الإعلام الجديد جنود لم نرها

الإعلام الجديد... جنود لم نرها

المغرب اليوم -

الإعلام الجديد جنود لم نرها

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

أتفق مع القول بأنَّ الرأي العام العالمي تغير لصالح الفلسطينيين والقضية الفلسطينية وبدأ يشكّل ضغطاً على قيادة الدول العظمى، إنما الذي لا يعترف به قادة «حماس» أن هذا الإدراك الجديد والرؤية الجديدة لقضية الشعب الفلسطيني لا فضل لـ«حماس» فيها، بل يعود الفضل فيه لوحشية نتنياهو وحكومته فقط، فالتحول في الرأي العام بدأ بعد 27 أكتوبر (تشرين الأول) وليس بعد 7 أكتوبر، أي بدأ بعد اجتياح غزة والمجزرة التي قام بها الجيش الإسرائيلي.

لا أحد يمكنه تجاهل هذا التحول الدراماتيكي في الموقف الشعبي الغربي الذي كان مسانداً لإسرائيل طوال العقود الماضية، إنما فجأة انتقل إلى الضفة الأخرى بشكل صادم ليس لإسرائيل فقط، بل حتى لحلفاء إسرائيل الغربيين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن وقف هذا الطوفان الحقيقي الداعم للشعب الفلسطيني، في الجامعات وفي المؤتمرات الصحافية وفي الشوارع وفي كل ميدان شعبي هناك آلاف مؤلفة ترفع لافتات فلسطين حرة وتطالب بإنهاء الاحتلال.

لا يظن أحد أن لـ«حماس» أي فضل في هذا التحول، بل إن المشهد لو توقف عند السابع من أكتوبر فحسب الذي صاغته «حماس»، لكانت هناك غضبة دولية عالمية على الفلسطينيين، لكن شاء ربك أن يتحكم غباء حكومة إسرائيل المتطرفة في المشهد، فكشف عن وحشيتها وأنهى صورة الضحية الإسرائيلية المغلوبة على أمرها والمضطهدة، وأظهر العكس تماماً.

وعلى الرغم من كل السدود والحواجز التقليدية التي تملك القوى الغربية مفاتيحها والتي منعت من تدفق الحقائق لعقود ولأجيال، فإن الحقائق تسربت، والسؤال: مَن له الفضل في هزيمة القوى الناعمة التي حمت إسرائيل طوال هذه العقود؟ وكيف انهمرت الحقائق دفعة واحدة مخترقة كل حواجز قواهم الناعمة التي شكلت الرأي العام الغربي فعجزوا هذه المرة، لمَن يعود الفضل في هذا التحول الكبير في الصورة الإعلامية النمطية لـ«الضحية الإسرائيلي و(الإرهابي) الفلسطيني؟».

بالتأكيد ليس للإعلام العربي أي فضل، وليس لـ«حماس» وما قامت به من مجازفات أي فضل، الفضل يعود لمجهولين غير معروفين، لا يحملون ميكروفونات عليها شعارات قنواتهم، الفضل ليس لوجوه مراسلين حربيين مألوفة، ولا لمقاتلين ولا لحاملي السلاح، بل الفضل الحقيقي والبطولة المطلقة هي لمَن؟ إنها لأشخاص مجهولين إعلامياً. بهواتفهم نقلوا بثاً مباشراً من داخل الجحيم، كانوا شباباً وبنات وأولاداً نقلوا الانفجار أولاً بأول ليراه العالم في لحظته، ليشاهد انتشال الجثث في مواقعها وبقايا الأشلاء تُجمع في أكياس، لمَن بث بثاً حياً مباشراً وبكاء الأطفال وصراخ النساء وقصف المستشفيات، كل هذا جارٍ على الهواء مباشرة، والقنابل تُلقى ورائحة الموت وصلت لأنوف كل مَن فتح هاتفه ورأى المشاهد المباشرة التي نقلتها هواتف مَن بالداخل دون أن نعرف أسماء غالبيتهم.

ثم شاهدنا دهشة الغرب من خلال تلك المقاطع التي انتشرت والتي تحمل على الشاشة نافذتين؛ إحداهما لمشاهد الموت والأخرى لمتلقٍّ أجنبي يبكي بحرقة موت الإنسانية، مَن صوّر الواقع هو بطل حكايتنا، أي مَن نقل صورة الوحشية الحقيقية للجيش الإسرائيلي هو نجم الحفل إن صح التعبير.

شباب، وعمال إغاثة، وأطفال، هم مَن لهم الفضل في حصول الشعب الفلسطيني على هذا الدعم القوي والمؤثر، هذا التحول أجبر العديد من المؤثرين على اللحاق بركبهم، من ممثلين معروفين إلى رياضيين إلى أصحاب حسابات يتابعها الملايين، ومَن تخلف عن الركب صدرت الأوامر الشعبية غير الممنهجة بمقاطعتهم، أي قوة هذه التي اكتسبها الشعب الفلسطيني في قضيته؟

علينا جميعاً أن نصمت ونرفع القبعة لهذه الكوكبة التي كانت عبارة عن جنود لم نرها من قبل، هذا هو الإعلام العربي المقبل.

لن تجد اسماً معروفاً أو كاميرا محددة أو شعاراً، بل لقطات بُثت حية من قبل مجهولين بعضها بثها صاحبها قبل أن ينتقل لرحمة الله. كل هذا حدث بفضل وحشية نتنياهو وحكومته المتطرفة من جهة، والأبطال المجهولين الذين نقلوا الحدث من جهة أخرى. وهكذا رأى العالم حقيقة الاحتلال الإسرائيلي.

وعليه فتصمت «حماس»، ولا تنسب الفضل لها في الدعم العالمي للفلسطينيين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام الجديد جنود لم نرها الإعلام الجديد جنود لم نرها



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:35 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

رامز جلال يكشف عن اسم برنامجه الجديد في رمضان 2025
المغرب اليوم - رامز جلال يكشف عن اسم برنامجه الجديد في رمضان 2025

GMT 20:42 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 13:39 2023 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

أغماني يُحذر من آثار حرب غزة على قطاع السياحة المغربي

GMT 08:19 2021 الإثنين ,03 أيار / مايو

مواصفات وأسعار فولكس فاجن تيجوان موديل 2021

GMT 01:51 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

شركة جينيسيس تقدم أول إنتاجها من موديلات SUV الفاخرة

GMT 07:40 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مناقشة رواية "الخواجا" في نادي التجاريين بالقاهرة الأربعاء

GMT 13:22 2019 الخميس ,29 آب / أغسطس

"بريتيش موتور" تطرح أول سيارة مينى موريس

GMT 22:33 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

مكياج عروس بالوان ترابية خاص بالمحجبات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib