لعبة المناطق الآمنة

لعبة المناطق الآمنة

المغرب اليوم -

لعبة المناطق الآمنة

المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا
بقلم : عبد الرحمن الراشد

يبدو أنه لم يعد للسوريين كلمة رغم كثرة المؤتمرات والحلول المقترحة، فالمبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا قرر من عنده أن يختار من يمثل التنظيمات المعارضة، والروس كتبوا دستور سوريا المستقبل، وجاءوا به مطبو ًعا لمؤتمر آستانة، ومسؤول الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي قال بالنيابة عن اللاجئين لا لإقامة مناطق تؤويهم. هكذا الوضع في سوريا أصعب وأغرب من أي يوم مضى في السنوات الماضية.

ملايين اللاجئين السوريين تحولوا إلى كرة تتقاذفها الحكومات، بخاصة بعد أن فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجميع بتبنيه فكرة إنشاء مناطق آمنة للاجئين داخل سوريا، تلك التي وعد بمثلها الرئيس شركات تكنولوجيا أميركية ترفع دعاوى قضائية ضد «حظر ترمب»

دونالد ترمب الجميع بتبنيه فكرة إنشاء مناطق آمنة للاجئين داخل سوريا، تلك التي وعد بمثلها الرئيس الأميركي السابق عام 2012 ثم تخلى عنها. والوضع الحالي ليس سيًئا فقط، بل مفزع ج ًدا. هناك أكثر من اثني عشر مليون لاجئ سوري يشكلون أكبر رقم في تاريخ الحروب الأهلية منذ الحرب العالمية الثانية... صاروا قنابل تهدد أمن دول مثل تركيا ولبنان، وكذلك استمرار كيان الاتحاد الأوروبي، وأصبحوا جزًءا من الخلاف الداخلي في الولايات المتحدة.

والمواقف من المناطق الآمنة متباينة، مثل كل شأن آخر في سوريا... الروس ضد المشروع، وقد انتقده وزير الخارجية سيرغي لافروف، ثم عدل موقفه تكتيكًيا فيما يبدو تحاشًيا لإحراج الرئيس ترمب، ثم سيتم استيعابه. وكرر الإيرانيون والنظام السوري معارضتهما رسمًيا للفكرة بأنها خرق للسيادة، لأن الأسد يريد التخلص من ملايين السوريين الرافضين له بعد أن قام بعملية التطهير الجغرافية. ويصر الأتراك على إبقاءا للجماعات الإرهابية التي تستخدم المه ّجرين داخل سوريا، رافضين استقبال المزيد، بعد أن أصبحوا هدفً السوريين. أوروبا، أي ًضا، تعتبرها قضية أمن أساسية لها، تريد وقف النزوح إليها؛ سواء ببناء مناطق آمنة داخل سوريا، أو خارجها. أما لبنان، فإنه يريد منع قدوم المزيد، وإعادة المليون لاجئ الموجودين على أرضه.

وقد تبنى، لأول مرة، موقًفا ضد دمشق، وعلى لسان الرئيس الجديد، ميشال عون، الذي قال إنه يؤيد دعوة ترمب بإقامتها داخل سوريا، مطالًبا بإعادة اللاجئين السوريين في بلاده إلى هناك، وداعًيا إلى أن تكون تحت إشراف النظام.

أما المفوض الدولي لشؤون اللاجئين، الذي يفترض أنه أكثر شخص في العالم يهتم بإيواء ملايين التائهين في المنافي، فعاد من دمشق ليصرح بأنه ضد إقامة مناطق آمنة للاجئين في داخل سوريا! غريب موقفه، . فهل بمقدوره أن يقنع دول العالم باستقبال ملايين اللاجئين الحاليين، والملايين بديلاً لأنه لا يملك حلاً اللاحقة؟ بالتأكيد لا. هل يستطيع أن يقنع الدول المضيفة، مثل لبنان، بالاستمرار في تحمل هذا العدد الهائل على أراضيها؟ جرب وفشل.

ووجهة نظره ليست خاطئة تماًما، بأن حماية هذه المناطق ورعايتها مهمة شبه مستحيلة، لكن في الوقت نفسه يتناسى أن ملايين اللاجئين لا يعانون من نقص الأمن فقط، بل أي ًضا من الجوع والبرد، وبلا مأوى.

لا يوجد حل مثالي. مع هذا، فإن المناطق المقترحة على الأقل تفي بوقف التدفق ووقف عملية التطهير الطائفية، التي كانت سياسة متعمدة، بتصدير المشكلة السورية إلى العالم بدل أن تكون مشكلة النظام وحده. ملايين المشردين الهائمين على وجوههم كانوا غنيمة رابحة لمنظمات إرهابية، فجندت من بينهم متطوعين غاضبين، مستعدين للقتال تحت أي راية. استخدمتهم في عمليات إرهابية ضد دول صديقة وأخرى محايدة وعدوة، وضد منظمات سورية في حروب عبثية مجنونة.

هذه محصلة سياسة التهجير والتشريد، التي ُعّرض لها الشعب السوري خلال السنوات الست الماضية، والآن . صار أصبح اللاجئون القضية الأولى، وقد يقودون القاطرة لمشروع السلام، الذي أصبح ملًفا مستعجلاً اللاجئون السوريون أهم قضية للعالم من كل القضايا، وقد يكونون المفتاح لوقف المذابح والتهجير.

المصدر: الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة المناطق الآمنة لعبة المناطق الآمنة



GMT 06:06 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل لا تنوي التوقف

GMT 18:44 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

تخريب مشروع إنقاذ لبنان

GMT 07:06 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الصراع الإيراني الإسرائيلي المباشر

GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 20:21 2024 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الحرب التالية... إسرائيل وإيران

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء

GMT 22:53 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المغربي ينجح في اختراق جرائم العصابات المنظمة

GMT 23:47 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى علوي تستعيد ذكرياتها في الطفولة في "صالون أنوشكا"

GMT 06:26 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

عبود قردحجي يُؤكِّد أنّ 2017 ستكون مختلفة لمواليد "الجدي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib