اختبار النبوءات

اختبار النبوءات

المغرب اليوم -

اختبار النبوءات

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

يبدو أن الولايات المتحدة ستترك بنيامين نتنياهو لاستنزاف كل محاولاته بغض النظر عن نتائجها بعد أن استخدمت «الفيتو» وأعطته الضوء الأخضر بذلك للاستمرار بحربه، وستترك أيضاً بالمقابل «حماس» تستنزف كل طاقتها بغض النظر عن نتائج هذا القرار، فلا توجد أي استجابة لدعوات التفاوض التي يطلقها جناح «حماس» السياسي كل يوم وتتجاهلها تماماً!

ولتحقيق بعض من التوازن للصورة الأميركية ظهر بايدن منتقداً نتنياهو بأنه متهور ويضر بإسرائيل، وطالب بتنحيه وتغيير الحكومة الحالية، ذلك «أقسى» ما صرح به بايدن تجاه الحكومة الإسرائيلية الحالية.

إنما جرى ذلك بعد أن منحها الضوء الأخضر لمزيد من القتل من خلال «الفيتو» الذي منع به صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، ومن أجل تحسين التشوهات التي لحقت بالصورة الأميركية كدولة داعية للسلام حين تصدت لقرار أممي بوقف إطلاق النار ووجدت نفسها وحيدة، وفي محاولة للتأكيد على أن لدى إدارتها حساً إنسانياً وليست معدومة منه! صرح بلينكن وزير الخارجية بأنهم مع وقف مؤقت وليس دائماً لإطلاق النار (بالمناسبة استخدمت أميركا «الفيتو» 80 مرة في تاريخها كله، 50 منها لحماية إسرائيل!).

المشكلة ليست في بقية من حس إنساني لدى هذه الإدارة ممكن أن تصلح الحال وتعدل بين الدعم اللامحدود لإسرائيل وبين الظلم الذي يقع على الفلسطينيين من جراء هذا الانحياز المطلق؛ المشكلة في رغبتها أو عدم رغبتها في إزاحة التيار الإسرائيلي اليميني المتطرف عن المشهد تماماً، والدفع بالمعتدلين الإسرائيليين المؤمنين بأنه لا مفر من «حل الدولتين» إن أراد الإسرائيليون العيش بأمان، وهناك في إسرائيل من هذا الفريق، وكاد يحقق نجاحات قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن الساحة الآن خالية لليمين، ونتنياهو يبدأ حملته الانتخابية من الآن بأنه الوحيد القادر على حماية أمن إسرائيل!

والمشكلة الأخرى هي في صعوبة، بل استحالة قبول «حماس» بالابتعاد عن المشهد أياً كان عدد شهداء غزة، بل هي تحاول استدراج الضفة الآن معها مستغلة ضعف السلطة الفلسطينية هناك، لذلك من غير المتوقع أن تترك «حماس» الساحة لفريق فلسطيني يؤمن بضرورة الاعتراف بدولة إسرائيل مثلما يطالبون بالاعتراف بدولتهم.

يبدو أن الأميركان قرروا استنزاف الاثنين، وأن الوقت ما زال مبكراً للدفع بالمعتدلين من الطرفين، وأن الاستراتيجية الحالية للولايات المتحدة الأميركية أن تترك الفريقين إلى أن يقضي أحدهما على الآخر، وتقوم الدولتان على ما تبقى منهما، إنه اختبار للنبوءتين! إذ لن تكون هناك دولتان إسرائيلية وفلسطينية ما دام من يحكم إسرائيل مرتكزاً على نبوءة إشعيا، وما دام الفلسطينيون خاضعين ويحكمون بمن يرتكز على حديث «لن تقوم الساعة...».

الاثنان يتحركان وفق نبوءات دينية مبنية على أن وجودهم وبقاءهم وحكمهم قائم على إفناء الآخر وإبادته.

ولسنا في معرض إنكار النبوءات الدينية أو إقرارها، حتى لا يؤخذ المقال إلى منحى نقاش المعتقد الديني، إنما نتحدث عن العقلية التي تحكم الفريقين المتحكمين في المشهد الإسرائيلي - الفلسطيني ومخزونهما الفكري ومحركهما الثقافي.

الاثنان مؤمنان بأنه ليس هناك ما يسمى بالدولتين، الاثنان مقتنعان بأن الله يقف معهم وحدهم ويعدهم بالنصر وحدهم، وأن ذلك لن يكون حتى يقتلوا آخر فرد من الفريق الآخر، لذلك فلتُختبر النبوءتان حتى لا تكون لأي منهما حجة بعد هذه الفرصة التي أخذها لتحقيقها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختبار النبوءات اختبار النبوءات



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib