التململ الألماني والضغط الأميركي
أخر الأخبار

التململ الألماني والضغط الأميركي

المغرب اليوم -

التململ الألماني والضغط الأميركي

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

أولاف شولتس، المستشار الألماني، انتقد الأسعار التي وضعتها أميركا لأوروبا، وتبلغ أربعة أضعاف الأسعار الروسية للكمية ذاتها... الفرق أن شولتس لم يقل إن هذا عمل عدائي كما قال بايدن عن قرار «أوبك بلس» بخفض الإنتاج مما سيرفع سعر برميل النفط!!
الأغرب أن حاجة أوروبا، ومنها ألمانيا، للغاز الأميركي أصبحت ضرورة بحتة لا بديل عنها بعد فرض العقوبات على روسيا بأمر أميركي وبعد تفجير خط الغاز والأصابع تشير إلى أميركا، حسبما ذكرت موسكو.
ألمانيا تنتقد ضعف هذا التحالف الأوروبي، وتحث المفوضية الأوروبية على البحث عن أسعار أقل خاصة من الولايات المتحدة، مطالبة إياها برد الجميل، حيث صرح الوزير الألماني لصحيفة «نويه أوسنابروكر تسايتونغ» الألمانية بالقول إن «بعض البلدان - بما في ذلك بلدان صديقة - تسعى (لبيع الغاز) بأسعار باهظة وخيالية.. هذا من شأنه أن يجلب بالطبع مشكلات يتعين التحدث بشأنها»، مضيفاً أنه يعوّل على المفوضية الأوروبية للتحدث عن هذا الأمر مع تلك الدول.
وتابع: «لقد لجأت الولايات المتحدة إلينا عندما ارتفعت أسعار النفط، وتم نتيجة لذلك استغلال احتياطيات النفط الوطنية في أوروبا. أعتقد أن هذا التضامن سيكون جيداً أيضاً لكبح أسعار الغاز».
أما أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية السابقة فقد ذهبت أبعد من الانتقاد الخجول الذي وجهه شولتس ووزير الاقتصاد، فقالت: «إنه على الرغم من إدانتها لروسيا لاجتياحها أوكرانيا فإن الواقع يؤكد أنه لا سلام ولا استقرار لأوروبا من دون روسيا!».
هذه الحقيقة تعرفها أوروبا تماماً، ولكنها بين سندان هذه الحقيقة ومطرقة الانصياع للتهديد الأميركي كقائدة لحلف «الناتو».
الأغرب من هذا كله أن القصة كلها بدأت أصلاً بتحريض أميركا لأوكرانيا لتقديم طلب الانضمام لحلف «الناتو»، وهي تعلم أن روسيا لن تسكت، ورغم أن ميركل أكدت حينها أن أوكرانيا غير مؤهلة للانضمام للحلف (ربما كانت تشعر بالأهداف الأميركية غير المعلنة) فإن أحداً لم يصغ إليها، وأصرت أوكرانيا وشجّعتها إدارة الرئيس بايدن.
وعليه، تحركت روسيا لحماية أمنها بعد أن حذرت أكثر من مرة أن ذلك الطلب مخالف للاتفاقيات، ولكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أصر على طلبه، وحين «وقعت الفاس في الراس» وتورطت أوكرانيا، وخسرت أراضي وأرواحاً وأموالاً وتدمرت أوكرانيا، وزجّ بالشعب في أتون الحرب، واستقطعت روسيا أربعة أقاليم، تقدم زيلينسكي (جدياً) هذه المرة بطلب الانضمام ووقع الأوراق في الشارع لا في المكتب؛ ظاناً أن «الناتو» سيأخذه بالأحضان، فبماذا ردت أميركا عليه؟ قالت إن «الوقت ليس مناسباً»!! نعم؟ ألم تكن أميركا هي من يشجعه على الانضمام؟ لماذا الوقت غير مناسب الآن؟!
لأن زيلينسكي بالتأكيد لن يُقبل طلبه الآن؛ إذ لو قُبِل الطلب فإن على حلف «الناتو» الدخول فوراً في حرب مباشرة مع روسيا بزعم الدفاع عن أحد أعضائه الذي يمر بحالة حرب، و«الناتو» غير مستعد ولا يريد الدخول في حرب مباشرة مع روسيا لا قبل ولا بعد. ما الحل إذاً؟ إنما هو الاقتصاد... بيع الغاز وبيع السلاح والارتهان لأميركا؛ لذا على الرئيس الأوكراني أن يظل في حربه مع روسيا ويستنزفها قدر المستطاع، حتى التفاوض لم يكن مقبولاً في الأول وليس أوانه الآن ولن يكون. إنه سيحاربها وحده بسلاح الغرب ومساعدته ودعمه، ومن سيموت هم الأوكرانيون، فأميركا لا تحتمل موت أي أميركي فهي على أبواب انتخابات! الكونغرس النصفية.
هل أوكرانيا هي المكلفة باستنزاف روسيا فقط؟ لا إنما أوروبا كلها يبدو أنها مطالبة بمقاطعة روسيا والامتناع عن استيراد الغاز منها، على أساس إضعافها وإنهاكها اقتصادياً وعسكرياً، والبديل هو الغاز المسال الأميركي، والنتيجة كانت أوروبا تستورد الكمية التي تحتاجها من روسيا سنوياً بما يقارب 30 مليار دولار، والآن عليها أن تدفع لأميركا 100 مليار دولار لذات الكمية!!
أوروبا مطالبة بتزويد أوكرانيا بالسلاح حتى كاد المخزون ينفد في بعض الدول الأوروبية.
أوروبا مطالبة بأن تتحمل شعوبها تكلفة مقاطعة روسيا وتكلفة الحرب ضد روسيا، فتزيد أسعار الطاقة عندها، ويتأثر اقتصادها، وتزداد البطالة في النهاية. يعرف الأوروبيون أن هذه ضريبة التحالفات التي يصر عليها اليسار الغربي... أن تضطر أحياناً أن تؤجل مصالحك من أجل مصالح (التحالف)، ولا أمل لأوروبا إلا بفوز يمين متشدد يضع مصلحة كل دولة أوروبية قبل مصلحة أي تحالف.
الخلاصة أن من يُستنزف الآن ليس روسيا فحسب، بل هي أوروبا برمتها، والمستفيد الوحيد هو الولايات المتحدة رغم أنها تقود التحالف المضاد لروسيا، لكنها الأقل نصيباً في دفع التكاليف. أليست هذه مفارقة؟ إنها تنهك روسيا وتجعل أوروبا أكثر اعتماداً عليها.. إنها تضرب عصفورين بحجر واحد!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التململ الألماني والضغط الأميركي التململ الألماني والضغط الأميركي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 05:39 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

نتائج آخر 4 مباريات بين الإنتر وفيورنتينا

GMT 05:34 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

أبرز أرقام ديبالا ضد بارما

GMT 01:55 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميريام فارس تعود إلى محبيها بعد إصابة قدمها اليمنى

GMT 01:43 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أردنية تبدع في صناعة حلوى الدونات بطريقة جذابة

GMT 09:36 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

إيطاليا تمنحُ نصف مليون يورو إلى مخيمات تندوف

GMT 15:30 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

كوبا... هل هي نهاية جيل سييرا مايسترا؟

GMT 16:17 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

المجموعة الثانية : البرتغال- اسبانيا - المغرب - ايران

GMT 13:02 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نهضة بركان يقيل مدربه رشيد الطاوسي بسبب سوء النتائج

GMT 02:17 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التكنولوجيا يكشفون عن موعد طرح الدمية الجنسية

GMT 07:17 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في مرتيل‎

GMT 19:19 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

نجلاء بدر تكشف عن استكمال تصوير مسلسل "ستات قادرة"

GMT 05:29 2015 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

جينفر لورانس تلفت الأنظار بثوب أبيض أنيق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib