فى لبنان كل شىء مؤجل «حتى التأجيل»

فى لبنان: كل شىء مؤجل «حتى التأجيل»!!

المغرب اليوم -

فى لبنان كل شىء مؤجل «حتى التأجيل»

بقلم :عماد الدين أديب

على مائدة غداء فاخرة دعانا إليها أخى الحبيب الأستاذ عونى الكعكى، كانت المناقشة حامية ومتفائلة بتشكيل سريع لحكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريرى.

كان ذلك الحوار منذ أكثر من خمسة أشهر، ورغم سخونة الحوار، وسيطرة الأحلام والأمنيات على شكل الحكومة العتيدة، وأفرادها وحصص كل فريق فيها، فإننى كنت منهمكاً وبشدة فى «صحن الكبة الزغراوية» الشهى غير مشارك فى ذلك الحوار الساخن.

انتبه أخى عونى إلى أننى الوحيد غير المشارك فى حوار تشكيل الحكومة، فسألنى: «لماذا تقاطع هذا الحوار يا أبومحمد؟».

كان فمى ممتلئاً بمذاق الكبة، فأشرت إليه فى صمت وكأننى أقول له: «يا عمى دعنى وشأنى بَلا حكومة، بَلا تشكيل».

والذى يعرف عونى الكعكى، يعرف أن الرجل لا يعرف اليأس، ولا يهدأ حتى ينفذ داخل عقلك وقلبك ويتعرف على مكنون ما فيه.

لذلك عاد وسألنى: «الحكومة بعد أسبوعين ولا شهرين؟، هذا هو الجدل الدائر بيننا الآن، ما رأيك أنت خاصة أن الحريرى تمت تسميته بأغلبية 111 صوتاً من 128 نائباً؟».

توقفت عن الطعام وقلت له تذكر أننا فى هذا اليوم، وفى مطعم «كبة زمان» بمنطقة «السيوفى» فى بيروت، كنا نتجادل حول موعد تشكيل الحكومة وها أنا أقول لكم الآتى وسجلوا علىّ ما أقول:

1- إذا كان الرئيس سعد الحريرى -نظرياً ودستورياً- هو المكلف بتشكيل الحكومة فإن قرار تشكيلها من عدمه ليس لبنانياً ولا يعود إليه لكنه قرار إقليمى بامتياز.

2- كلما استعصى الوضع بين واشنطن وطهران حول الاتفاق النووى والعلاقات الثنائية والوضع الإقليمى، استخدمت إيران ورقة تعطيل تشكيل الحكومة فى بيروت وبغداد وعقّدت الوضع الميدانى فى اليمن وسوريا.

3- إن لبنان ستكون إحدى أوراق المقايضة بين إيران والولايات المتحدة، وإن قدرة طهران إن لم تكن فى فرض الأغلبية فى لبنان فهى قادرة على التعطيل.

4- إذا تآمرت روسيا مع الأمريكان والإسرائيليين على إخراج إيران من سوريا عسكرياً وأمنياً، تعاظم شأن أهمية الوجود الإيرانى- السورى فى لبنان بكل أشكال النفوذ، وأهمه هو التحكم فى مفاصل الحكم والحكومة والأغلبية فى البرلمان والأمور السيادية أكثر من أى وقت مضى، ويبقى سعد الحريرى يحرث الماء ليل نهار لتحقيق المستحيل وهو تشكيل حكومة وطنية.

عاد الإخوة يسألون: يعنى أسبوع ولا اثنين ولا شهرين؟

عدت وقلت كل شىء مؤجل، مؤجل، مؤجل، مهما طال الزمن لحين اتفاق طهران وواشنطن على تسوية إقليمية شاملة، خاصة أن حسابات طهران تعتمد على تقدير سياسى «بأن حكم دونالد ترامب هش للغاية».

تذكرت ذلك الحوار، وأنا أتابع كلام الرئيس دونالد ترامب عن تأجيل اللقاء مع الرئيس الإيرانى حسن روحانى حتى «يأتى الوقت المناسب فى المستقبل» ومديحه له بأنه يعتقد بأنه يتوقع «أن يكون الرئيس روحانى رجلاً لطيفاً وودوداً للغاية». يحدث ذلك فى الوقت الذى ترى فيه طهران أنه لا جدوى من عقد لقاء مع رئيس يمكن أن يُعزَل أو يستقيل قريباً.

إذن، لا لقاء أمريكياً- إيرانياً، ولا اتفاق بين طهران وواشنطن، كل شىء مؤجل بما فيه تشكيل حكومة فى لبنان.

وهكذا أصبح تشكيل حكومة فى وسط بيروت يرتبط عضوياً بالوضع فى «إدلب» السورية أو «عدن» اليمنية أو «البصرة» العراقية أو «الأهواز» الإيرانية. وكلما أصبح مطلوباً خروج إيران من سوريا أصبح دخول إيران إلى لبنان ضرورة حياة أو موت!

كل شىء مؤجل حتى إشعار سياسى من كبار اللاعبين، ولتبقَ حكومة تصريف أعمال حتى يزهق سعد الحريرى، أو يزهق الدستور، والعرف السياسى أو يزهق الشعب!

كل شىء مؤجل، ولتذهب فواتير الكهرباء، وفواتير المدارس، وسعر ربطة الخبز، وفاتورة الجاز والبنزين إلى الجحيم.

كل شىء مؤجل ولتنتظر 12 من المليارات الخاصة باتفاق «سيدر» فى باريس، ولينتظر اتفاقات الكشف عن الغاز قبالة السواحل اللبنانية، ولتنتظر السياحة العربية، ولتنتظر أسعار العقارات المتهاوية، ولتنتظر السوق المحتضرة، ولينتظر ملايين اللبنانيين الذين يحلمون بالعودة حتى تتفق «أجندة مواعيد الرئيس ترامب مع الرئيس روحانى».

وهكذا فى لبنان كل شىء مؤجل حتى التأجيل بانتظار الكبار.

وهكذا حتى قرار التأجيل فى التشكيل مؤجل لحين حسم نتيجة تأجيل الكبار.

وهكذا حتى قرار الحريرى بالاعتذار مؤجل لحين يحسم تأجيل الكبار.

وحتى إذا حدث شبه المستحيل وتم تشكيل وإعلان الحكومة فإنها لن تتم إلا تحت شرط واحد وهو أن تكون «معطَّلة» أو «معطِّلة».

إذا تشكلت، المطلوب فيها أن يكون فيها رئيس الحكومة ليس البطل ولكن ممثلاً قانونياً بلا دور رئيسى وهو أمر لا يمكن أن يقبله سعد الحريرى.

وهكذا هى حكومة المفروض أنها «لبنانية الصنع» لكنها إيرانية، سعودية، أمريكية، فرنسية، سورية «الإرادة والمصالح والأدوار».

ألم أقل لكم إن كل شىء مؤجل حتى التأجيل ذاته مؤجل!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى لبنان كل شىء مؤجل «حتى التأجيل» فى لبنان كل شىء مؤجل «حتى التأجيل»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib