التنازلات لم تنقذ «جنيف»

التنازلات لم تنقذ «جنيف»

المغرب اليوم -

التنازلات لم تنقذ «جنيف»

بقلم : عبد الرحمن الراشد

حاولت الحكومة الأميركية حل أزمة سوريا٬ واخترعت مفاوضات ثلاث مرات في جنيف تقوم على طرح سياسي متوازن٬ لكن محور «نظام دمشق ­ إيران ­ روسيا» في آستانة٬ والثاني٬ ينعقد الآن٬ في جنيف٬ والبدايات تؤكد النهايات؛ فشل مكرر.

أفسد المؤتمرات الثلاثة. الآن الروس مع حليفيهم ابتدعوا مؤتمرين؛ واحداً . إرضا ًء للروس ومع أن الجميع٬ تقريباً٬ تعاون مع المشروع الروسي٬ بمن في ذلك تركيا ودول الخليج٬ وحكومة ترمب الجديدة في واشنطن٬ إلا أن ذلك لم يكن كافياً وتعاوناً مع الأمم المتحدة٬ تم إيقاف تمويل المعارضة بالسلاح٬ ومورست الضغوط على الفصائل المعتدلة منها لتقبل بحلول أقل من توقعاتها٬ ومنع بعض الفصائل من المشاركة٬ وأيدته واشنطن٬ وصار المبعوث الأممي دي ميستورا محامياً عن الموقف الروسي. لم ينته «جنيف 4 «بعد٬ لكن الفشل أبرز ملامحه حتى الآن. ٬ أنه لا يوجد على الأرض فريق منتصر٬ أو قوي٬ حتى يمكن فرضه على الجميع بدعم دولي٬ وهو ما حاولت إيران وروسيا فعله بفرض النظام هذا الوضع يبين٬ أولاً السوري المتهالك. وثانياً٬ الفشل؛ لأن الحل المقترح لا يلبي الحد الأدنى من توقعات ملايين السوريين المشردين والخائفين. المشروع ركيزته الإبقاء على النظام حاكماً٬

يعني ذلك فرض معادلته على الأرض من تهجير وإلغاء للغالبية الباقية من السكان في داخل سوريا. الفكرة في حد ذاتها غير قابلة للصمود حتى لو وقّعت كل الفصائل عليها. إنها معادلة تريد تمكين النظام من حكم معظم سوريا بالقوة٬ مثل الضفة الغربية تحت الاحتلال الإسرائيلي٬ باستثناء أن إسرائيل تملك نظاماً وقوة ضخمة مكنتها من المحافظة على هذا الوضع الشاذ. ومع أن الروس حاولوا إقناع عدد من فصائل المعارضة بالالتحاق بالنظام٬ ومكافأتهم بمقاعد في الحكومة٬ إلا أن الأمر يبدو لهم٬ وللجميع٬ مثل تشريع عملية اغتصاب٬ ولن يلتحق بالحل أحد ذو قيمة.

وما سبق طرحه من حل سياسي٬ وكان مرفوضاً من الطرفين آنذاك؛ النظام والمعارضة٬ لا يزال هو الحل العملي والبديل المعقول... نظام مشترك وليس مجرد تبعية له. ويمكن تطويره الآن٬ فتبقي على الرئيس٬ لكن تذهب سلطات الأمن والمال للمعارضة٬ أو يذهب الرئيس وتبقى الكراسي السيادية في يد النظام٬ ضمن إطار مشاركة تحميه القوى الإقليمية والدولية. المقاسمة تبنى على معادلة توازن معقولة لكلا الطرفين مصلحة في المحافظة عليها؛ إما الرئاسة٬ وإما صلاحيات الرئاسة٬ وليس كلتيهما. لدينا نموذج صامد هو «اتفاق الطائف» الذي أنهى النزاع اللبناني٬ وهو أكثر تعقيداً من السوري٬ والذي قام على خلق ح ٍل تنازل فيه كل طرف. فدعوات الحرب طالبت بإلغاء حق المسيحيين في الرئاسة وسلطاتها٬ وتوزيعها بشكل متساو٬ لكنها انتهت بإعادة توزيع الصلاحيات٬ بقي الرئيس وراح جزء من صلاحياته لجلبت الحرب مزيداً من تدخلات خارجية

للفرقاء الآخرين. من دون «الطائف» ربما استمرت الحرب٬ وخسر المسيحيون حصصهم هذه. ولو رفض السنة والشيعة أيضاً أو رائعاً٬ لكن البلاد على الأقل

تديم الحرب٬ وكانت الساحة اللبنانية قد بدأت تشهد مزيداً من الانقسامات داخل كل طائفة. الوضع السياسي في لبنان اليوم ليس كاملاً استقرت. نزاع سوريا أقل تعقيداً٬ والمعارضة المدنية تقبل بالتشارك وبدستور يحمي كل الأقليات٬ ولديها في منظومتها تجربة جيدة٬ سمحت بمشاركة وترؤس السوريين ليس في صلب مطالب الشعب

من دون فوارق دينية أو عرقية. أما المعارضة الإسلامية المسلحة٬ فإن معظمها مرفوض من الجميع٬ لأنها تحمل مشروعاً دينياً وأممياً السوري.

فشل مؤتمرات آستانة وجنيف سيعيد الوضع إلى الاقتتال٬ حتى بعد حرمان المعارضة المعتدلة من السلاح٬ التي اضطر بعضها للتحالف مع التنظيمات الإرهابية حماية لها بعد نفاد ذخيرتها. الفشل المكرر قد يعيد الأطراف المتصلبة للتفكير بطريقة عقلانية وواقعية٬ مثل إيران التي عليها أن تدرك أنه لن يسمح لها بالاستيلاء على العراق وسوريا ولبنان. لقد حدث توغلها مستفيدة من ضعف إدارة الرئيس الأميركي السابق. وهيمنتها على هذا الهلال الكبير تهدد بقية دول المنطقة وكذلك العالم٬ إما نتيجة فيجذب المتطرفين إليه٬ وهو ما

لاستخدام إيران وكلاءها سلاحاً ضد خصومها في كل مكان٬ بمن في ذلك الأوروبيون والأميركيون٬ أو لأن الوضع سيستمر مضطرباً يهدد الجميع.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنازلات لم تنقذ «جنيف» التنازلات لم تنقذ «جنيف»



GMT 09:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 06:06 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل لا تنوي التوقف

GMT 18:44 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

تخريب مشروع إنقاذ لبنان

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الصراع الإيراني الإسرائيلي المباشر

GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:37 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

تامر حسني يوجه رسالة تهنئة لـ هنا الزاهد "جميلة وقلبك جميل"
المغرب اليوم - تامر حسني يوجه رسالة تهنئة لـ هنا الزاهد

GMT 05:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 20-12-2024 والقنوات الناقلة

GMT 22:28 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن تطلب من إسرائيل عدم قصف مطار بيروت

GMT 08:50 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد أولاد يرفع غلته التهديفية لأربعة أهداف

GMT 11:06 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

المدرسة آلية إنتاج بذور المجتمع المختارة

GMT 07:17 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

حقيقة الإعلامي أحمد موسى الخفية

GMT 14:51 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

رانيا فريد شوقي تنشر صورة مع أختها في الانتخابات

GMT 11:31 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

رفوف مخصصة للنظارات

GMT 04:03 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

زهير فضال يقدم موسمًا متميزًا مع "ديبورتيفو ألافيس"

GMT 10:40 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

بيجو تكشف النقاب عن "308 GTi" هاتشباك القوية

GMT 16:10 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة ياسمين صبري تكشف عن مشروعاتها المقبلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib