تسليح المعارضة إنها الحرب

تسليح المعارضة.. إنها الحرب!

المغرب اليوم -

تسليح المعارضة إنها الحرب

عبد الرحمن الراشد

ليس من قبيل الصدفة ان تدعو مجموعة من العلماء المسلمين بزعامة الشيخ يوسف القرضاوي الى الجهاد في سورية، في تزامن واضح مع اعلان الادارة الامريكية عزمها ارسال دفعات من الاسلحة المتطورة الى المعارضة السورية ‘المعتدلة’، وابقاء قواتها (3000 جندي) وطائراتها (طراز اف 16) وصواريخها (باتريوت) في الاردن. وليس من قبيل الصدفة ان تعلن امريكا ان النظام السوري استخدم اسلحة كيماوية من طراز غاز ‘السارين’ القاتل ضد خصومه في دمشق وحلب، وتؤكد انه اخترق بذلك ‘الخط الاحمر’، وتردد الشيء نفسه كل من بريطانيا وفرنسا وقيادة حلف الناتو في بروكسل، فهذا التنسيق في المواقف الذي يأتي قبل يومين من انعقاد قمة الثماني في ايرلندا يكشف عن بدايات قوية ومباشرة للتدخل العسكري الغربي في الصراع الدائر حاليا في سورية وعليها. الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي تحلى بالحذر طوال العامين الماضيين، وقاوم كل الضغوط الممارسة على ادارته بضرورة التدخل عسكريا في سورية من قبل دول عربية مثل السعودية وقطر، وغير عربية مثل تركيا، علاوة على اخرى من قبل جون ماكين زعيم الحزب الجمهوري، واخيرا بيل كلينتون الرئيس السابق، ها هو يقرر التراجع عن هذا الحذر خاصة بعد الانتصار الكبير الذي حققه النظام في منطقة القصير بدعم من عناصر تابعة لحزب الله. الاسلحة التي سترسلها الولايات المتحدة الى المعارضة السورية ستكون ‘فتاكة’، وستتضمن صواريخ مضادة للدروع واخرى للطائرات، وستتولى مهمة الاشراف على ايصالها لقيادة الجيش السوري الحر، واللواء سليم ادريس على وجه الخصوص، رئيس هيئة اركانه الذي يحظى بإعجاب الحكومات الغربية منذ اعرابه عن استعداده لتكوين قوات ‘صحوات’ لإنهاء وجود الجماعات الجهادية، وجبهة النصرة على وجه الخصوص، اثناء كلمته التي القاها امام ممثلي دول اصدقاء الشعب السوري في اسطنبول قبل شهرين. ولعل ما هو اخطر من الاسلحة عزم الادارة الامريكية على اقامة منطقة حظر جوي بعمق 40 كيلومترا داخــــل الاراضي الســـورية قــــرب الحــدود مع الاردن، حيث من المتوقع ان تتولى فرضها وحمايتها الطائرات الامريكية من طراز (اف 16) والفرنسية (يورو فايتر) والبريطانية (هارير) التي شاركت بفاعلية في مناورات الاسد المتأهب في وسط وجنوب الاردن. ‘ ‘ ‘ السؤال هو عن رد حلفاء النظام السوري على هذه التحركات الامريكية، فهل ستقف موسكو مكتوفة الايدي تراقب الأمر عن بعد، ام انها ستتدخل بدورها بطريقة مباشرة ام غير مباشرة، وما هو موقف ايران التي قالت اكثر من مرة على لسان اكثر من مسؤول فيها بأنها لن تسمح بسقوط نظام الرئيس الاسد؟ الحكومة الروسية اعلنت ان الاتهامات الامريكية لنظام الرئيس الاسد باستخدام اسلحة كيماوية ‘غير مقنعة’، وقال يوري اوشاكوف المستشار الدبلوماسي في الكرملين ان هذه الاتهامات ‘مفبركة’، وردد الشيء نفسه النائب اليكسي بوشكوف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما. انا شخصيا لا اثق بأي اتهامات امريكية حول استخدام اسلحة كيماوية لسببين، الاول ان واشنطن فبركت اكذوبة اسلحة الدمار الشامل العراقية لتبرير غزوها واحتلالها للعراق، والثاني ان اكثر من مئة الف قتيل سقطوا في سورية منذ بداية الانتفاضة ولم تحرك الادارة الامريكية ساكنا، بينما تريد التدخل الآن لان 120 شخصا قتلوا بهذه الاسلحة. فهل استخدام الاسلحة التقليدية ‘محلل’ بينما استخدام الاسلحة الكيماوية ‘محرم’ ويستدعي التدخل؟ نحن هنا لا نبرىء النظام السوري، فمن يقتل مئة الف من مواطنيه بالدبابات والصواريخ والبراميل المتفجرة لا يتورع عن استخدام اي اسلحة اخرى، ولكن النظام لو اراد استخدام هذه الاسلحة الكيماوية لاستخدمها منذ البداية ليس لقتل 120 مواطنا بريئا مثلما قال البيان الامريكي، وانما لتصفية مئات الآلاف دفعة واحدة. هذا التدخل الامريكي في حال حدوثه بالصورة المعلنة، سيؤدي الى قتل مؤتمر جنيف الثاني، ونسف كل الآمال بالتوصل الى تسوية سياسية للصراع في سورية وعليها، مضافا الى ذلك انه سيؤدي الى إحداث شرخ كبير في اوساط الجماعات المقاتلة لإسقاط النظام السوري، او اشعال فتيل حرب اهلية فيما بينها، وخاصة التنظيمات الجهادية من ناحية والجيش السوري الحر من ناحية اخرى. فمن الواضح ان الاسلحة الامريكية لن تصل الى جبهة النصرة واحرار الشام وباقي الفصائل الاسلامية المتشددة، وقد تستخدم في تصفيتها بمباركة النظام وروسيا معا. ‘ ‘ ‘ الدكتور الشيخ اياد قنيبي احد ابرز المفكرين الاسلاميين المتعاطفين مع الجماعات الاسلامية المقاتلة في سورية طرح عدة تساؤلات على حسابه في تويتر ابرزها تساؤل يقول فيه ‘اذا دخلت قوات اجنبية في سورية (امريكية وغربية) فهل يكون ‘جهادها’ واجبا شرعيا، وهل ستتم الدعوة من قبل علماء مسلمين الى مقاطعة امريكا؟’. واضاف ‘هل اذا انتهت الحرب في سورية (بهزيمة الاسد) سيكون الجهاد ضد اليهود واجبا؟’. هذه التساؤلات مشروعة، وهي ستكون مطروحة بقوة في الايام او الاسابيع المقبلة، خاصة بالنسبة للعلماء المسلمين السنة الذين اعلنوا الجهاد في سورية ولم يعلنوه في فلسطين حسب ما قاله الشيخ صلاح الدين ابو عرفة احد ائمة المسجد الاقصى، وتعرض بسببه لحملة شرسة من الشتائم. الاعلان الامريكي عن ارسال اسلحة ودراسة اقامة منطقة حظر جوي ربما يكون البداية في حرب اقليمية شرسة في المنطقة لا تتوقف عند حدود سورية، والا لماذا تنشر امريكا واوروبا بطاريات صواريخ باتريوت على حدود الاردن وتركيا مع سورية؟ لم نكن نضرب بالودع او نقرأ الفنجان عندما كنا من بين الذين توقعوا انفجار هذه الحرب في الصيف الحالي، فالإدارة الامريكية تملك خطة، وتجري مناورات مكثفة من اجل الاستعداد لها في الخليج العربي والاردن وتركيا واسرائيل، ويبدو ان العدّ التنازلي قد بدأ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسليح المعارضة إنها الحرب تسليح المعارضة إنها الحرب



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib