عطاء بن أبي رباح

عطاء بن أبي رباح

المغرب اليوم -

عطاء بن أبي رباح

مشعل السديري
بقلم : مشعل السديري

قال عثمان بن عطاء: انطلقت مع أبي نريد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، فلما غدونا قريباً من دمشق؛ إذا نحن بشيخ على حمار أسود عليه قميص صفيق وجُبَّة بالية وقلنسوة لازقة برأسه، فضحكت منه وقلت لأبي: من هذا؟ فقال: اسكت هذا سيد فقهاء الحجاز (عطاء بن أبي رباح).
وانطلقا حتى وقفا على باب قصر الخليفة، حتى أذن لهما، ولما خرج أبي سألته: حدثني بما كان منكما، فقال: لما علم هشام أن عطاء بن أبي رباح بالباب بادر فأذن له، ووالله ما دخلت إلا بسببه، فلما رآه هشام قال: مرحباً مرحباً هاهُنا هاهُنا، وما زال يكررها، حتى أجلسه معه على سريره ومس بركبته ركبته.
وكان في المجلس أشراف الناس وكانوا يتحدثون فسكتوا، ثم أقبل عليه هشام وقال: ما حاجتك يا أبا محمد؟، قال: يا أمير المؤمنين، أهل الحرمين أهل الله وجيران رسوله تقسّم عليهم أرزاقهم وأعطياتهم، فقال: نعم، يا غلام اكتب لأهل مكة والمدينة بعطاياهم وأرزاقهم لسنة.
ثم سأله: هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ فقال: نعم، أهل الحجاز وأهل نجد أصل العرب وقادة الإسلام ترد فيهم فضول صدقاتهم، فقال: نعم، يا غلام اكتب بأن ترد فيهم فضول صدقاتهم، ثم سأله: هل من حاجة غير ذلك يا أبا محمد؟ قال: نعم، فأهل الثغور يقفون في مواجهة العدو ويقتلون من رام المسلمين بشرّ، تجري عليهم أرزاقاً تدرها عليهم، فإنهم إن هلكوا ضاعت الثغور، فقال: نعم، يا غلام اكتب بحمل أرزاقهم إليهم، هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم، أهل ذمتكم لا يكلفون ما لا يطيقون، فإن ما تجبونه منهم معونة لكم على عدوكم، فقال: يا غلام اكتب لأهل الذمة بألا يكلفوا ما لا يطيقون.
وأخيراً سأله: هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم، اتق الله في نفسك يا أمير المؤمنين واعلم أنك خلقت وحدك، وتموت وحدك، وتُحشر وحدك، وتُحاسب وحدك، ولا والله ما معك ممن ترى أحد، فأكبّ هشام ينكت في الأرض وهو يبكي.
فقام عطاء فقمت معه، فلما صرنا عند الباب إذا برجل قد تبعه بكيس لا أدري ما فيه وقال له: إن أمير المؤمنين بعث لك بهذا، فقال: هيهات، (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وقال لي أبي: فوالله إنه دخل على الخليفة، وخرج من عنده، ولم يشرب حتى قطرة ماء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عطاء بن أبي رباح عطاء بن أبي رباح



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib