المشهد من مشهد

المشهد من مشهد

المغرب اليوم -

المشهد من مشهد

بقلم - عبد الرحمن الراشد

مظاهرات طهران عام 2009 كانت مفاجأة غير متوقعة، ليس لأن نظام إيران بلا خصوم في الداخل، بل المفاجأة أن المتظاهرين الذين هددوا النظام هم من صلب النظام. عشرات الآلاف، ولأيام، ولم يتم كبحها إلا بقوة السلاح والقتل. 
الآن المظاهرات خرجت من الأطراف؛ من مدن مثل مشهد وانتشرت، تحمل شعارات معادية لآية الله ولسياسات الدولة، وتردد صداها في أنحاء إيران.
قد لا تقتل المظاهرات الشعبية النظام لكنها بالتأكيد تجرحه. آية الله خامنئي مع قياداته العسكرية والسياسية كانوا يعتقدون أن الترويج لانتصاراتهم في العراق، وسوريا، ولبنان سيمنحهم الشعبية ويمد في عمرهم، لكنها صارت حجة عليهم. معظم المظاهرات التي ظهرت في اليومين الماضيين كانت تستنكر التورط في الخارج وتمويلها، وتهرب الحكومة من واجباتها في الداخل. 
مع بدايات التورط الإيراني في حرب سوريا، قبل نحو أربع سنوات، حذّر عدد من النواب في البرلمان الجنرال المتحمس للحروب قاسم سليماني من أن الدولة لا تستطيع أن تتحمل تكاليف مغامراته، ولن يقبل الشعب الإيراني أن يعود أبناؤه في أكفان قتلى دفاعاً عن أنظمة اخرى وفي حروب غيرهم. رد سليماني بأن حربه في العراق وسوريا هي دفاع عن أمن إيران وعن وجود النظام.
ولم يكن كلامه كافياً لتبرير الخسائر، ثم عاد سليماني يفاخر بأن الحرب للدفاع عن الجمهورية الاسلامية ونظام ولاية الفقيه لم تعد تكلف إيران الكثير. عمل على تأليف ميليشيات من الفقراء اللاجئين على أرض إيران من أفغان وباكستانيين، ومن داخل العراق، ونحو عشرين ألف لبناني من حزب الله. كان عدد العسكريين الإيرانيين بضعة آلاف قليلة، يقومون بعمليات التدريب والمخابرات والقيادة. وقال مفاخراً بأنه لم يكلف الخزينة الإيرانية كثيراً. كلّف إيران بضعة مليارات وحول معظم الفاتورة على العراق الذي أجبره على تمويل الحرب الإيرانية. دفع العراقيون فواتير الميليشيات المقاتلة، وفوقها التزامات النظام الإيراني السنوية تجاه حزب الله اللبناني، وحماس في غزة. إلا أنه بعد أن انحدرت أسعار البترول امتنع العراق عن دفع معظمها. 
إيران دولة من تسعين مليون نسمة تقريباً، تعيش بشكل أساسي من مداخيل النفط، وهي تعاني الآن، مثلها مثل بقية دول المنطقة البترولية. لكن إيران بلد مغلق تماماً، ترزح تحت سلطة تشبه نظامي القدافي وصدام في الماضي، تعتمد على الأجهزة الأمنية، وتقيد استخدامات وسائل الاتصال والتحويلات البنكية، وتفرض غرامات كبيرة على السفر للخارج. لديها شبكة هائلة ومكلفة من الميليشيات والتنظيمات الإرهابية في أنحاء العالم من ماليزيا إلى الأرجنتين. 
نعم، إيران دولة متقدمة في الصناعات العسكرية مقارنة بدول المنطقة، لكنها تبقى من الدول الفقيرة. وهي معضلة الأنظمة المشابهة لها، مثل كوبا وكوريا الشمالية. الاتحاد السوفياتي، ويوغوسلافيا، وألمانيا الشرقية، وليبيا، واليمن الجنوبي، وسوريا، وغيرها، أنظمة انهارت لأنها اهتمت بالتفوق الأمني والعسكري دون غيره، وبقيت دولاً فقيرة في كل الجوانب الأخرى. في إيران الحرس الثوري لا يدير الأمن، بل يتحكم في كل صغيرة وكبيرة، وزاد من نفوذه في عهد الرئيس أحمدي نجاد، حيث استولى حتى على المؤسسات الاقتصادية الكبرى بما فيها مصافي البترول.
من الطبيعي أن يأتي اليوم الذي يواجه النظام في طهران غضب الأغلبية التي ساندت وصوله للحكم قبل أربعين عاماً اعتقاداً منها أن حياتها ستتحسن لكنها ساءت. 
أستبعد أن يستطيع الشعب الإيراني تحدي آلة النظام القمعية في الوقت الحاضر، لكنه بانتفاضاته المتقطعة يظهر للعالم صورة مختلفة. جمهورية آية الله قد تكون ميليشياتها وصلت إلى دمشق والموصل وبيروت وغزة وصنعاء، لكنها عاجزة عن بسط سيطرتها على مشهد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشهد من مشهد المشهد من مشهد



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib