الدولي، وأن الفلسطينيين والأردنيين، لن يكونوا قادرين وحدهم على تحمل أعباء المواجهة مع الاحتلال، من دون سند حقيقي داعم لهم ومساند لجهودهم، ولا يحق لأحد التنصل من مسؤولياته في هذا المضمار، ومن باب أولى لا يحق لأحد المضي بعيداً في ادعاءاته، إن لم تكن مقرونة بجهد حقيقي سياسي ودبلوماسي واقتصادي ومالي، داعم للقدس وصمود أهلها وصوناً لمقدساتها... الأردن ليس في سابق مع أحد ولا ينافس أحداً في هذا المضمار، بل يسعى لإطلاق جهد تكاملي عربي – إسلامي – دولي منسق لحماية المقدسات وصون الحقوق الفلسطينية.
المحور الثامن: الأردن سيواصل رعايته للمقدسات الإسلامية في المدينة المحتلة، رغم الأعباء والضغوط المترتبة على هذه المهمة، لا مطمع ولا مطمح في أي حق من حقوق الفلسطينيين، وإنما حماية للمقدسات من “فراغ” لن تملأه إلا إسرائيل، وسيكون حال حدوثه، فرصتها الثمينة لتمرير مخططاتها في ابتلاع المدينة وطمس إرثها الحضاري والديني وتغيير وضعها القانوني، وسيظل يعتمد الاستراتيجيات ذاتها التي اتبعها في أداء مهمته ودوره في هذا المضمار الحساس.
المحور التاسع: قضية فلسطين والقدس والمقدسات، قضية جامعة للعرب والمسلمين، واستتبعاً لكل الأحرار والشرفاء في هذا العالم، ولا يجوز بحال إدراجها في صراعات المحاور، أو تحويلها إلى سلعة في سوق التجاذبات الإقليمية، ولا تعريضها للخطر في لعبة المزايدات التي انتعشت في المنطقة في السنوات الماضية، فإن كان ثمة من قضية يمكن بناء توافقات عريضة حولها حتى بين الأطراف المختصمة، فهي هذه القضية، ولا يجوز بحال التفريط بمكانتها المتميزة هذه.
المحور العاشر: للقدس مرجعية صلبة في القانون الدولي ومقررات الأمم المتحدة بمختلف مؤسساتها وأذرعها، لا يجوز التقليل من شأنها أو التراخي في اللجوء إليها عندما تشتد الحاجة لذلك، وهي تشتد الآن، على أن الأمر بحاجة لجهد حقوقي ودبلوماسي وإعلاميمصاحب، في سياق عمل منسق فلسطينياً وأردنياً ابتداءً، وفي إطار المجموعتين العربية والإسلامية كحلقة ثانية للتحرك، ومع مختلف الأصدقاء والحلفاء في الحلقة الثالثة، فنزع الشرعية عن ممارسات إسرائيل وإجراءاتها في القدس، أمر ممكن، والأهم أنه امرُ مقلق للغاية لحكومة الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحاور العشرة للسياسة الأردنية حيال القدس والمقدسات المحاور العشرة للسياسة الأردنية حيال القدس والمقدسات



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء

GMT 22:53 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المغربي ينجح في اختراق جرائم العصابات المنظمة

GMT 23:47 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى علوي تستعيد ذكرياتها في الطفولة في "صالون أنوشكا"

GMT 06:26 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

عبود قردحجي يُؤكِّد أنّ 2017 ستكون مختلفة لمواليد "الجدي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib