أوروبا الجديدة المجالس التنسيقية السعودية

أوروبا الجديدة... المجالس التنسيقية السعودية

المغرب اليوم -

أوروبا الجديدة المجالس التنسيقية السعودية

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

في عام 2018، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنَّ الشرق الأوسط سيكون أوروبا الجديدة، وأن السعودية ستختلف، والبحرين كذلك، وبقية الدول المحيطة بالمملكة.

هذا الفكر السياسي فكر متقدِّم جداً لا ينتمي إلى ما دأبت عليه الدول التي تسعى للهيمنة والسيطرة على محيطها بإضعافه، وجعله تابعاً لها وتحت لوائها، ماذا وإلا سعت لتدميره حتى تشعر بالطمأنينة وتعتقد أنها بذلك قد أمَّنت حدودها.

فكر ولي العهد السعودي هو الذي خَلَق من الدول المجاورة تكتُّلاً حقيقياً، وجعل من المصالح المشتركة قواسم أقوى من أي قواسم تاريخية لم تعد تكفي لتشكل رابطاً.

بل إنه فكر اتسم بالعملية، وتميَّز بالجدية التي تمثلت في تأسيس المجالس التنسيقية، ومنها «المجلس التنسيقي السعودي البحريني» الذي عَقَد، الأسبوع الماضي، جلسته السنوية، والذي تأسَّس عام 2019، ومثله العماني والإماراتي والكويتي والمصري، لأن هذه الآلية من العمل المشترك هي التي بإمكانها تجاوز العقبات البيروقراطية بين الطرفين؛ إن وُجِدت.

وهذه طريقة عمل السعودية على عهد الأمير محمد بن سلمان، بآلية لا تقف عند البروتوكولات والاتفاقيات الورقية فحسب؛ طريقة تختزل المراحل وتختصر الوقت، تتمثل في الدبلوماسية الثنائية.

إذ اتضح أن الفروق بين الدول الخليجية بعضها بعضاً ومصر أيضاً كثيرة، كنظم إدارية، ومن شأن هذه الاختلافات تعطيل أي طموحات مشتركة للتعاون، والتعامل مع هذه الأطراف لا يمكن أن يكون بشكل جماعي؛ فهو تعامل غير عملي، وتقف في طريقه أبسط التباينات الإدارية، لذلك كثيراً ما نامت الطموحات في أدراج المنظومة الإدارية في جميع هذه الدول.

لذا فإنَّ المجالس التنسيقية التي تأسست هدفها أن يكون التعامل بشكل مباشر مع تلك العقبات التي تقف دون اكتمال المشاريع التي يُتفق عليها وتقدم تقاريرها لقيادتي الدولتين.

الأمر الآخر القناعة بأن العناصر والعوامل والقواسم المشتركة التي ورثناها بوصفنا دولًا عربية بين بعضنا وبعض، كالتاريخ واللغة والدين، لم تعد (مع الأسف) كافية لتكوين تكتُّل من أي نوع سياسي أو اقتصادي؛ إذ لا بد أن تكون هناك مصالح مشتركة هي التي تكون إطاراً للعلاقات الدولية بين أي طرفين، وعلى رأسها المصالح الاقتصادية التي هي العربة التي تجرّ وراءها المصالح السياسية والأمنية؛ فهي التي تحدد وتُبنى عليها المواقف الدبلوماسية والضوابط الأمنية.

أما الأهم الذي دفع المملكة العربية السعودية لتأسيس مثل هذه المجالس، فهو قناعة المملكة العربية السعودية بأن نهوض المحيط بالمملكة وازدهاره اقتصادياً عامل مساعد للمملكة نفسها، ليس من باب المنح والتمني بالخير للجميع وحسن النيات، إنما نحن نتحدث عن أمن واستقرار في المحيط يشكل لك إضافة تكون رافعة لك، لا تجبرك على الانشغال بها، وتثبت لك الأمن في محيطك، وتكمل لك ما ينقصك من موقع استراتيجي أو مورد اقتصادي... إلخ.

أي دولة تفكر في مشروع نهضوي ولديها الإمكانيات لذلك، كالمملكة العربية السعودية، تعلم أن ازدهار الجوار سيُحسَب لها لا عليها.

أما ما يميز هذا الفكر السياسي الجديد، فهو الترجمة المباشرة لهذه التنظيرات التي كانت ستبقى على الورق، لولا الجدية التي اتسمت بها تلك المجالس، ولنأخذ مخرجات الاجتماع الأخير لـ«المجلس التنسيقي السعودي البحريني»، على سبيل المثال، ونرى مَن مِنها موجود على الواقع، ومَن منها قابل للتطبيق الفوري.

تجد أكثر من برنامج تمت مناقشته في الاجتماع الأخير أصبح إما شبه مكتمل أو على وشك الانتهاء، من حيث الفترة الزمنية المتبقية، مثل «مستشفى مدينة الملك عبد الله الطبية»، ومثل اكتمال الربط الشبكي الإلكتروني المباشر الأمني بين البلدين، ومثل افتتاح أول مكتب تمثيلي لـ«الشركة السعودية البحرينية للاستثمار» برأسمال 5 مليارات دولار.

البقية امتحانها يكون في سرعة تنفيذها وإزالة العقبات منها، كإدراج المنتجات في المشتريات الحكومية، أي السعودية في البحرين، والعكس بالعكس.

بفكر سياسي كهذا، وبتلك الجدية، ممكن أن نسارع فعلاً في تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى أوروبا الجديدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا الجديدة المجالس التنسيقية السعودية أوروبا الجديدة المجالس التنسيقية السعودية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
المغرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 02:13 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تمثال لدبين قطبيين يُثير ذهول عملاء مركز تسوق

GMT 07:35 2016 الأحد ,18 كانون الأول / ديسمبر

أفضل مناطق لسياحة التزلج على الجليد في أوروبا

GMT 14:22 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 3.2 درجة تضرب ولاية "مانيبور" الهندية

GMT 19:58 2020 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أسماك القرش تنهش جثة لاعب كرة قدم في أستراليا

GMT 18:31 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشابي ألونسو يؤكد جوارديولا سبب رحيلي عن ريال مدريد

GMT 21:58 2019 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لطيفة رأفت تلهب مواقع التواصل الاجتماعي بمظهر جذاب

GMT 19:58 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن قدرات النمل في علاج نفسه والنباتات

GMT 16:57 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تأجيل مباراة الرجاء البيضاوي ورجاء بني ملال

GMT 13:23 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لعبة SPIDER-MAN الأكثر مبيعا داخل اليابان في سبتمبر

GMT 15:35 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

وفاة شخص في حادثة سير خطيرة وسط الدار البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib