«جنيف 1» اليمني  خيارات التحالف الصعبة

«جنيف 1» اليمني ... خيارات التحالف الصعبة

المغرب اليوم -

«جنيف 1» اليمني  خيارات التحالف الصعبة

عريب الرنتاوي

يبدو أن لحظة الافتراق بين تحالف عاصفة الحزم من جهة والمجتمع الدولي من جهة ثانية، قد أزفت ... ما شهدته أروقة مجلس الأمن مؤخراً، يعطي مؤشرات على دنو هذه اللحظة، وما لم تجر مراجعة دقيقة لأهداف الحرب على اليمن وأدواتها، ربما تتسع شقة الخلاف والاختلاف، بل وقد يجد  التحالف نفسه، في حرج أمام “الشرعية الدولية”. في التفاصيل، شدد المجلس بإجماع قواه الأساسية على وجوب الذهاب إلى هدنة إنسانية بالحد الأدنى، المطلب الرئيس للمجلس هو تثبيت وقف إطلاق النار ... أمرٌ رفضته عواصم التحالف، بذريعة أن هذه المسألة يقرر بشأنها “الجنرالات” على الأرض وفي الميدان، ولقد رأينا ما الذي قرره هؤلاء، فبعد مداولات المجلس، اشتد أوار المعارك وتكثفت الغارات والخسائر، واتسع نطاق المجابهات. وفي التفاصيل ثانياً، أن المجلس يرغب في حوار يمني غير مشروط ... عواصم التحالف تسعى في جعل مضامين “إعلان الرياض” شروطاً مسبقة لاستئناف الحوار والمفاوضات، وما يتعذر عليها قوله مباشرة وعلى ألسنة الناطقين باسمها، تحيله إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي والناطقين باسمه، المستعدون دوماً للذهاب إلى أبعد نقطة ... وقد حصل هذا في مؤتمر الحوار اليمني في الرياض، الذي تبنى كامل الأهداف التي رسمتها “عاصمة الحزم” لنفسها في يومها الأول، مع أنها أوقفت عملياتها وانتقلت إلى “استعادة الأمل” .. ولا أدري ما الذي دفع المتحاورون اليمنيون في الرياض للاعتقاد بأنهم سيحصلون في الحوار وعلى موائده، على ما تعذر عليهم الحصول عليه، في ميادين القتال وساحاته. وفي التفاصيل ثالثاً، أن المجتمع الدولي يريد للحوار اليمني – اليمني، أن يلتئم في عاصمة محايدة، ولقد اقترحت جنيف لهذا الغرض، وتحت رعاية أممية أساساً ... هذا الموقف ينطوي على دلالتين اثنتين: الأولى، أن المجتمع الدولي، لم ير في مؤتمر الحوار اليمني في الرياض، الإطار المناسب لجمع كلمة اليمنيين وبناء توافقا عريضة فيما بينهم، طالما أنه كان بمثابة “مونولج” وليس “ديالوج” كما قلنا من قبل، وأنه – المجتمع الدولي -يعترف بوجود فريق ثانٍ، غائب ومُغيب على الحوار في الرياض يتعين إدماجه في حوارات جنيف ... أما الدلالة الثانية، فهي في الوسيط، وليس في العاصمة المضيفة للحوار، هنا يمكن القول أن الرأي المطالب بوساطة نزيهة وعاصمة محايدة قد انتصر. وفي التفاصيل رابعاً، أن الأمم المتحدة، وبإجماع أعضائها الرئيسين، تريد لإيران أن تكون جزءاً من الحل، حتى وإن سادت لدى بعضهم قناعة بأنها جزء من المشكلة ... وليس صدفة أن يتزامن إعلان بعض عواصم التحالف العربي بأن ليس لإيران مطرح في مفاوضات جنيف وحواراتها، مع إعلان الأمم المتحدة عن زيارة لممثلها في اليمن إسماعيل ولد الشيخ يقوم بها لإيران للبحث في مختلف أوجه الأزمة اليمنية ... يبدو أن الظروف التي لابست تغييب إيران عن “جنيف 1” في سوريا، قد تبدلت بعد “إعلان لوزان”، والمعلومات تؤكد أن اليمن كان أولى أزمات المنطقة الإقليمية، التي جرت التباحث بشأنها بشكل كثيف بين طهران وواشنطن. اللافت في الأمر، أن المواقف التي جرى التعبير عنها في مجلس الأمن، ومواقف الموفد الدولي والأمين العام، لا تنسجم مع منطوق القرار 2216، الذي انحاز بالكامل لرؤية عواصم التحالف العربي بقيادة السعودية ... لكان الأمم المتحدة وأعضائها الكبار، قررت أن تكون أول من يخرق نص وروح ذاك القرار، أو لكأن القرار في حينه اتخذ في سياق “المقاربة” الأمريكية حيال “عاصفة الحزم” والتي راوحت القراءات والتقديرات بشأنها ما بين “الدعم الخجول” و”فترة سماح” و”جائزة ترضية” ... الوقت قد نفذ سياسياً وعسكرياً، والمجتمع الدولي بدأ ينظر للأزمة اليمنية بوصفها “تصعيد فائض عن الحاجة”، يتعين احتوائه، قبل أن يلقي بظلاله الكئيبة والكثيفة على مختلف أزمات المنطقة ... ومن يقرأ التصريحات المنسوبة لكولن بأول لمحطة فوكس نيوز، يدرك بعضاً من أوجه الانقلاب في الموقف الدولي. على أية حال، لقد كان بالإمكان الحيلولة دون “تدويل” الأزمة اليمنية، لو أن الأطراف تواضعت في مطالبها، ورسمت سقوفاً أكثر انخفاضاَ لتوقعاتها، وقبلت على سبيل المثال لا الحصر، بوساطة “عمانية” وبدور لمسقط في استضافة الحوار ... لكن الحساسيات العربية ، فضلاً عن سوء قراءة وتقدير اتجاهات الموقف الدولي، قادتا إلى هذه النتيجة، ووضعتا دول التحالف أمام مفترق: إما الانسجام مع التوجه الدولي والقبول بحد أدنى من المطالب والتوقعات في اليمن، وأما معاندة الإرادة الدولية، والمقامرة بانقلاب المواقف والمواقع، فيظهر خصوم التحالف بوصفهم أنصار للإرادة الدولية ومحبين للسلام، في حين تظهر دول التحالف، بوصفها المسؤولة عن بقاء الجرح اليمني مفتوحاً ونازفاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جنيف 1» اليمني  خيارات التحالف الصعبة «جنيف 1» اليمني  خيارات التحالف الصعبة



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib