وماذا لو نجحت مفاوضات فيينا وجرى التوصل الى اتفاق في الدقائق الأخيرة

وماذا لو نجحت مفاوضات فيينا وجرى التوصل الى اتفاق في الدقائق الأخيرة؟

المغرب اليوم -

وماذا لو نجحت مفاوضات فيينا وجرى التوصل الى اتفاق في الدقائق الأخيرة

عبد الباري عطوان
بقلم ـ عبد الباري عطوان

لم يبق مسؤول أمني او عسكري في “إسرائيل” الا ووجه تهديدات بعدوان شامل على ايران لتدمير منشآتها النووية، سواء كانت فوق الأرض او تحتها، ابتداء من نفتالي بينيت رئيس الوزراء، ومرورا بوزير حربه الجنرال بيني غانتس، وانتهاء بالجنرال افيف كوخافي رئيس هيئة الأركان وذراعه الأيمن، قائد سلاح الجو، والهدف انقاذ ماء وجه الولايات المتحدة، واجبار القيادة الإيرانية على تقديم تنازلات تؤدي الى إعادة احياء عظام الاتفاق النووي المتآكلة، او ما تبقى منها. اغرب التهديدات الإسرائيلية وردت على لسان الجنرال ديفيد برنيع قائد جهاز “الموساد” الذي تعهد فيها بأنه لن يسمح لايران بامتلاك قنابل نووية مهما كان الثمن، وهي تعهدات تذكرنا بنظيراتها التي اطلقها السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي قبل ست سنوات، واكد فيها “ان الرئيس بشار الأسد سيغادر السلطة سلما او حربا”، ولا نستبعد ان يندم عليها الجنرال برنيع اشد الندم، وان يواجه المصير نفسه الذي واجهه السيد الجبير (أين هو بالمناسبة)، ان لم يكن أسوأ.

ربما تكون الطائرات الحربية الإسرائيلية قد نجحت في تدمير مفاعل اوزاراك (تموز) العراقي عام 1981، وشقيقه السوري “الوليد”، او “النطفة” الذي كان في طور البناء على ايدي مستشارين كوريين شماليين قرب دير الزور عام 2007، ولكن تكرارا الشيء نفسه وبغارة واحدة في ايران يبدو صعبا، ان لم يكن مستحيلا، لان تدمير المنشآت النووية الإيرانية ليست محصورة في مكان مركزي واحد، ومعظمها، والمتطورة منها، حيث آلاف أجهزة الطرد المركزي في أماكن متفرقة، تحتاج الى عدة غارات، وليس غارة واحدة في محاولة لتدميرها، وربما غزو بري مواز لوحدات خاصة على الأرض.

التسريبات الصحافية الغربية الاحدث تكشف عن حقيقتين على درجة كبيرة من الأهمية لا بد من التوقف مطولا عندها، لاستخلاص العبر من بين سطورها:
الأولى: معلومة تقول ان جهاز الموساد الإسرائيلي نجح في زرع أجهزة تنصت في غرف مفاوضات فيينا النووية الأولى التي بدأت عام 2012 في عهد ادارة الرئيس باراك أوباما، مما مكن تل ابيب من معرفة سير المفاوضات في جميع مراحلها، وهذه التسريبات لم تتأكد بعد، ومن غير المعتقد ان هذا التنصت اذا ثبت ولم يكن من قبيل الدعاية تكرر في الجولة الثانية والحالية.
الثانية: تؤكد ان إدارة بايدن رفضت طلبا إسرائيليا بالحصول على “ام القنابل” التي تزن حوالي 11 طنا، وقاذفات حاملة لها من طراز “B2” العملاقة، ويمكن ان تخترق التحصينات، وتصل الى المنشآت الإيرانية المقامة تحت الأرض، لهذا عاد الجنرال غانتس وتابعه برنيع رئيس الموساد من زيارتهما الطارئة الى واشنطن للضغط من اجل الحصول على تعهد أمريكا بإعلان الحرب على ايران في حال فشل المفاوضات بخفي حنين.

أي غارات جوية إسرائيلية، ومهما بلغ عددها، لن توقف البرنامج النووي الإيراني، ولكنها قد تعطي نتائج عكسية وتؤدي الى تدمير مفاعل ديمونا الإسرائيلي في صحراء النقب، لان هذه الغارات لن تمر دون رد فوري إيراني بعد اطلاق قنبلتها الأولى بثوان معدودة، فهذا المفاعل لا يحتاج الى اكثر من صاروخ إيراني دقيق لاجتثاثه من جذوره، فهو على عكس نظرائه الإيرانية ليس مدفونا في قعر جبل، او على عمق كيلومترات تحت الأرض، مثلما هو حال مفاعل “فيردو” قرب مدينة قمم على سبيل المثال لا الحصر، مضافا الى ذلك ان هذه المفاعلات إيرانية الذاتية الصنع، وليست مستوردة من أي دولة اجنبية، ومحصنة جيدا ومن أسسها يستطيع تأسيس غيرها في غضون أسابيع او اشهر قليلة.

الجنرال علي فدوي، نائب رئيس الحرس الثوري الإيراني رد على هذه التهديدات الاسرائيلية يوم امس بالقول “ان القوات الإيرانية جاهزة للرد ومساواة إسرائيل بالأرض اذا شنت أي هجوم على بلاده”، وهي تهديدات تأتي استكمالا لأخرى وردت على لسان الجنرال علي شامخاني رئيس مجلس الامن القومي الإيراني قبل عدة أسابيع التي اكد فيها “ان الطائرات الإسرائيلية قد تنجح في شن غارات على منشآت إيرانية ولكنها لن تعود لسبب بسيط انها لن تجد مطارات او قواعد عسكرية تهبط فيها”. السؤال الأهم الذي لا يطرحه الكثيرون داخل إسرائيل والولايات المتحدة والحلفاء في الغرب هو: ماذا سيحدث لو تكللت مفاوضات فيينا بالنجاح، وجرى التوصل الى اتفاق؟ وأين ستذهب التهديدات العسكرية الإسرائيلية الحالية؟

ايران قد تكون الرابح الأكبر حتما سواء نجحت مفاوضات فيينا او انهارت، نقولها للمرة الألف، فالنجاح يعني دخول حوالي 300 مليار دولار الى خزائنها، مئة منها كأرصدة مجمدة، و200 مليار هي حجم التعويضات التي ستدفعها أمريكا من جراء فرض عقوبات اقتصادية على ايران من قبل إدارة ترامب، وهذا يعني تطوير برامجها الباليستية الصاروخية والطائرات المسيرة العملاقة، وتعزيز دورها الإقليمي واذرعها العسكرية الضاربة في الشرق الأوسط، وتحسين الظروف المعيشية لأكثر من 80 مليون إيراني، اما انهيار المفاوضات وارتكاب “إسرائيل” حماقة الخيار العسكري لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، فقد يؤدي الى قصفها بأكثر من عشرة آلاف صاروخ من الشمال والجنوب والشرق يوميا، ولن تستطيع “القبب الحديدية” من اعتراض معظمها، وربما لهذا السبب الغى الكونغرس امس شراء منظومتين منها لتسليح الجيش الأمريكي. الإيرانيون “دهاة” اتفقنا معهم او اختلفنا، ومثلما جعلوا بعض حلفاء أمريكا في الخليج يتقاطرون الى طهران طلبا للسلامة والمصالحة، سيركّعون الإسرائيليين في أي حرب قادمة يشعلون فتيلها، وهذا اذا بقوا فوق الأرض.. والله اعلم.

قد يهمك أيضاً :

كيف نفسر هذا الترحيب اللافت بالرئيس الفلسطيني صديق المغرب التاريخي في الجزائر؟

 لماذا يتصالح أردوغان مع كل أعدائه ويقدم لهم التنازلات باستثناء الجار السوري؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وماذا لو نجحت مفاوضات فيينا وجرى التوصل الى اتفاق في الدقائق الأخيرة وماذا لو نجحت مفاوضات فيينا وجرى التوصل الى اتفاق في الدقائق الأخيرة



GMT 10:39 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 06:56 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

حل اللغز ورفض الاعتذار

GMT 06:54 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

بين إدارة بايدن وإدارة بوش الابن

GMT 06:53 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

ما بعد أوكرانيا... هل من ستار حديدي جديد؟

GMT 06:51 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

المخاوف من انفلات نووي

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 16:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
المغرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib