إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع

إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع

المغرب اليوم -

إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

هل فشلت الولايات المتحدة الأميركية في القضاء على الإرهاب المموَّل إيرانياً؟ هل فشلت في حماية حلفائها؟ وهل فشلت أوروبا في مساعدة حلفائها على إنهاء صراعاتهم، خصوصاً الإيراني الخليجي؟

هل استطاعت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا القضاء على الأنشطة الإيرانية الإرهابية والمهدِّدة التي تُرتكَب خارج حدود الإقليم كالتي تقوم بها في أوروبا؟

ما الذي ترجوه أوروبا من النظام الإيراني؟ ما الذي ترجوه الولايات المتحدة الأميركية من النظام الإيراني؟

ما قيمة إيران للاثنين؛ أميركا وأوروبا حتى تظل العلاقة محتفظة بروابط وثيقة برغم كل الخلافات الظاهرة بينهم، وبرغم العقوبات التي فرضتها على إيران؟ بل برغم ارتكاب إيران كل ما هو ممنوع ومحرَّم في عُرف القانون الدولي؟ وعلى عكس إسرائيل التي أُعطِيت حق الدفاع عن نفسها وهي الدولة المحتلة، إيران لم تتعرّض لهجوم، أو كانت في موقع الخطر في يوم من الأيام بشكل مباشر حتى تجد لجرائمها التي ترتكبها خارج حدودها مبرِّراً أو غطاءً يُضفي عليها الشرعية كما هو حال إسرائيل، إلا أن العلاقات مع النظام الإيراني ما زالت مستمرة بدرجاتها المتفاوتة، فإن قُطعت دبلوماسياً أُبقِيت على غُرف اتصال بحجة التفاوض.

إيران أسّست مراكز داعمة للإرهاب وفقاً لتقارير استخباراتية فرنسية ألمانية بريطانية. إيران خزّنت أسلحة وذخائر في تلك المراكز في أوروبا، واغتالت معارضين، وتجسَّست وموَّلت أحزاباً وميليشيات إرهابية، من خلال مراكز دينية وثقافية إيرانية في دول أوروبية (انظر لتقارير نشرتها الـ«بي بي سي» البريطانية، أو «سوسيس إنفو» السويسرية، أو مجلة «المجلة»، أو صحف ألمانية وفرنسية، أو حتى الإعلام الإيراني ذاته الذي أكّد إغلاق عديد من مراكزه في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا)، إلا أن العلاقة بين النظام الإيراني والدول الأوروبية مستمرة.

تقف إيران وراء هجمات الحوثي المهدِّدة للمياه الإقليمية وللتجارة الدولية. تقف إيران وراء «حماس» المسؤولة مع إسرائيل في أكبر وأفظع إبادة بشرية في التاريخ المعاصر.

تقف إيران وراء هجمات فصائل من «الحشد الشعبي» على مواطنين أميركيين في العراق، والهجمات الصاروخية على إسرائيل، ناهيك عن ارتكابها جرائم في حق مجموعات عراقية من السُّنة.

إيران الداعم الرئيسي لـ«حزب الله»، المصنَّف دولياً في القائمة الإرهابية والمهدِّدة لأمن اللبنانيين والدول العربية، إضافةً لتهديده لإسرائيل، ومسؤول عن أكبر عمليات زراعة وتصدير المخدّرات وغسل الأموال، وتخزين المتفجرات في مناطق مدنية. أما في الداخل الإيراني فيرتكب النظام جميع أنواع الإرهاب والقتل، والقمع والإعدامات، وتجفيف المياه، وكبْت الحريات ضد مواطنيه، أي أنه في الاتجاه المعاكس تماماً لجميع القيم الحضارية التي بناءً على التزام الآخرين بها تدَّعي الدول الغربية أنها تحدِّد علاقاتها معهم، فالنظام الإيراني يقف على الضفة الأخرى، وعلناً بلا مواربة، حتى إعداماتها تجري في الميادين العامة.

مَن يجمع كل هذه المهدِّدات الإيرانية للأمن الدولي، والتصرفات المناقضة للحقوق الإنسانية والمواثيق الدولية، ويكون سبباً في استمرار الصراع في منطقة الشرق الأوسط واضطرابها، يظن أن القضاء على هذا النظام لا بد أن يكون قراراً دولياً حتمياً، وبإجماع دولي تام، إنما الذي يحدث هو حرص الجميع على إبقاء النظام، والاحتفاظ بأذرُعه من ميليشيات على قيد الحياة، حتى لو اضطروا لمعاقبته أو صد هجماته، إلا أن القضاء على نظام الملالي ليس وارداً عند أيّ من الأجندات الأوروبية أو الأميركية، أي عند جميع أحزابها اليمينية أو اليسارية، الكل اتفق على الاحتفاظ بالنظام، وحصر مهدِّداته الدولية في محيطه!!

واتفقوا على التعامل مع جرائمه الدولية بشكل فردي، يحمّل أفراداً من النظام، ولا يحمّل النظام، حتى يظل النظام قادراً على الاستمرار.

لسنا وحدنا في دول الخليج مَن يستغرب من هذا الوضع الغريب والمثير للتساؤلات، بل حتى الموظفون الأوروبيون أو الأميركيون المكلَّفون بتقديم التقارير عن أنشطة النظام، أو المكلَّفون بالتفاوض مع أي من الأطراف الإيرانية، أو مع إيران مباشرةً، يكشفون عن الأدلة والإثباتات، وعلم الحكومات الأوروبية بها التي تؤكّد أن هذا النظام راعٍ للإرهاب، ومهدِّد للأمن الدولي، وخطر على الإقليم والتجارة الدولية، إلا أن تقاطُع المصالح بينهم وبين النظام الإيراني يقتضي الإبقاء عليه لأطول فترة ممكنة.

ليثبت لنا أن «إدارة» الصراع لا «حله»، هو سياسة اتفق عليها الجميع، فلا ننتظر من أي من الحكومات الغربية - يمينية أو يسارية - أن تقطع علاقتها تماماً وتُنهيها مع إيران، فازت كامالا أو فاز ترمب، سيظلون يحتفظون بخيط اتصال وارتباط، وستظل المعاقبة في حدود تُبقِي النظام الإيراني على قيد الحياة. السؤال الأخير: هل النظام الإيراني مستفيد من الرغبة الأميركية الأوروبية في إدارة الصراع لا إنهائه؟ الإجابة: نعم، وإلى أقصى حد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع



GMT 21:39 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

ذئب ميونيخ... وتعدد الأسباب

GMT 20:42 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

يا مال الشام!

GMT 20:41 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

أزمة المنظمات الدوليّة والإقليمية

GMT 20:38 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

طريق الرياض للسلام العالمي

GMT 20:37 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

عن قمة باريس للذكاء الاصطناعي

GMT 20:35 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

نصف نصيحة طفل!

GMT 20:31 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

حتى لا تصب خارج الكأس

GMT 20:29 2025 السبت ,15 شباط / فبراير

أيام ترامب!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:17 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الرميد يشن هجومًا على هيئة المحامين في المغرب

GMT 14:53 2023 السبت ,04 شباط / فبراير

إطلالات ساحرة لأنابيلا هلال باللون الأحمر

GMT 04:08 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

مصادر تكشف عن إمكانية انقطاع الماء في مراكش صباح الخميس

GMT 12:56 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

إطلالات نادين نجيم تُلهم الفتيات بمكياجها الناعم

GMT 09:42 2024 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

النقل تعلن تسجيل هزة أرضية في محافظة البصرة العراقية

GMT 22:45 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

"ألمانيا" تظفر بكأس يونايتد لكرة المضرّب

GMT 12:27 2024 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

الصين تفرض عقوبات على 5 شركات عسكرية أميركية

GMT 03:42 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

الأسهم السعودية تُسجل قفزة في آخر تداولات رمضان

GMT 12:38 2023 الخميس ,16 شباط / فبراير

المؤشر نيكي يفتح على ارتفاع 0.56 %
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib