الديموقراطية بعاصفة الحزم لليمن السعيد بتقسيمه

الديموقراطية بعاصفة الحزم لليمن السعيد.. بتقسيمه!

المغرب اليوم -

الديموقراطية بعاصفة الحزم لليمن السعيد بتقسيمه

طلال سلمان


بين مؤتمر الطائف «اللبناني» ومؤتمر الرياض «اليمني» مسافة شاسعة هي تلك التي قطعها الطيران الحربي السعودي (المعزز بطيران التحالف الذي استحدث لنثر دماء اليمن ـ الضحية على مختلف القبائل الملكية في الخليج العربي الذي تمدد بسحر الذهب إلى المملكة المغربية..) في إغاراته اليومية التي تواصلت على امتداد شهرين على مختلف المدن والقصبات والقرى اليمنية فشملت بيوت الفقراء المحفورة في الصخر فضلاً عن المدارس والمستشفيات والمستوصفات والثكنات العسكرية التي صنفت «معادية»..
ثم أن السعودية كانت وسيطاً مقبولاً ومطلوباً في مختلف مؤتمرات الحوار بين الأطراف اللبنانيين، بدءاً بجنيف مروراً بلوزان وصولاً إلى الطائف الذي تولت رعاية نتائجه سوريا حافظ الأسد وهي التي أشرفت ـ وبالقوة حين لزم الأمر ـ على تنفيذه عبر إلزام «الأطراف» بالانضباط تحت سقف التسوية، وسط «مباركة» دول القرار في العالم أجمع.
بينما السعودية في اليمن، الآن، طرف بل الطرف الأساس في الاشتباك الداخلي، بل هي قوة محاربة ضد «مكونَين» لم تستطع إلغاءهما، ولن تستطيع أية صيغة للحل أن تتجاوزهما وكأن «عاصفة الحزم» قد أزالتهما من الوجود.
وثمة من يفترض، وبحق، أن التدخل السعودي العسكري المدمر قد جعل «التسوية» صعبة جداً، إن لم تكن مستحيلة.. خصوصاً وأن خصومتها (المعلنة بالدم) لبعض الأطراف الوازنة داخل اليمن قد أفقد «التسوية» شروطها المنطقية... فعاصفة الحزم قد نسفت جميع الجسور ممهدة لإعلان استمرار الحرب على طرفين أساسيين في الداخل اليمني، ونعني بالتحديد تنظيم «أنصار الله» (الذي تقصدت السعودية تقزيمه والتشهير به فأعطته اسم بعض مكوناته، أي «الحوثيين»!.) وما يسمى «المؤتمر الشعبي العام» الذي يتولى زعامته «الرئيس المخلوع» علي عبد الله صالح... هذا بغض النظر عن مدى التوافق أو الافتراق بين هذين التنظيمين إلى حد الخصومة التي تحولت إلى حرب حقيقية شنها صالح على «حليفه» المفترض (سعودياً) على امتداد ست سنوات طويلة..
وإنه لأمر طريف بل استثنائي أن يتولى الملوك والأمراء وأولياء العهود الإشراف على إعادة بناء «الجمهورية» التي ما زال طيرانهم يقصف مدنها وأريافها يومياً، وأن يختاروا لها النظام الاتحادي (استرضاءً للجنوبيين الذين ترعى المملكة المذهبة بعض قياداتهم «الانفصالية» منذ زمن بعيد، والذين قاتلوا تحت لواء «عاصفة الحزم» إخوتهم في الجنوب والشمال على حد سواء)..
الأطرف أن تتعهد السعودية ومن معها بأن تعيد بناء ما هدمته قذائف طيرانها الحربي ومدفعيتها، وكان أولى أن تتجنب تهديمه..
على أن ذروة المأساة ـ الملهاة أن تتعهد السعودية ومن شارك معها في «عاصفة الحزم» التي هدمت ما أمكنها من أسباب العمران في اليمن، بالمساعدة على بناء «دولة ديموقراطية».. بعدما صبرت «أكثر من ثلاثين عاماً على رأس نظام الحكم والذي أدخل اليمن في صراعات وحروب منذ 1994، طالت الجنوب والشمال، كما أدى سوء إدارة الحكم إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وتفاقم الأزمة السياسية إلى قيام الحراك في الجنوب سنة 2007، والثورة الشبابية في العام 2011..».
الوجهة، إذن، «دولة مدنية اتحادية من خلال التوافق بين مكونات الشعب في الشمال والجنوب»... وتجنيب اليمن أن تكون مقراً لجماعات العنف والتنظيمات الإرهابية «ومصدراً لتهديد أمن الدول المجاورة واستقرارها..».
أما الأهداف المباشرة فهي: «إنهاء عدوان قوى التمرد وإسقاط الانقلاب، ودعم وتنظيم المقاومة الرسمية والشعبية تحت القيادة الشرعية، وعودة مؤسسات الدولة الشرعية لممارسة مهامها، والحفاظ على النسيج الاجتماعي والحيلولة دون تفكك المجتمع اليمني وانزلاقه إلى صراعات وانقسامات اجتماعية على أسس مذهبية ومناطقية وجهوية..».
عظيم، ولكن هل تحقيق هذه الأهداف كان يتطلب حوالي ألفي قتيل وآلاف الجرحى ونصف مليون نازح، وشهرين من غارات الطيران الحربي على أسباب العمران في المدن والقرى، فضلاً عن منشآت الدولة ومقار الحكم؟
ومن فوّض السعودية ومَن معها أن تبني مستقبل اليمن عبر الحرب والنفخ في نار المذهبية والجهوية؟ وهل هي النموذج في الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين رعاياها؟
الإنجاز الأهم أن جمهور الرعايا في المملكة المذهبة قد سمع، على مدار الساعة، حديثاً عن الديموقراطية وعن الحرية وعن الشعب والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطن (في بلاد الآخرين الواقعة عند بابه)... هذا إذا لم تكن «عاصفة الحزم» قد أصمت آذانه عن سماع أي صوت ما عدا هدير طائرات الهدم والقتل التي مهدت «الأرض» لبناء الديموقراطية في اليمن السعيد.. بل الأسعد في الكون، في هذه اللحظة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديموقراطية بعاصفة الحزم لليمن السعيد بتقسيمه الديموقراطية بعاصفة الحزم لليمن السعيد بتقسيمه



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib