لماذا لا نَستبعِد أن يكون الرئيس بوتين شخصيًّا خلف هذا الاختِراق السّيبراني الأعظم الذي ضرب الوِزارات والمؤسّسات الأمنيّة الأمريكيّة الحسّاسة

لماذا لا نَستبعِد أن يكون الرئيس بوتين شخصيًّا خلف هذا الاختِراق السّيبراني الأعظم الذي ضرب الوِزارات والمؤسّسات الأمنيّة الأمريكيّة الحسّاسة

المغرب اليوم -

لماذا لا نَستبعِد أن يكون الرئيس بوتين شخصيًّا خلف هذا الاختِراق السّيبراني الأعظم الذي ضرب الوِزارات والمؤسّسات الأمنيّة الأمريكيّة الحسّاسة

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

تعيش الولايات المتحدة القوّة الأعظم في العالم حالةً من الارتِباك غير مسبوقة حاليًّا بسبب اختِراق أنظمة وشبكات كمبيوتر لأكثر من 30 وكالة أمريكيّة مُهمّة مِثل وزارات الخزانة والتجارة والطاقة، ووكالات الأمن الداخلي، وهو اختراق شَمِل أيضًا مواقع حسّاسة في أكثر من عشر دول بينها بريطانيا وإسرائيل وبلجيكا وكندا، والغريب أنّ دونالد ترامب الرئيس المَهزوم يلتزم الصّمت المُطبِق، ممّا يُوحي بأنّه في حالةٍ من النّشوة، هذا إذا لم يكن على علمٍ بالجِهة التي تَقِف خلف هذا الاختِراق الذي يُوصَف من قبل ديفيد سانغر الذي ألّف عدّة كُتب حول الأسلحة السيبرانيّة بأنّه أعظم الإخفاقات الاستخباريّة في العصر الحديث.

مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكي وجّه أصابع الاتّهام إلى روسيا، وقال “من الواضح أنّها تَقِف وراء هذا الهُجوم الإلكتروني الذي طال عدّة مُؤسّسات أمريكيّة، وما زال من المُبكِر إحصاء حجم الخسائر”.

هُناك عدّة نقاط رئيسيّة لا بُد من التوقّف عندها في إطار أيّ عمليّة تحليل أو رصد لهذا الاختِراق وتَبِعاتِه ومعانيه:

الأولى: أنّ مسيرة التّراجع، وربّما الانهِيار، للعظَمة الأمريكيّة قد بدأت، في ظِل ظُهور قِوى عُظمى لا تَقِل تقدّمًا، وأبرزها روسيا والصين، وتفاقم الأزَمات الداخليّة الأمريكيّة التي انعكست بجَلاءٍ في الانقِسامات النّاجمة عن الانتِخابات الرئاسيّة الأخيرة.

الثّانية: روسيا اليوم، روسيا بوتين، تختلف كُلِّيًّا عن روسيا بريجنيف وغورباتشوف ويلتسين، وباتت مُتَقدِّمةً جدًّا عسكريًّا واقتصاديًّا وتملك أسباب القوّة “السيبرانيّة” ولهذا باتت أساليبها مُتطوّرةً جدًّا لارتِكازها على تقنياتٍ حديثةٍ ومُختلفة كُلِّيًّا عن أساليب الحرب الباردة البالية التي انهزمت أمام القوّة التّقنيّة الأمريكيّة الحديثة.

الثالثة: العالم الغربي الذي تقوده أمريكا، وهيمن على مُقدّرات العالم طِوال المئة عام الماضية، وبلغت هذه الهيمنة ذروتها بعد الحرب العالميّة الثانية، يُواجِه حاليًّا المصير نفسه الذي واجهته الكُتلة الاشتراكيّة بزعامة الاتّحاد السّوفيتي، ولذلك نحن نَقِف على أبواب نظام عالمي جديد مُتعدّد الرّؤوس، ربّما يَرسُم خطواته الرئيسيّة التّحالف الصيني الروسي العِملاق.

لا نُبالغ إذا قُلنا إنّ “روسيا بوتين” زعيم جِهاز المُخابرات السّوفيتي الأسبق (KGB) يستخدم دونالد ترامب وغبائه، وجشعه المالي، وربّما عمالته، بطريقةٍ مُباشرةٍ أو غير مُباشرة، ويُوظّفه لتخريب أمريكا، تمامًا مثلما وظّفت أمريكا غورباتشوف لتدمير الاتّحاد السّوفيتي وتفكيك الكُتلة الاشتراكيّة، وشطب حِلف وارسو من الوجود والبادِئ أظلم.

فمِنَ المُرجّح أن يكون الرئيس بوتين هو الذي أطاح، بطَريقةٍ أو بأُخرى، بالسيّدة هيلاري كلينتون في السّاعات الأخيرة من الانتخابات الرئاسيّة قبل الأخيرة، وجاء بترامب من أجل تحقيق هذا الإنجاز المَذكور آنِفَا، ودُون أن يترك أثرًا واحِدًا يُمكن أن يُدينه، أو يفضح هذا المُخطّط، وما يُؤكّد ذلك فشل جميع التّحقيقات التي أُجريت في هذا المِلَف، أو ربّما جرى التّعتيم على نَتائِجها بشَكلٍ مُتعمّدٍ تَجَنُّبًا للفضيحة.
***

نعم نحن نُؤمِن بالنظريّة التآمريّة، والأمريكيّة منها خاصّةً، ومن يقرأ مُذكّرات الرئيس الأمريكي السّابق باراك أوباما التي صدرت مُؤخّرًا وقبلها وزيرة خارجيّته هيلاري كلينتون حول كيفيّة توظيف ما يُسمّى بالربيع العربي لتفتيت المِنطَقة العربيّة، وإغراقها في الفوضى الدمويّة، ومن ثمّ هرولة حُكومات عربيّة إلى التّطبيع مع إسرائيل، يَصِل إلى النّتيجة نفسها التي تَوصّلنا إليها وحذّرنا مِنها.

الخطَر الأكبر الذي سيكون على قمّة أولويّات الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إذا قُدّر له أن يدخل البيت الأبيض، هو كيفيّة مُواجهة المحور الصيني الروسي الجديد وحُلفائه، ووقف عمليّة الانهِيار الدّاخلي في بلاده، ولا نعتقد أنّه سينجح في الحالين.. فالقادِم أعظَم، وما نراه حاليًّا هو مُجرّد “المُشهّيات” للوليمةِ الكُبرى.. واللُه أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا نَستبعِد أن يكون الرئيس بوتين شخصيًّا خلف هذا الاختِراق السّيبراني الأعظم الذي ضرب الوِزارات والمؤسّسات الأمنيّة الأمريكيّة الحسّاسة لماذا لا نَستبعِد أن يكون الرئيس بوتين شخصيًّا خلف هذا الاختِراق السّيبراني الأعظم الذي ضرب الوِزارات والمؤسّسات الأمنيّة الأمريكيّة الحسّاسة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 17:34 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
المغرب اليوم -

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib