نعم لـ اللا دولة واللا سيادة

نعم لـ "اللا دولة" و"اللا سيادة"

المغرب اليوم -

نعم لـ اللا دولة واللا سيادة

بقلم : عريب الرنتاوي

الأردن ليس دولة، ولا مستقلة ... هو قطعة أرض، ولا ندري إن كان عليها سكان، او لها أصحاب، ربما هي أرض بور أو أرض خلاء ... هكذا – بتصرف - وصف الرئيس السوري الأردن في حديثه الموسع مع "سبوتنيك" الروسية، قبل أن يسترسل بـ "فوقية" و"استعلائية" فائضتين على الحاجة، ولا تليقان بمن يحكم ما تبقى من خرائب سوريا وأطلالها، في كيل الاتهامات والإدانات للأردن.

"اللا دولة" الأردنية، نجت من "تسونامي" أطاح بدول وكيانات، من بينها سوريا ... "اللا دولة" تستضيف على أرضها مليون ونصف المليون لاجئ سوريا، هربوا إليها من نيران النظام تارة، ونيران من استجلبهم النظام بسبب سياساته الرعناء، التي لم تر بديلاً عن "الحلول الأمنية" سوى المزيد من "العسكرة" و"المعالجات الأمنية" تارة أخرى ... قطعة الأرض "اليباب" هذه، هي التي وقفت في مواجهة ضغوط كثيفة وكئيبة، وطوال أعوام، استهدفت إعادة نسخ تجربة الحدود التركية مع سوريا، وتمكين عشرات ألوف الإرهابيين والمتشددين من النفاذ إلى دمشق، ومن أقصر نقطة إليها.

الأردن ليس دولة، ولا مستقلة ولا سيدة، وصف يصدر عن رئيس لا يسيطر إلا على ثلث بلده، وعن "دولة سيدة" تخترقها "دزينة" من جيوش الدول الكبرى والصغرى، القريبة والبعيدة، أحالتها إلى ملعب مفتوح لتقاذف الكرات والمصالح والأجندات ... "دولة سيدة" لا يتحرك فيها ساكن، إلا بقرار من طهران وموسكو، سيادة ليس لها مثيل سوى "سيادة الشرعية اليمنية" على المقلب الآخر من خريطة المحاور المصطرعة في المنطقة... ومع ذلك، وبرغم ذلك، لا يشعر صناع القرار السيادي، بأي عقدة ذنب عن أي خطأ أو تقصير صدر عنهم – لا سمح الله.

ما ذنب الأردن، أن الإدارة الأمنية للأزمة السورية منذ بواكيرها الأولى، خلفت فراغاً في الأطراف امتد لقلب المدن، ومنها دمشق، قبل التدخل الإيراني ومن بعده التدخل الروسي ... فراغ ملأته جماعات مسلحة وقوى إرهابية من كل لون وجنس، كانت على مبعدة أمتار من القصر الجمهوري ذات يوم ... هل كان يتعين على الأردن، أن يقف مكتوف الأيدي حتى تنتقل الفوضى إلى داخله، أم أن "مقتضيات السيادة" أملت وتملي عليه، الانتقال إلى تحصين حدوده الشمالية، بدءاً من المحافظات السورية الجنوبية، وبالاعتماد على قوى، أبدت تجاوباً ملموساً مع مبادرات التهدئة (مسار أستانا) والحل السياسي (مسار جنيف)، وفي مواجهة مكشوفة ومفتوحة مع "داعش" و"النصرة".

هل الأردن مسؤول عن تآكل قدرة النظام على بسط "سيادته" على أرضه، وهل أخطأ الأردن عندما حصر جُلّ تركيزه لحفظ أمن حدوده الشمالية؟ ... ألم نفعل ذلك بنجاح في غرب العراق، زمن تحول الأنبار قاعدة لنفوذ الزرقاوي وجماعاته الإرهابية؟ ... أليس هذا هو "درس السيادة الأول"، و"ألف باء" مسؤولية الدولة، أو "اللا دولة" عن أمن حدودها وأراضيها ومواطنيها؟

لقد دعم الأردن حلاً سياسياً للازمة السورية، يحفظ وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها، وحدد قائمة مصالحه في جنوب البلاد المنكوبة بنظام ومعارضة على شاكلته ... لا مطرح للجماعات الإرهابية على مقربة من حدود الأردن، ولا ملاذ آمناً لهم هناك ... ولا تواجد للمليشيات والحرس الثوري وعناصر حزب الله على مقربة من الحدود الأردنية ... كانت تلك هي المقاربة منذ سنوات، وهي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا.

الجديد أن المعركة على "داعش" أخذت منحى جديداً، أو هي في طريقها إلى ذلك، خصوصاً بعد تحرير الموصل وتلعفر والرقة من سيطرة "دولة البغدادي" ... مع كل ما يحمله وضع مستجد كهذا من احتشاد فلول التنظيم في البادية الشرقية، وبما يهدد أمن الأردن والعراق وسوريا والسعودية على حد سواء ... القرار الأردني، المدعوم دولياً، والمفهوم روسياً، هو منع تحويل هذا المنطقة، إلى ملاذ آمن جديد للجماعات الإرهابية، وليس خافياً على أحد، أن الأردن كان يريد لأي عمل عسكري في مواجهة داعش على هذا المحور، أن يكون منسقاً مع موسكو، وهو سيناريو لم يسقط بعد، لكن منع وصول التنظيم إلى هذه المنطقة، ليس أمراً من النوع القابل للتأجيل، بانتظار حدوث التوافق الروسي الأمريكي، لكن الأمر المؤكد كذلك، أن عملاً من هذا النوع، لن يكون في مواجهة موسكو ولا أي من حلفائها.

أما إن كان في دمشق، من يعتقد أن استعادة هذه المناطق من أيدي داعش، سيتبعه تسليمها لـ"قوات الشرعية"، بغياب أي حل سياسي شامل للأزمة السورية، فتلك رهانات واعتقادات لا يمكن أخذها على محمل الجد، وإن كان النظام مخلصاً في دعواه إعادة بسط سيادته على جميع الأراضي السورية، فالبوابة إلى ذلك عبر "جنيف" و"الحل السياسي الشامل"، أما سياسة الهرب إلى الأمام، وافتعال الأزمات مع الجوار الأردني، فلن تفضي إلى أي نتيجة، ولن تخيف أحداً، دع عنك النظرة الاستعلائية التي ما زالت مستمرة بعد ست سنوات من سياسة التدمير الذاتي، التي أفضت إلى سقوط مئات ألوف القتلى وملايين النازحين واللاجئين، و"تقسيم سورياً واقعياً" إلى كانتونات ومناطق نفوذ، فضلاً عن قرابة الترليون دولار كلفة إعادة بناء ما خربته الحرب في سوريا وعليها.

أحسب أن 99.9 بالمائة من الأردنيين (على طريقة نتائج الانتخابات السورية)، سيصوتون لصالح "اللا دولة" و"اللا سيادة" و"اللا استقلال"، إن كانت كلفة هذه المفردات وتبعاتها، تعادل ما تكبده الأشقاء السوريين ...  وأحسب أن نسبة التصويت في سوريا ذاتها، لن تختلف عن هذه النتيجة، برغم الضخ الكثيف الذي لا يكل ولا يمل للشعارات التي لم تجلب نفعاً ولم تدرء ضُرّاً، وهل ثمة أشد إيلاماً من "الضرر والضرار" الذي خلفته السياسات المؤسسة على هذه الشعاراتية المفرغة من أي مضمون؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نعم لـ اللا دولة واللا سيادة نعم لـ اللا دولة واللا سيادة



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 08:47 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر

GMT 02:26 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

احتياطيات ورأسمال بنوك الإمارات تتجاوز 136 مليار دولار

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ميناء طنجة المتوسط يحصل عل قرض من مؤسسة التمويل الدولية “IFC”

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة

GMT 21:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر

GMT 18:13 2023 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بلينكن يُعلن دعمه المستمر لكييف في الحرب الروسية الأوكرانية

GMT 05:00 2024 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 13 مارس/ آذار 2024
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib