إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة
أخر الأخبار

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

المغرب اليوم -

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

أمامنا مجموعة من الحقائق المعلنة، كما أن أمامنا تجارب مخاضة في التاريخ الحديث، كلها تدلّنا على أن هناك دائماً «نهاية للألعاب الخطرة»!

الحقائق المعلنة أن إيران كثيراً ما رددت منذ انهيار حكم الشاه، أنها تحارب خارج أرضها لأنها إن لم تفعل ذلك فسوف تُضطر إلى أن تحارب على أرضها، ذلك كُرر كثيراً في تصريحات علنية، وكان ذلك نتيجة هاجس تاريخي قديم ترسخ في سردية التاريخ الإيراني الحديث، مفاده أن ما أفشل ثورة محمد مصدق عام 1953 هو التدخل الأميركي، ومنذ ذلك الوقت تبيَّن –لمَن يريد أن يعرف– أن الأميركيين وقتها فشلوا في إحباط ثورة مصدق، وأن التي أفشلتها هي قوى إيرانية داخلية محافظة، ولكن ذلك التفسير لم يدخل في سيكولوجية إيران الثورية، ربما لأسباب تناسبها.

وبناءً على فكرة الحرب خارج الحدود، شجَّعت إيران ومولّت ودعمت قوى إقليمية، مستثنيةً الدولة «مثل (حزب الله) في لبنان، وميليشيات عراقية، و(الحوثي) في اليمن، و(حماس) و(الجهاد) في فلسطين» وقوى أخرى، شجعتها وسلّحتها، للخروج على دولها، وإذكاء حرب الجوار، بصرف النظر عمّا يسببه ذلك من فوضى في تلك الدول، المهم أن تحارب «الشيطان الأكبر» أميركا، وتابِعَتَها إسرائيل، أو غيرها من الدول التي لا ترى في المشروع الإيراني فائدة تُذكَر. لم تكن إسرائيل مهتمة كثيراً بصلاح أو طلاح تلك الدول، ما دامت بعيدة عنها، حتى لو اصطدمت بها، تستطيع أن تحيِّدها، كما فعلت في لبنان عام 2006.

حرب غزة الطويلة والمُهلِكة، التي غيَّرت مزاج العالم وسير التحالفات، وإدانة إسرائيل في الغرب، على المستوى الشعبي، من الأمور التي أقنعت إسرائيل بأن القضية هي طهران، وليست غزة فقط، وما دامت طهران تسلِّح وتموِّل تلك الجماعات فإن الأمن الإسرائيلي في خطر، ليس فقط من خلال الإضرار بها مادياً، ولكن أيضاً بتجريدها من حلفائها الأقرب، فقررت استدراج إيران إلى الساحة مباشرةً.

هنا نذهب إلى التاريخ، فقد كان ونستون تشرشل، رئيس الحكومة البريطانية إبان الحرب العالمية الثانية، يصلّي أن تدخل الولايات المتحدة الحرب ضد المحور، لأنها الأقوى، ولكنها كانت مترددة، حتى ارتكبت القوى العسكرية اليابانية غلطتها التاريخية، فهاجمت بيرل هاربور، وبعدها انقلبت الأحداث، إلى أن انتصر الحلفاء بسبب التدخل الأميركي. هناك أحداث مشابهة في منطقتنا (عبد الناصر 76، وصدام 1990) لا داعي لسرد تفاصليها، أساسها «الاستدراج من جهة، والوقوع في غواية المزايدة من جهة أخرى».

لم يكن لنتنياهو ذريعة مثل بيرل هاربور، فقرر أن يخلقها، فهاجم القنصلية الإيرانية في دمشق، من أجل جر إيران من الظل إلى العلن، ومن التخفي إلى الظهور، وقد كسب الجولة مباشرةً، أولاً من خلال عودة التعاضد الغربي الكبير لإسرائيل، وغير البوصلة السياسية السابقة التي عزلته جزئياً، وكسب تأييداً داخلياً كان يحتاج إليه، وفوق كل ذلك «استدعى ادعاءات إيران»، واختبر كل تلك التهديدات التي روَّج لها النظام الإيراني طويلاً كـ«محو إسرائيل من على الخريطة»!

فهذه الرسالة وضعت متخذ القرار الإيراني في حيرة، أمام جمهوره، وأمام قطاع واسع من الجمهور العربي، الذي كان يعتقد أن إيران سوف «تمحو إسرائيل من على الخريطة» بالفعل من خلال ما روَّجت له عمَّا توفر لها من سلاح حديث.

تلك الحيرة انتهت باتخاذ قرار «حرب ولا حرب» أو «حرب العلاقات العامة»، إذ أرسلت إيران صواريخ ومُسيرات، ثم أخبرت عنها، في شبه قصة قديمة تراثية معروفة، وهي أن أحد النبلاء أفلس، فلم يكن أمامه إلا بيع البيض، فنادى على البيض في الساحة العامة، وفي الوقت نفسه يقول لنفسه: أرجو ألا يسمعني أحد!

قصة المُسيرات والصواريخ أُشبعت بحثاً في الأيام الماضية، كما أن الرد الإسرائيلي الذي حصل كان أيضاً متوقَّعاً.

ليس ذلك مهماً، المهم التسوية القادمة؛ إن كان النظام الإيراني سيبقى داعماً للاضطراب في الشرق الأوسط أم أنه سيبحث عن «ضمانات» خلف الأبواب المغلقة بحيث «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم» بمعنى ضمان سلامته من التدخل الخارجي، وهو هدف من أعز أهداف النظام القائم، وفي الوقت نفسه يكفّ يده من جهة أخرى في كلٍّ من البرنامج النووي، والتدخل النشط في الجوار، أم سيُبقي النظام على السياسة القديمة، بعد انكشاف محدودية قدرته على الفعل المؤثر؟

قد يكون الضغط العلني على إسرائيل، في عدم الرد أو الرد الرمزي «كما حصل يوم الجمعة»، أن هناك شيئاً ما يُطبخ في الغرف الخلفية، ولا يستبعد أن يكون ذلك، لما عُرف عن النظام الإيراني من مرونة شهدناها في حرب تحرير العراق، حيث وافق خلف أبواب مغلقة، على ألا يتدخل، بل كان يسمح بأن تخترق الطائرات الأميركية الأجواء الإيرانية للهجوم على العراق!

بيت القصيد أن العودة إلى تكتيكات الماضي «أي الحرب بوكلاء» لم تعد قابلة للتكرار من جديد، كما أن حرب العلاقات العامة غير مجدية، ومكلِّفة، فلا بد من تسوية، ربما القربان الذي يقدَّم في هذه التسوية هي فلسطين، وبالتحديد القتلى والجرحى والمشردون والجوعى.

أمام هذه المتغيرات الكبرى في المنطقة، هل تعود الميليشيات العربية إلى رشدها بعد أن عاثت في مصير ومسيرة أوطانها، وأورثتها الفقر والفاقة والإفلاس، وتعود الدولة تدريجياً في لبنان واليمن وسوريا، كما يصل الفلسطينيون فيما بينهم إلى وفاق، قد يقود إلى دولة يتمتعون فيها باستقلالية وأمن، تلك أسئلة يصعب الإجابة عنها، إلا أن ديناميكية جديدة قد أُطلقت في منطقة الشرق الأوسط، تختلف عن الآلية السابقة التي سادت لعقود، فنحن أمام بداية انتهاء اللعبة.

آخر الكلام: من الصعب أن تفهم إيران أن الشعوب العربية

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة إيران وإسرائيل ونهاية اللعبة الخطرة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 05:39 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

نتائج آخر 4 مباريات بين الإنتر وفيورنتينا

GMT 05:34 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

أبرز أرقام ديبالا ضد بارما

GMT 01:55 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميريام فارس تعود إلى محبيها بعد إصابة قدمها اليمنى

GMT 01:43 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أردنية تبدع في صناعة حلوى الدونات بطريقة جذابة

GMT 09:36 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

إيطاليا تمنحُ نصف مليون يورو إلى مخيمات تندوف

GMT 15:30 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

كوبا... هل هي نهاية جيل سييرا مايسترا؟

GMT 16:17 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

المجموعة الثانية : البرتغال- اسبانيا - المغرب - ايران

GMT 13:02 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نهضة بركان يقيل مدربه رشيد الطاوسي بسبب سوء النتائج

GMT 02:17 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التكنولوجيا يكشفون عن موعد طرح الدمية الجنسية

GMT 07:17 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في مرتيل‎

GMT 19:19 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

نجلاء بدر تكشف عن استكمال تصوير مسلسل "ستات قادرة"

GMT 05:29 2015 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

جينفر لورانس تلفت الأنظار بثوب أبيض أنيق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib