حلم الخلافة الإسلامية

حلم الخلافة الإسلامية..

المغرب اليوم -

حلم الخلافة الإسلامية

عبد العلي حامي الدين

إعلان التنظيم المعروف باسم «داعش» عن «خلافة إسلامية»، وتنصيب شخص أطلقوا عليه اسم «خليفة المسلمين» مع مطالبة المسلمين في العالم بمبايعته، أثار ردود فعل رافضة من مجموع ألوان الطيف الفكري والسياسي في العالم..
أقوى الأصوات الرافضة جاءت من العالم الإسلامي، ومن طرف التنظيمات الإسلامية تحديدا، التي أجمعت على اعتبار هذا الإعلان باطل من الناحية الشرعية، ولا يستند على أي مستندات وازنة عقلا ونقلا.
أسوأ تشويه لمفهوم الخلافة هو ربط هذا المفهوم بتنظيم متطرف، التصقت صورته بالتشدد والتزمت وسطحية التعاطي مع قضايا الدين والسياسة..
لكن أغلب ردود الفعل – خاصة منها – تلك الصادرة عن الحركات الإسلامية، لم تذهب في انتقاداتها إلى إعادة النقاش في طبيعة المفهوم نفسه، مفهوم الخلافة وماذا يعني في السياق السياسي المعاصر؟
المرحوم عبد السلام ياسين كان يعتبر «الخلافة على منهاج النبوة»، هي الهدف الاستراتيجي الرابع والأخير بعد إقامة الجماعة القطرية، وإقامة الدولة الإسلامية القطرية، وتوحيد الأقطار الإسلامية. ويعتمد في التبشير بهذا الهدف على حديث نبوي شريف، يكرره في معظم كتبه، والذي يخبر فيه الرسول الكريم بمراحل تطور أشكال الحكم، حين يقول: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة، ثم سكت)، ومازال التصور نفسه قائما لدى الجماعة إلى إشعار آخر..
لا نعثر على تعريف دقيق لمفهوم الخلافة في كتابات الإسلاميين، بالرغم من حضور هذا المفهوم بشكل مركزي في تصوراتهم السياسية، غير أن السياقات التي يستعمل فيها هذا المفهوم، تُحيل إلى النموذج السياسي الذي نهجه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعده الخلفاء الأربعة، والذي لم يُعمِّر أزيد من ثلاثين سنة..
بمعنى أن المرحلة التي كان يسود فيها نموذج الخلافة، تميزت بمشروعية وشرعية الحكم المستند إلى الانتخاب (الخلفاء الأربعة المنتخبون)، الذي يعكس إرادة المجتمع الإسلامي. كما تميز برشد الأداء السياسي للخلفاء الأربعة، ولذلك سُميّت «بالخلافة الراشدة».
الظاهر أن بعض الجماعات لازالت متمسكة بالمفهوم الظاهري لهذا النموذج، معرضة في ذلك عن جميع التحولات العميقة التي حصلت داخل المجتمعات المعاصرة، واختلاف واقع المؤسسات السياسية الحالية، التي لم يعد يشكل فيها موقع الفرد إلا جزءا من النظام السياسي الحاكم، فإذا كان يتصور في العهد الأموي دور كبير للحاكم وأثر أكبر لرأس السلطة في القرار السياسي، فإن هذا الدور قد تضاءل اليوم بشكل كبير، نتيجة تشعب مؤسسات النظام السياسي وتعقد العلاقات بين مكوناتها ودخول مؤثرات متعددة في صنع توازناتها، منها على الخصوص المؤثرات وتشابك المصالح الداخلية والخارجية.
لكن ما شكل هذه الخلافة التي يحلم بها بعض الإسلاميين من غير داعش؟ وما هي خصائصها؟ وما الذي يميزها عن أنظمة الحكم المعاصر؟
لا يكلف المدافعون عن أطروحة الخلافة أنفسهم عناء الخوض في التفاصيل، ولكنهم يكتفون بإعلان التمايز الحاصل بين مفهوم الخلافة وبين الدولة القومية الحديثة.
حاجتنا إلى قراءات تجاوزية ليس للمفهوم المخيف، الذي تجسده «داعش» وأخواتها، ولكن أيضا داخل التنظيمات الإسلامية المعتدلة، وتطوير الفقه السياسي ليتلاءم مع روح العصر دون أن يتعارض مع القيم الإسلامية الكبرى..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم الخلافة الإسلامية حلم الخلافة الإسلامية



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib