البغدادي إن قُتل

البغدادي إن قُتل؟!

المغرب اليوم -

البغدادي إن قُتل

بقلم - عريب الرنتاوي

إن صحت الترجيحات الروسية حول مقتل زعيم الدولة الإسلامية «أبو بكر البغدادي»، فإن من المتوقع أن يكون التنظيم قد تلقى صفعة كبيرة، تضاف إلى سلسلة متلاحقة من الهزائم الكبرى التي تلقاها خلال الأشهر القليلة الفائتة، والأرجح أن أمراً كهذا ستكون له تداعيات هامة على حاضر التنظيم ومستقبله.

موسكو ليست واثقة مائة في المائة من خبر مصرع «الخليفة» لكن اللافت للانتباه أنها المرة الأولى التي تكشف فيها العاصمة الروسية عن قيامها بمطاردة الرجل واستهدافه ... والملاحظ إنها تريثت طويلاً قبل الكشف عن الخبر (أكثر من نصف شهر على الواقعة) ...  وأن العملية برمتها، إنما تأتي في سياق «التسابق» و»التنافس» بين الدولتين العظميين على «رأس الخليفة»، ومن المستبعد أن تكون العملية منسقة مع واشنطن، إلا بالقدر الذي يحفظ سلامة الطائرات الروسية فوق أجواء الرقة مدينة ومحافظة.

في العادة، تنجح تنظيمات من هذا النوع في اجتياز «امتحانات/ محن» من هذا النوع، سريعاً وبأقل قدر من الخسائر، وهذا ما قاله سيرجي لافروف على أي حال ... في الظروف الطبيعية، يجري ملء فراغ القيادة بقيادات بديلة مجربة ومؤهلة، وغالباً معترف بمكانتها في أوساط التنظيم وقواعده ... لكن الظرف ليس طبيعياً و»داعش» ليس في أحسن أحواله، واختلال قيادي بهذا الحجم، قد يكون أمراً له ما بعده.

«داعش» عسكرياً وجغرافياً ومؤسساتياً، ينهار على نحو سريع ومتسارع ... «خطره الاستراتيجي» ينحسر تماماً، ولم يعد قوة مهددة على الإطلاق، وإن كان «خطره الأمني» كامناً ومرشحاً للاستمرار لفترات طويلة قادمة ... وفي مناخات الهزيمة، تتكاثر الانقسامات والاتهامات المتبادلة وتتفاقم الخلافات بين رفاق السلاح، فالنصر كما يقال له «مائة أب» أما الهزيمة فيتيمة ... وهيهات أن ينجح التنظيم في ظرف كهذا، من الالتقاء على حول رجل واحد، أو على قلب رجل واحد، سيما وان التقارير السابقة، أشارت إلى وجود طبقات متراكبة من الخلافات داخل التنظيم، بين «فقهائه وشرعييه» من جهة، وبين هؤلاء وبعضٍ من مكوناته من وافدين ومحليين من جهة ثانية.

و»داعش» من جهة ثانية»دولة» تتسم بمركزية شديدة، شخصية «الخليفة» محورية في مبنى التنظيم وتركيبته ... وهو كـ «حجر سنمّار»، إن انتُزِعَ من مكانه، فإن كامل المبنى معرض للانهيار ... صحيح أن «الخليفة» يفوض بعضاً من صلاحياته لـ «أمرائه» في الأقاليم وعلى المحاور، لكنه صاحب التفويض، يمنحه لمن يشاء ويسحبه متى شاء ... وفي إطار التنظيم «الدولتي» فإن الخليفة لا نائب له، معترف به، ويمكنه أن يتقدم طلباً للبيعة على السمع والطاعة والولاء... ثم أن الخلافة بمجملها، باتت في مهب الريح، فهل سيصر التنظيم على «دولته» وتراتبيتها» وبيعتها كـ «خلافة إسلامية» أم أنه سيعود ثلاث سنوات إلى الوراء، أو أزيد قليلاً، ليرضى ويرتضي بأن يكون «مجرد» تنظيم جهادي آخر، إلى جانب العشرات من التنظيمات الجهادية ... هل سيقر «داعش» بانتهاء الخلافة وبقاء التنظيم، أم انه سيمضي في المكابرة والعناد حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

و»داعش» من جهة ثالثة، لا يعمل وحده على ساحة «سوراقيا»، فهناك تنظيمات منافسة، تحصد من الحقل ذاته تقريباً، والعلاقة بين الجهاديين في سوريا والعراق وغيرهما من الساحات، تقوم على نظرية «الأواني المستطرقة» ... أي هبوط في أسهم التنظيم سيفضي غالباً إلى ارتفاع في أسهم التنظيمات الجهادية الأخرى .... هنا يمكن القول، أن «جبهة النصرة» التي فقدت الكثير من مناطق نفوذها ومؤيديها بعد إعلان دولة «الخلافة» من الموصل صيف العام 2014، هي المرشح الأوفر حظاً لـ «وراثة» التنظيم وخلافته... النصرة، وإن كانت في وضع لا تحسد عليه، إلا أنها ما زالت تحتفظ بنفوذ شبه متفرد في معقلها وموطن إمارتها: إدلب ... وهي كذلك، ما زالت موضع رهان من قبل أطراف عربية وإقليمية، لطالما سعت في تأهيلها وتعويمها، لتكون مكوناً من مكونات المعارضة السورية، فتتحول من جزء من المشكلة إلى جزءٍمن الحل.

لكل هذه الأسباب، سيكون غياب البغدادي قتلاً في هذا التوقيت الحرج والظرف الحساس، أمراً شديد الأهمية في الحرب الدائرة على الإرهاب، بل وستكون له انعكاسات وخيمة على حاضر ومستقبل التنظيم من الصعب التكهن بها من الآن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البغدادي إن قُتل البغدادي إن قُتل



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 08:47 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر

GMT 02:26 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

احتياطيات ورأسمال بنوك الإمارات تتجاوز 136 مليار دولار

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ميناء طنجة المتوسط يحصل عل قرض من مؤسسة التمويل الدولية “IFC”

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة

GMT 21:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر

GMT 18:13 2023 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بلينكن يُعلن دعمه المستمر لكييف في الحرب الروسية الأوكرانية

GMT 05:00 2024 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 13 مارس/ آذار 2024
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib