الاتفاق السعودي في معادلة غزة

الاتفاق السعودي في معادلة غزة

المغرب اليوم -

الاتفاق السعودي في معادلة غزة

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

استطراداً لحديث الأمس، أقول إنه لا شك بأن الحرب هي أعلى درجات اختبار أي علاقة بين بلدين صديقين. ماذا لو نشبت حرب أميركية - إيرانية، حينها مَن الدولة التي ستعلن على الفور تأييدها لواشنطن وتهبُّ لمشاركتها الحرب؟ لن تسارع دول الخليج ومصر والدول الصديقة الأخرى للقتال مع واشنطن، فقط إسرائيل. هذا هو دورها، فقد استخدمت واشنطن إسرائيل في موازنة، وأحياناً مواجهة القوى المعادية.

في حرب العراق واحتلاله، إسرائيل كانت القوة الإقليمية الوحيدة التي عرضت مساعدتها العسكرية، وواشنطن رفضت العون المباشر. تختلط الصور والمفاهيم عندما تتباين المصالح أحياناً، فواشنطن تؤيد صراحة إسرائيل في حربها ضد «حماس» في غزة وتقدم لها الدعم، لكن ليس لواشنطن مصلحة في إطالة مدى الحرب، ولا تريد استعداء العالم العربي، وتؤيد شكلاً من أشكال الدولة للشعب الفلسطيني.

وعلى مكتب الرئيس جو بايدن مشروع تاريخي، اتفاق دفاعي استراتيجي مع المملكة العربية السعودية يحتاج إلى ثلثي مجلس الشيوخ للموافقة عليه، ويستطيع تمريره كمشروع سلام وليس حرب، كاتفاق مع إسرائيل.

في الوقت نفسه، تشترط عليه السعودية شرطين حتى تقبل بالاتفاق؛ أن توقف إسرائيل القتال، والثاني أن تقبل بدولة فلسطينية. المعضلة أن الإسرائيليين، وليس فقط نتنياهو وحلفاؤه المتطرفون، لا يريدون وقف الحرب بعد، وبالتأكيد يرفضون دولة للفلسطينيين.

نحن أمام وضع غير معتاد. الرؤساء السابقون، مثل كارتر وكلينتون، جربوا الضغط وحصلوا من إسرائيل على «تنازلات» لأصدقائهم العرب في إطار الصراع والأرض، مثل مصر والأردن، أو في إطار العلاقات الثنائية مثل الإمارات والمغرب والبحرين والسودان.

اشتراطات الاتفاق الدفاعي الاستراتيجي الموعود مع الرياض مختلفة عنها. صارت مثل صفقة الجمل والقط الشهيرة، حيث لا بد من إسرائيل. أميركا قوة مهمة لبناء جبهة دفاعية ضد التهديدات الإقليمية، من إيران وغيرها، والشرط هنا هو إسرائيل. إسرائيل بدورها راغبة في علاقة مع السعودية، لكن في إطار مصالح ثنائية متبادلة من دون ربطها بفلسطين والفلسطينيين. وتعقدت الصفقة.

العقبات بدأت مع هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والراجح أن إيران و«حماس» خططتا له لتخريب الاتفاق السعودي الأميركي، وقد نجح ذلك، حتى الآن على الأقل.

نتنياهو بدوره أطال أمد الحرب في غزة؛ لأنه هو الآخر ضد اشتراطات الاتفاق السعودي، إن لم يكن ضد الاتفاق الاستراتيجي برُمته.

هناك الكثير يمكن يقال عن الاتفاق الدفاعي السعودي الأميركي نفسه، دلالاته وأهميته للمنطقة، لكن أفضّل عدم الاستعجال والخوض فيه؛ لأنه قد لا يرى النور، هذا العام.

الرئيس بايدن خبير في شؤون الكونغرس، أمضى 36 عاماً في دهاليزه، ويقال إنه قادر على تحقيق نصاب الثلثين؛ أي 51 سيناتوراً ديمقراطياً، و16 سيناتوراً من خصومه الجمهوريين! سيكون ذلك مذهلاً إن فعلها، خصوصاً أننا في سنة انتخابات. الوقت هو التحدي، فأعضاء الكونغرس سيغادرون العاصمة في أغسطس (آب) المقبل، ليبدأوا حملاتهم الانتخابية، فهل بمقدوره، بما تبقّى من زمن قصير، أن يطرح مشروع الاتفاق ويفتح النقاش بشأنه والتصويت عليه؟

نتفهم لماذا فعلت «حماس» ما فعلته في أكتوبر العام الماضي، لكن لماذا نتنياهو مستمر بتحدي بايدن، ويماطل ليمد في عمر الحرب عدة أشهر من دون أن يحقق انتصاراً إضافياً؟ الأرجح أن نتنياهو يلعب، على أمل أن يتراجع السعوديون عن شرط الدولة الفلسطينية ويقبلوا بعلاقة تقتصر فقط على المصالح الثنائية، أو أن يمل بايدن ويتخلى عن مشروعه مع الرياض، ولا يضطر نتنياهو لتقديم تنازلات للولايات المتحدة. أعتقد أنه تباطأ متعمداً؛ بدليل أنه قبل وقف إطلاق النار، هذا الأسبوع، نفس العرض الذي رفضه قبل شهرين، وسبق أن طرحه الفريق المصري بموافقة الأميركيين والفرنسيين.

أمامنا طريق وعر على كل الجبهات، سواء في غزة أم مع الإسرائيليين أم في الكونغرس. ولو انفجرت المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله»، فهذا سيقضي على فرصة الاتفاق لهذا العام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتفاق السعودي في معادلة غزة الاتفاق السعودي في معادلة غزة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib