عن كامب ديفيد ـ 2 اليمن بالحرب أم بالإعمار

عن كامب ديفيد ـ 2: اليمن بالحرب أم بالإعمار؟

المغرب اليوم -

عن كامب ديفيد ـ 2 اليمن بالحرب أم بالإعمار

طلال سلمان


لمنتجع «كامب ديفيد» المخصص كاستراحة للرؤساء الأميركيين ولقاءاتهم مع الأصدقاء الحميمين، منذ عهد الرئيس الجنرال دوايت إيزنهاور (بطل الحرب على كوريا ومن ثم شقها كوريتين) سمعة سيئة عربياً لارتباطها بسقطات مفجعة على مستوى الحاضر كما مستقبل هذه الأمة، كان من بينها «مشروع إيزنهاور» للسيطرة على منطقتنا جميعاً.
ففي «كامب ديفيد» الأولى، في العام 1978، اكتمل أسوأ فصول الهزيمة العربية أمام العدو الإسرائيلي: إذ دخل الرئيس المصري الراحل أنور السادات بوصفه «بطل العبور»، ليلتقي رئيس وزراء دولة العدو الإسرائيلي مناحيم بيغن فيوقّع معه «معاهدة السلام»، التي نالا عليها ـ مناصفة ـ «جائزة نوبل للسلام». ولقد استقال وزير الخارجية المصرية، آنذاك، اعتراضاً.. ثم استقال «الوزير البديل» الذي عيّنه السادات من بين أعضاء الوفد، وزيراً للخارجية، لكي يكتمل «الحفل» بالتواقيع التي تشهد على أصحابها بالتفريط بالحقوق الوطنية المقدسة، قبل فلسطين وبعدها... وهو ما كلف السادات حياته، بعد ثلاث سنوات لا أكثر!
ها هو الرئيس الأميركي باراك أوباما يفتح أبواب المنتجع، مجدداً، ليستقبل أبطال حرب «عاصفة الحزم» (من دون ضحاياها بطبيعة الحال..)، وقد تخلّف عنها الملك سلمان، الذي بدأ عهده بانقلاب سياسي حصر الحكم في «السديريين»، وقد جاء النجمان الصاعدان محمد بن نايف (ولي العهد)، ومحمد بن سلمان (ولي ولي العهد) وفي صحبتهما بعض القادة في دول الخليج، تلبية لدعوة «رئيس رؤساء العالم» الذي انتقد المغامرة الحربية وأبطالها الذين كان عليهم أن يهتموا «بحسم مشكلاتهم الداخلية قبل الذهاب إلى حرب غير مبررة».
وبغض النظر عما سيدور في اللقاء من مناقشات لن تخلو من الحدة، ومن عتاب قد يتبدى قاسياً، فالمؤكد أن الأمراء والشيوخ الآتين بزهو الانتصار على بلد شقيق فقير حتى الإملاق سيضطرون إلى شيء من التواضع وهم في حضرة رئيس رؤساء الكون الذي سلّح ـ بالثمن الباهظ ـ جيوشهم ودرّبها وعزز قدراتها بأقوى الصواريخ فتكاً وأبعدها مدى.. وقد يرتبكون وهم يحاولون أن يبرروا لماذا كانت الحرب، ثم وهذا هو الأهم: إلى أين سيذهبون في مغامراتهم بعد اليمن؟!
وبغض النظر عن «محضر اللقاء» فإن المواطن العربي الذي «يتطير» من ذكر كامب ديفيد، سوف يستمر في طرح أسئلة ساذجة حول تلك الحرب لا جواب لها بالمنطق أو بتوازن القوى أو حتى... بالخطر الإيراني الذي لم يظهر له أثر جدي طوال عصف عاصفة الحزم!
لقد ظهرت السعودية كقوة عظمى في المنطقة: ظل طيرانها الحربي في الأجواء اليمنية وما حولها لمدة أربعين يوماً بلياليها، يقصف ما شاء من الأهداف ويدمر كل ما ارتأى تدميره من أسباب العمران، من دون أن تتمكن الدولة الضحية من التصدي لطائراته الأسرع من الصوت، بصواريخ تسقطها، أو بطيرانها قيد الإنشاء.
فالحقيقة أن الحرب كانت من طرف واحد، ودارت ـ بمختلف مراحلها ـ في السماء اليمنية مستهدفة أسباب الحياة ومصادر الرزق في اليمن السعيد.
وبالتأكيد فإن كلفة هذه الحرب كانت تكفي لبناء يمن حديث، بالمصانع والجامعات والمستشفيات والمدارس والمعاهد، بشبكات الكهرباء والمياه والطرق وصولاً إلى بناء المفاعلات النووية لأغراض سلمية، فضلاً عن مكافحة آفة القات التي تدمّر حياة اليمنيين.
وعلى فرض أن «الحوثيين» ـ أي «أنصار الله» ـ والموالين لعلي عبد الله صالح كانوا ينهجون نهجاً معارضاً للسياسة السعودية، فهل هذا يبرر تدمير اليمن، شمالاً وجنوباً، بالمدن والقرى والدساكر والمزارع، بمرافقها الحيوية وجيشها الوليد... ألم يكن «استيعابهم» أقل كلفة، وأعظم رصيداً؟
ومخجل أن يخطر ببال أوباما أن يسأل الوفد الملكي الآتي بلباس الحرب: ألم تكن عملية إعادة بناء اليمن، بالمعنى الإنساني ثم بالمعنى المادي، أقل كلفة مما تكبدتم في الحرب على بعض مظاهر العمران في أرض أجدادكم، ورثة مملكة سبأ؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن كامب ديفيد ـ 2 اليمن بالحرب أم بالإعمار عن كامب ديفيد ـ 2 اليمن بالحرب أم بالإعمار



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:49 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib