هل سيستجيب الرئيس أردوغان لشُروط “إسرائيل” التّعجيزيّة وأبرزها قطع العُلاقة مع “حماس” مُقابل تطبيع العُلاقات بين البلدين

هل سيستجيب الرئيس أردوغان لشُروط “إسرائيل” التّعجيزيّة وأبرزها قطع العُلاقة مع “حماس” مُقابل تطبيع العُلاقات بين البلدين

المغرب اليوم -

هل سيستجيب الرئيس أردوغان لشُروط “إسرائيل” التّعجيزيّة وأبرزها قطع العُلاقة مع “حماس” مُقابل تطبيع العُلاقات بين البلدين

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

من سُخرِيات زمن التّطبيع العربي، أنّ حُكومة بنيامين نِتنياهو العُنصريّة لا تكتفي بإقامة عُلاقات دبلوماسيّة وتجاريّة مع الدّول العربيّة والإسلاميّة التي باتت تتودّد إليها بضَغطٍ أمريكيّ، وتخترق بذلك كُل الخُطوط الحُمر، وإنّما تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وتَفرِض على هذه الدّول شُروطها مُقابل أيّ تبادُل للسّفراء وفتح السّفارات.

فُوجِئنا اليوم، وما أكثر المُفاجآت، والصّدمات هذه الأيّام، بإقدام صُحف ووسائل إعلام إسرائيليّة على كشف مضمون رسالة بعثتها حُكومة نِتنياهو إلى نظيرتها التركيّة تُبَلِّغها فيها بأنّها “لن تُطَبِّع العُلاقات معها بالشّكل المطلوب، إلا بعد وقف أنشطة “الجناح العسكري” لحركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” في الأراضي التركيّة، ومدينة إسطنبول على وجه الخُصوص، التي جرى اتّخاذها قاعدةً لتجنيد الشُّبّان الفِلسطينيين للقِيام بأنشطةٍ إرهابيّةٍ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وتحويل الأموال إلى البُنى العسكريّة للحركة”.

مصدر المُفاجأة المُؤلمة بالنّسبة إلينا، أنّنا كُنّا، وما زلنا، نتوقّع العكس، أيّ أن يكون الجانب التركي هو الذي يَفرِض الشّروط لا أن يتلقّاها، مُقابل تطبيع عُلاقاته الدبلوماسيّة وتعزيزها مع دولة الاحتِلال، كأن يُطالب برفع الحِصار التّجويعي الظّالم عن مِليونيّ فِلسطيني في قِطاع غزّة، ووقف جميع أعمال الاستِيطان غير الشرعيّة في الضفّة الغربيّة، وإنهاء كُل أعمال الحفر بحثًا عن هيكل سليمان المزعوم تحت أساسات المسجد الأقصى في القدس المُحتلّة، وتطبيق قرارات الشرعيّة الدوليّة كاملةً، والقائمة تطول، فَفِلسطين كانت وقفًا إسلاميًّا، وولايةً عُثمانيّة.
***
الرئيس رجب طيّب أردوغان حَظِي بشَعبيّةٍ كبيرةٍ في أوساط العرب والمُسلمين عندما تصدّى بقُوّةٍ لأكاذيب شمعون بيريس، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في مُنتدى دافوس، ودعمت حُكومته قافلة سفن مرمرة في أيّار (مايو) عام 2010 التي هاجمتها قوّة كوماندوز إسرائيليّة قُبالة السّواحل الفِلسطينيّة المُحتلّة وهي في طريقها لكسر الحِصار عن قطاع غزّة، ممّا أدّى إلى استِشهاد 10 ناشطين، وطرد السّفير الإسرائيلي عام 2018 احتجاجًا على السّياسات الإجراميّة لحُكومته، وذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما أدان عمليّات التّطبيع العربيّة، والخليجيّة تحديدًا مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، وهدّد بقطع العُلاقات وسحب السّفراء معها، ولكنّه يبدو، ولأسبابٍ عديدةٍ، بصَدد التّراجع عن هذه السّياسات، والقُبول بالشّروط الإسرائيليّة جُزئيًّا أو كُلِّيًّا، ففي 25 كانون أوّل (ديسمبر) الماضي، أكّد الرئيس أردوغان رغبة بلاده في إقامة عُلاقات أفضل مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، ولكنّه انتقد السّياسة الإسرائيليّة تُجاه الفِلسطينيين ووصفها بأنّها غير مقبولة، وخط أحمر بالنّسبة إلى أنقرة، وكشف للصّحافيين الذين التفّوا من حوله بعد صلاة الجمعة في مسجد آيا صوفيا في الوقت نفسه، بأنّ المُحادثات على المُستوى الاستِخباري جرى استِئنافها بين الجانبين من أجل تطبيع العُلاقات وعودة السّفراء.
هاكان فيدان، رئيس المُخابرات التركيّة، زار فِلسطين المُحتلّة أكثر من مرّةٍ في الفترة الأخيرة والتقى نظيره الإسرائيلي يوسي كوهين لبحث القضايا الخِلافيّة تمهيدًا لعودة العُلاقات إلى صُورتها الطبيعيّة، وزيادة التّبادل التّجاري بين البلدين الذي يَبْلُغ ثمانية مِليارات دولار حاليًّا، وعدد رحَلات الطّيران التركي إلى تل أبيب التي تَبْلُغ حاليًّا حوالي 60 رحلةً أُسبوعيًّا، ويتَردَّد أنّ إلهام علييف رئيس أذربيجان هو الذي يقود جُهود الوِساطة في هذا الإطار كمُكافأةٍ لدوريهما، أيّ تركيا وإسرائيل، في دعمه في حرب “قرة باخ” الأخيرة ضدّ أرمينيا.
لا نعرف حتّى الآن كيف سيكون ردّ الحُكومة التركيّة على هذه الشّروط الإسرائيليّة إذا ثَبُتَ صحّتها، وهي تبدو صحيحةً، لأنّ عدّة وسائل إعلام إسرائيليّة نشرت النّص الرّسمي للرّسالة ونقلتها وكالات أنباء عالميّة ولكن ما نتَمنّاه أن يأتي الرّد رفضًا قويًّا، ليس لأنّ هذه الشّروط “مُهينة” لتركيا الدّولة الإقليميّة العُظمى في المِنطقة، وإنّما لأنّ التّطبيع التّركي مع دولة الاحتِلال، وتجميد العُلاقة مع حركة “حماس” البوّابة الرئيسيّة لتركيا إلى قُلوب المُسلمين، عربًا كانوا أو غير عرب، سيُؤدِّي إلى خسارة تركيا لهيبتها ومكانتها في العالم الإسلامي، خاصّةً أنّ هذه الهيبة بدأت تتآكل بعد تدَخُّلاتها العسكريّة في سورية وليبيا وتَراجُعِها أمام مطالب الاتّحاد الأوروبي في أزمة شرق المُتوسّط.
 

 

***
إذا كان الرئيس أردوغان يُراهِن على تحسين وضع بلاده الاقتصادي، ووقوف اللّوبي الصّهيوني إلى جانبه في مُواجهة إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الذي لا يكن الكثير من الوِدِّ لتركيا، ويُجاهِر بدعمه للانفِصاليين الأكراد، فإنّ رِهانه خاطِئٌ، لأنّ “إسرائيل” ترى في تركيا، وكُل الدّول والشّعوب العربيّة والإسلاميّة خطرًا وجوديًّا عليها.
التّطبيع المُثمِر بالنّسبة إلى تركيا هو الذي يجب أن يتم مع جيرانه في سورية والعِراق، ومِصر وباقي الدّول العربيّة الأُخرى، وتحسين العُلاقات معها، فهي دول تجمعها مع تركيا الرّابطة الإسلاميّة، ويُمكن أن تكون سنَدًا لها، فإسرائيل أضعف من بيت العنكبوت، والزّعامة الأمريكيّة للعالم التي تحظى بدعمها تتآكل في ظِل احتِمالات انهِيارها وصُعود قِوى أُخرى مِثل الصين وروسيا.
خِتامًا نسأل، ودون أيّ تَرَدُّد، كيف ستكون الشّروط الإسرائيليّة لو كانت حُكومة “حزب العدالة والتنمية” الحاكمة في أنقرة، تُقَدِّم الصّواريخ الدّقيقة، وتكنولوجيا صِناعتها والطّائرات المُسيّرة، أو صواريخ “الكورنيت” التي أذلّت دبابة “الميركافا” والقبب الحديديّة فخر الصّناعة العسكريّة الإسرائيليّة، إلى حركة “حماس” وحركات المُقاومة الأُخرى، مثلما فعلت، وتفعل إيران وسورية و”حزب الله” حاليًّا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيستجيب الرئيس أردوغان لشُروط “إسرائيل” التّعجيزيّة وأبرزها قطع العُلاقة مع “حماس” مُقابل تطبيع العُلاقات بين البلدين هل سيستجيب الرئيس أردوغان لشُروط “إسرائيل” التّعجيزيّة وأبرزها قطع العُلاقة مع “حماس” مُقابل تطبيع العُلاقات بين البلدين



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 17:34 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
المغرب اليوم -

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib