أولوية التفاوض في أزمة الصحراء

أولوية التفاوض في أزمة الصحراء

المغرب اليوم -

أولوية التفاوض في أزمة الصحراء

محمد الأشهب

ليست كغيرها من الجولات. هذه المرة لن يعرض الموفد الدولي إلى الصحراء كريستوفر روس في زيارته الحالية تصورات جديدة لاستئناف المفاوضات العالقة، إلا بالقدر الذي يلامس فيه وجود تقارب في الاتفاق على المبدأ، ومن غير المستبعد أن يعمد إلى تحميل الأطراف المعنية مسؤولية الدوران في المأزق. أقله لناحية إعفاء الأمم المتحدة من انتقادات تسببت في تعطيل مسار المفاوضات.

الضغط الزمني الذي جاءت الجولة في سياقه، يشير إلى أن مهلة الأسابيع العشرة التي تفصل عن معاودة مجلس الأمن درس ملف الصحراء، وإصدار قرار جديد في نهاية أبريل (نيسان) القادم، غير كافية لإحراز تقدم تعذر تحقيقه سنوات، وتحديداً منذ استقالة الوسيط الدولي بيتر فان فالسوم الذي قال كلمته وانصرف، مع ما خلفته من تداعيات أثرت بصورة غير مباشرة في جهود الأمم المتحدة.

قال فالسوم أن استقلال إقليم الصحراء «ليس خياراً واقعياً»، وقبله وضع جيمس بيكر أربعة خيارات على الطاولة، تشمل إقرار الحكم الذاتي أو العودة إلى صيغة الاستفتاء، أو الجمع بينهما، أو انسحاب الأمم المتحدة من التعاطي مع ملف الصحراء. ولا يبدو أن الديبلوماسي الأميركي روس يرغب في تكرار تجارب سابقيه. وفي أحسن الأحوال يترك لمجلس الأمن استخلاص الموقف. بينما تؤكد كافة المؤشرات أن الأمر لن يزيد عن تمديد ولاية بعثة «المينورسو» عاماً جديداً والإبقاء على توصيف «الحل السياسي» إطاراً وحيداً بمرجعية قانونية وسياسية لن يطرأ عليها أي تغيير.، من جهة لأن مساعي الأمم المتحدة في التعاطي مع نزاعات وأزمات إقليمية ودولية، ضمن التركيز على ليبيا واليمن وسورية ومناطق إفريقية ساخنة، لا تسمح بنفض اليد من نزاع أقرت قواعد حله التي لا ينقصها سوى الالتزام والتنفيذ. ومن جهة ثانية لأن المخاوف الناشئة من تطور الأمور إلى انفلات أمني، بسبب عدوى الأوضاع المتدهورة في الساحل وبعض مجالات الفضاء المغاربي، تفرض شد الأطراف إلى صيغة الحل السياسي، وإن لم يحرز تقدماً.

ففي النهاية هناك وضع متوتر، لكنه واقع تحت السيطرة، في غضون سريان مفعول وقف النار، وإن هددت قيادة «بوليساريو» في الآونة الأخيرة بالعودة إلى حمل السلاح، من دون ترجمة ذلك إلى الواقع. على اعتبار أن أوضاع المنطقة لا تسمح بإضافة أعباء تدهور أمني جديد، تعتبره بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خطاً أحمر لا يجوز الاقتراب منه.

عدا ذلك، فإن انفراج الأزمة بين الرباط وباريس والاتفاق على الاهتمام بالمسألة الأمنية، في نطاق الحرب على الإرهاب، من شأنه أن يلقي بظلاله على الأوضاع في منطقة الشمال الإفريقي، أقله لجهة البحث في معاودة التنسيق الأمني الذي تضرر كثيراً، جراء خلافات الصحراء، بخاصة على محور العلاقات المغربية – الجزائرية. وليس صدفة أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سبق له أن دعا البلدين الجارين إلى إبداء مرونة في التعاون بينهما. كما لم يفت الموفد الدولي كريستوفر روس طرح صيغة الانفراج الثنائي كمدخل لتسهيل دور الأمم المتحدة في حلحلة ملف الصحراء.

عملياً كان روس أول من تنبه إلى البعد الإقليمي للنزاع، وفي أول زيارة له إلى الرباط حرص على الاجتماع إلى الأمين العام للاتحاد المغاربي، في إشارة إلى إمكان إسهام العواصم المغاربية في التقليل من الخلافات. إلا أنه عاود الخطى في اتجاه التركيز على الملف ثنائياً بين الرباط و»بوليساريو»، ما تسبب في رفع منسوب التحفظات المغربية التي رهنت استمرار التعاون والأمم المتحدة باحترام إطار المفاوضات ومرجعية الحل السياسي، من دون تعديل.

لم تنطلق جولات المفاوضات في طبعتها الأولى، إلا في غضون طرح الرباط اقتراح الحكم الذاتي كحل يساعد في تجاوز المأزق، ولم يكن لجولة الموفد روس الحالية أن تبدأ، إلا في ضوء التفاهمات التي حصلت بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة. غير ذلك لا يلغي فكرة جوهرية، وهي أن المفاوضات لا تراد لذاتها، وإنما كمنهجية لإقرار حل سياسي وفاقي، تقبله كافة الأطراف. والتحدي الذي يواجهه روس يكمن في الإبقاء على زخم المفاوضات، على أساس أن تكون أداة سياسية، تسمح بإرضاء الشركاء كافة. وتلك هي المشكلة، لأن مجرد الاتفاق النهائي على مرجعية المفاوضات يحسم مستقبل نزاع طال أمده.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أولوية التفاوض في أزمة الصحراء أولوية التفاوض في أزمة الصحراء



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

GMT 17:42 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أمر شائن!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 21:24 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 09:02 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 18:10 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية جديدة في حياتك المهنية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib