نحو كيانات لبنانية في الوطن العربي

نحو كيانات لبنانية في الوطن العربي؟!

المغرب اليوم -

نحو كيانات لبنانية في الوطن العربي

بقلم : طلال سلمان

ليس القلق طارئاً على «الكيان اللبناني» بتركيبته الطائفية التي استولدت قيصريا، مع نهاية الحرب العالمية، فتم تحويل «المتصرفية» إلى «جمهورية» أوسع مساحة (بعد ضم الاقضية الأربعة ـ بيروت والجنوب ومعظم البقاع ومعظم الشمال) مع حفظ حق المسيحيين بموقع القرار، كضمانة دولية تحفظ لهم امتياز الصدارة.

بل يمكن القول ان هذا «الكيان» قد عاش في قلب القلق، لفرادة وضعه الاستثنائي كجمهورية دستورها طائفي ومراكز القرار فيها تخضع لهندسة طائفية، ودائماً بذريعة وضعه الطائفي الخاص.

وبرغم ان حقائق الديموغرافيا قد فرضت نفسها على الصيغة الأولية التي ابتدعت للنظام السياسي لهذا الكيان الذي أقيم بضمانات دولية قوية، الا أن هيكلية الحكم حفظت للمسيحيين إضافة إلى موقع الرئاسة الأولى ما يمكن اعتباره حق الفيتو لكل ما يمكن ان يمس ما يرونه «حقوقاً» ثابتة بوصفها «ضمانات» في دولة هي الوحيدة ـ بين الدول العربية ـ التي يشكل فيها المسيحيون ـ وبالقيادة المارونية ـ نسبة وازنة...

ولقد راعى الشركاء المسلمون قلق إخوانهم المسيحيين فأسقطوا «الاعداد» من الحساب، متباهين بأنهم أكدوا ايمانهم بالأخوة الوطنية، معززة بالدعم العربي المفتوح على رعاية هذه «الحقوق» بوصفها توكيدا لوحدتهم الوطنية.

أي ان ذلك كله لم يكن تنازلاً بل فعل اخوة وتسليما بوحدة الشعب في هذه الدولة ذات الوضع الخاص.

وليست مصادفة ان لبنان كان بين الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية، وان رئيس وفده (الذي حمل التحفظات والملاحظات على ميثاق هذه الجامعة) كان مسيحيا مارونيا هو الراحل حميد فرنجية (وزير الخارجية آنذاك..).

في هذه اللحظة تلوح في الأفق مشاريع «لبنانات» أخرى في المنطقة.

لقد بات علنياً الحديث عن حقوق الطوائف في مختلف الدول العربية، ودول المشرق أساساً، بل ان الحديث يتركز الآن على «الحقوق» كشرط مسبق لإعادة «تركيب الدولة الجديدة» في أي من اقطار المشرق العربي، بينما يتخذ هذا الشرط لبوساً آخر في المغرب العربي ـ حيث تسود أكثرية من مذهب واحد ـ إذ يعتمد على اختلاف العناصر (في ليبيا، مثلا، البربر والزنوج ذوو الأصل الافريقي، فضلاً عن الطوارق)... وفي الجزائر العرب والبربر او الامازيغ، وهذا يمكن ان يمتد إلى المملكة المغربية)..
أما في اليمن فيتركز الحديث عن الاختلاف في المذاهب بين المواطنين وجميعهم مسلمون (زيود وشوافع فضلا عن الأقلية الإسماعيلية)...

الملفت ان تأثير الطائفية على الدولة يتناول الجمهوريات العربية، في اللغط الدائر الآن، أساساً وعلى وجه التحديد، بينما يغفل الحديث عن الممالك، كأنما الملكية تعطي رعاياها الضمانات التي يفتقدها رعايا الجمهوريات.. فخارج البحث دول مثل الأردن والسعودية وامارات الخليج وصولا إلى سلطنة عمان، برغم ان التركيبة السكانية في هذه الدول تتضمن اتباعا لمذاهب عدة، ولو كأقليات الا في السلطنة حيث يسود المذهب الاباظي..

هل يعطي النظام الملكي لرعاياه ضمانات ثابتة وغير قابلة للنقض في حين ان النظام الجمهوري هو مصدر الخطر على الرعايا مختلفي المذاهب وان كانوا في اتم الإخلاص للدولة ونظامها يرون فيه ابسط شروط كرامتهم وضامن حقوقهم التي هي حقوقهم وليست منّة او تفضلاً عليهم او هبة ملكية، ومصدرها الحقيقي انتسابهم للأرض.. فضلا عن انهم شرط قيام الدولة!
أم ان الأنظمة الجمهورية حكمت بقادة اعتبروا أنفسهم اباطرة وتسببوا في تشويه بل مسخ الجمهورية بحيث صاروا ملوكا ولا مُلك وصيروا «شعبهم» مجرد قطيع من الرعايا بلا حقوق في دولهم التي تحولت إلى «ملك خالص» لقائدها المفدى الذي اوجدها من عدم ورعى وجودها حتى إذا ما رحل رحلت معه وبقي رعاياها في تيه الضياع؟!
ووقائع الميادين التي تطفح بدماء الرعايا، والتي باتت «قضايا دولية ساخنة» تستوجب تدخلا قد يبتدع لهذه المنطقة صيغا أخرى لدولها، بوجودها وليس بأنظمتها فحسب!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو كيانات لبنانية في الوطن العربي نحو كيانات لبنانية في الوطن العربي



GMT 00:27 2022 السبت ,23 إبريل / نيسان

في وداع لبنان

GMT 09:30 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

كيف الخلاص من .. الشيكل ؟

GMT 03:30 2017 الإثنين ,10 تموز / يوليو

عن العرب المحاصرين بحرب النفط والغاز

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib