سليمان تقي الدين تحية قبل أن يطير
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

سليمان تقي الدين: تحية قبل أن يطير..

المغرب اليوم -

سليمان تقي الدين تحية قبل أن يطير

طلال سلمان

 ولقد طوى العصفور الذي نزل من الجبل جناحيه وغادر بقايا غصن الشجرة ملقياً علينا التحية قبل أن يطير.
لم ينهِ سليمان تقي الدين خطابه الذي كان يضج به فكره وقلبه وقلمه، بل لعله كان في ذروة احتدام معركته ضد التسليم بالهزيمة، ضد الصمت بذريعة اليأس أو خيبة الأمل.
لا يأس مع الحياة. لكن الحياة أقصر من أن تكفي لهزيمة أسباب اليأس. تجربته الغنية تشهد. عليك أن تناضل، بلا هوادة، لإعادة صياغة حياتك وجعلها لائقة بكرامتك كإنسان. لا استسلام أمام الهزيمة. عليك أن تنهض، دائماً، من جديد. عليك أن تتعلم من تجربتك فتكمل مسيرتك دون أن تنحرف عن الطريق أو تنحرف بك. عليك أن تنتزع غدك الأفضل انتزاعاً من أيدي الذين يحاولون مصادرته بتزيين الانحراف أو بإيهامك أنك قد فعلت ما عليك، فاترك للأجيال القادمة أن تكمل الرسالة... بالتغيير.
هذا النظام جبار، عاتٍ، راسخ أكثر من الأرز. ثم إن مغرياته لا تحد. إنه يغرقك في عطاياه، إن دخلته، حتى الموت صمتاً، ويغرقك في اليأس إن واجهته مستكبراً لأن شراسته لا تحد. ثم، ما سلاحك؟ قلم وشيء من الأفكار؟! أتظنه هزيلاً إلى هذا الحد؟ أنظر إلى العالم من حولك.. لقد استسلم الجميع وليست أمامك الفرصة حتى من أجل أن تكون دون كيشوت! ماذا سلاحك؟ قلم وأفكار؟ لكن الأقلام كتبت ملايين الصفحات عبر الدهور. الفلاسفة، المفكرون، الدعاة، المبشّرون بالغد الأفضل، المبدعون.. كلهم كتبوا. لقد استهلكت أنت ذاتك ألف ألف كتاب، بينها العديد مما كتب أسلافك في العائلة التي كبرت بالعلم والثقافة قبل السياسة وبعدها. ثم أنك كتبت وكتبت وكتبت كثيراً. حاضرت وناقشت ونظمت «الرفاق»، وقاتلت المرتدين والهاربين من النضال إلى المناصب والمكاسب التي رفضت حتى أن تناقش عرضها عليك.
سليمان تقي الدين... إنك تقاتل بماضيك حاضراً اختطف منك ومستقبلاً صودر من قبل أن يولد. عليك أن تقر بهزيمتك، أيها المتوهم أن الأفكار أقوى من الدولار ذي الطلقات القاتلة... والمفترض أن الإنسان بصموده أمام إغراء السلطة، فكيف إذا كانت ذات أنياب؟
سليمان تقي الدين، ابن بعقلين، المتحدر من سلالة علماء وفقهاء أجلاء ومؤرخين وكتاب وشعراء، والمحامي الذي كاد يهجر المحاماة ليتفرغ للنضال بالفكر والعمل من أجل غد أفضل.. وحين خاب أمله في «التنظيم» لم يذهب إلى اليأس بذريعة العجز عن التغيير، بل حمل قلمه وجعله مشعلاً، وانطلق يحرّض مستولداً كل فجر أملاً جديداً إيماناً منه بقدرات الجيل الجديد وحقه في أن يصنع غده... شرط أن نترك له بعض الشموع تهديه إلى الطريق.
لقد خرج سليمان تقي الدين من وعلى كل الأطر التقليدية وناطح صخر الغلط فشق جبينه وما ارتدع.. ورفرف بجناحيه في آفاق الثقافة والأفكار، شرقاً وغرباً، تراثاً وتجديداً. قرأ كثيراً كثيراً، وكتب كثيراً، خطب كثيراً وحاضر كثيراً، ورعى جيلاً من الطامحين إلى كسر التقليد والتبعية، حرّض وقاتل مقاوماً الغلط بالشراسة التي قاتل بها العدو الإسرائيلي.
هذه لحظة للحزن، فقد فَقَدَ لبنان بعض إشعاعه، وفَقَدَ العمل الوطني، كما الفكر التقدمي، قلماً مضيئاً في ظلمة عصر الطوائف المقتتلة وإن اتحدت جميعاً على من يحاول الخروج من حظيرتها إلى آفاق النور وكرامة الإنسان...
.. وفقدت الثقافة مبشراً بالغد الأفضل، عنيداً في الحق كمن قُدَّ من صخر، ليناً في الحوار حتى إفحام مجادليه الذين يهربون منه خوفاً من أن يغويهم فيتغيّروا.
.. وفقدت «السفير» قلماً مضيئاً، ورفيق سلاح لم يهن ولم يضعف، لم يجبن ولم يهادن، وظل يقاوم الغلط والانحراف حتى النفس الأخير...
إن العصفور الذي نزل من الجبل قد طوى الآن جناحيه وغادر بقايا غصن الشجرة ملقياً علينا التحية قبل أن يطير.
سلاماً أيها الذي صحبنا بعض الرحلة في قلب الصعب، ثم غادرنا قبل أن يتم كلامه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سليمان تقي الدين تحية قبل أن يطير سليمان تقي الدين تحية قبل أن يطير



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib