«الربيع العربي ــ 2» باسم الفلسطيني

«الربيع العربي ــ 2»... باسم الفلسطيني

المغرب اليوم -

«الربيع العربي ــ 2» باسم الفلسطيني

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

 

يتم اليوم استهداف أمن الأردن باسم نصرة الفلسطيني، وهذا يحصل على الرغم مما قدمه الأردن للفلسطيني عموماً من إقامة وعمل وهوية، إذ تقاسم الأردني فيه لقمة العيش مع أخيه الفلسطيني، ورغم ما قدمه الأردن ومليكه لغزة في محنتها خصوصاً.

كما أن ليس الأردن وحده هو المستهدف اليوم، بل لبنان أيضاً الذي أصبح أمنه في دائرة الخطر ووضعه على شفا الحرب، واليمن والعراق وسوريا كلها يجري استهداف الأنظمة فيها باسم الفلسطيني، والسبب الأساسي في هذا الاستهداف هو إيران، والمنفذون هم الشعوب العربية، وكل ما يجري من فوضى وتصادم في المنطقة يجري بعيداً عن إيران!!

هذا هو «الخراب العربي» أو ما سمي «الربيع العربي-2»، فالجزء الأول كان شعاره مباشراً «إسقاط الأنظمة» (باقون حتى يسقط النظام)، بينما تعلم القائمون عليه من التجارب السابقة أن هذا الشعار المباشر لن ينجح ولن يجد صدى لدى الجماهير في موسمه الثاني، لأن من سقطت أنظمته لعن الساعة التي سقطت فيها، ورأت الشعوب أنها هي الخاسر الأكبر في تلك اللعبة ودفعت الثمن غالياً، لذا فإن القائمين على المشروع ذاته بجزئه الثاني رأوا أن تغيير الشعار ضروري هذه المرة، وليكن «نصرة غزة» واستهداف الأنظمة «المتقاعسة» عن نصرة الفلسطيني، إنما الهدف كان وما زال في الموسمين واحداً، وهو إثارة الفوضى وحث الجماهير على التصادم مع القوى الأمنية في البلاد لإسقاط أنظمتها، وفي هذا السياق كل مرة تتعدد الشعارات لكن الهدف يبقى واحداً.

الجزء الثاني يجري الآن باسم الفلسطيني، الفوضى التي تتم يقوم بها من قلبه يعتصر على معاناة الفلسطيني الإنسان، إنما بقيادة وتوجيه من له أجندة خاصة في ذلك، فيرفع الشعارات ويوجهها ثم يعيد توجيهها ويركب موجة الغضب ويستفيد منها لتحقيق أهدافه، تماماً كما حدث في النسخة الأولى من دون أن نتعلم الدرس ومن دون أن نعي خطر الانسياق.

المشكلة هذه المرة في جميع الدول التي استجابت الجماهير فيها لنصرة غزة، هي الآن في مواجهة قسم كبير من شعوبها، رغم أن الغالبية من هذه الشعوب تعلمت الدرس وترفض الانسياق وراء أي طرف، إذ ترى بعض الأردنيين في مواجهة أردنيين آخرين، ولبنانيين في مواجهة لبنانيين، وكذلك في سوريا واليمن ومصر، في حين ترى غالبية كبرى من الناس في بيوتها وأيديها على قلوبها تخاف تكرار سيناريو «الربيع الأول»، خائفة على أمنها واستقرارها من وصول الخراب لها، مرددة: «لسنا على استعداد للوقوع في الفخ نفسه من جديد».

المشهد اليوم يعمه انقسام وغضب عارم بين الجماهير في المنطقة، وكل ذلك يجري باسم نصرة الفلسطيني، وكل هذا الشحن يجري بعيداً عن فلسطين وبعيداً عن إيران التي من أرضها انطلقت دعوة نصرة الفلسطيني، في حين لا يدري بها الفلسطيني النازح من أرض لأرض ولا يدري بها الطفل الفلسطيني الذي فقد كل أسرته ويبحث عن وسادة يضع عليها رأسه ولقمة يسد بها جوعه.

بالأدوات ذاتها يجري تنفيذ الجزء الثاني من «الربيع العربي»، فنشاهد بث بعض شاشات التلفزة مباشرة من الساحات التصادم الحاصل مع رجال الأمن ومعركة الشعوب مع أنظمتها، ونسمع منها أصوات التحريض والشحن وتصوير الأمر على أنه فعلاً من أجل الفلسطيني، كما أن بعض منصات التواصل الاجتماعي تحفل بالمحرضين على ذلك، بينما إيران تصفق لهم، وكله يجري باسم الفلسطيني، وتقوم قوى ناعمة بقيادة مركزية بتوجيه الجماهير وتقود الموجة وتصعد من شعاراتها وتعيد توجيهها، فالهدف من كل ذلك هو الأنظمة وليس نصرة الفلسطيني. أخيراً ما عليكم سوى مراقبة الشعارات وتغيرها وتغير اتجاهها لتعلموا من يقود اللعبة، وما عليكم سوى مراقبة من يتصادم متعمداً مع رجال الأمن ومن يحرق ومن يكسر ومن يخرب، فليس من بينهم من يعني له الفلسطيني شيئا، بل الهدف هو الأنظمة ومؤسساتها وقوانينها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الربيع العربي ــ 2» باسم الفلسطيني «الربيع العربي ــ 2» باسم الفلسطيني



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib