الكرة نائمة في الملعب الايراني

الكرة نائمة في الملعب الايراني

المغرب اليوم -

الكرة نائمة في الملعب الايراني

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

لا أحد يحرّك ساكناً، السياسة أصبحت لعبة (مكاسر) ومساومة، لا يهم من هم ضحاياها وعددهم ومعاناتهم، العملية بالنسبة للاعبين السياسيين تنحصر داخل غرف المفاوضات، أما أثرها وأثر تعطيلها فلم يعد مهما.
المتاجرة بمعاناة البشر وعدهم أوراق ضغط سمة من سمات اللعبة السياسية، كل ذلك الاستهتار بآلام الناس وموتهم وخسائرهم يتدثر بعناوين لا علاقة لها بواقع الحال، تتخذ من الشعارات الجوفاء غطاء لها تارة باسم حقوق الإنسان وتارة باسم المبادئ والقيم الإنسانية.
أكبر شاهد على ذلك لعبة المجتمع الدولي مع النظام الإيراني، ها هو العالم كله يقر بأن إيران هي من يدير الحرب في اليمن ضد المملكة العربية السعودية وأنها لا تريد إنهاءها.
المبعوثان الأميركي والأممي الاثنان متفقان على أن إيران هي المسؤولة عن تأجيج الحرب في اليمن، وأنها هي من تحاصر مأرب وهي من تمنع المساعدات الإنسانية، وهي من تتسبب في معاناة ملايين اليمنيين.
وحتى أن المبعوث الأميركي ليندركينغ أكد أن إدارة بايدن مصرة على إنهاء الحرب في اليمن، ومثله أكد المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ أن اتفاق الرياض هو الحل.
ما الذي ينتظره العالم إذا؟ ينتظر مزيدا من جولات المفاوضات وكل يوم يموت طفل وتقتل امرأة ويهلك مسن.
هناك مساومات لا علاقة لها باليمنيين وما يعانونه، ولا بجوعهم ولا بموتهم ولا بحاجتهم للدواء والغذاء والطاقة، هناك جلسات للمفاوضات تجري في غير موقع في القارة الأوروبية على نجاحها ممكن أن تكون نهاية مأساة اليمنيين، هناك مفاوضات حول أسعار للنفط القابلة للارتفاع، وهناك شتاء صعب ستواجهه الولايات المتحدة، والحل في السعودية كما أقر بايدن. ذلك ما ذكره بايدن يوم الخميس الماضي في لقاء تلفزيوني! على اليمنيين أن ينتظروا ما الذي ستفسر عنه لعبة المكاسر الأميركية حول أسعار النفط حتى يقرروا ما سيفعلونه في اليمن.
أي أنه حتى معاناة الناخب الأميركي ويدعون أنها مسألة مبدأ، هذا المبدأ سقط وقبل الجلوس مع الإيرانيين للتفاوض حول الاتفاق النووي، وهم متيقنون أن النظام الإيراني من أكثر الأنظمة دموية واستبداداً، سواء مع شعبه أو مع دول الجوار، وهو من يقف خلف معاناة العراقيين واليمنيين واللبنانيين والسوريين، والمدنيين السعوديين الذين يستهدفهم الحوثيون بالصواريخ الإيرانية.
دعك من الأقوال والشعارات والمبادئ التي يكررها المبعوث الأميركي لليمن، والتي تؤكد على الحل السياسي وعلى عدم سماحهم لاستهداف المدنيين، وعلى إدانتهم للأعمال الوحشية التي يرتكبها الحوثيون، ووقوفهم مع حلفائهم و... و... و... فلم تعد كافية لتغطي على بشاعة المشهد والمسافة الفاصلة بين الأقوال والأفعال.
الفتق الذي أحدثه النظام الإيراني في النظام العالمي كله أكبر من الراتق، حتى فرنسا لم تعد قادرة على مسك الرمانتين مع النظام الإيراني، فاللغة الناعمة التي تدعو فيها فرنسا إيران للعودة لطاولة المفاوضات في فيينا يقابلها تعنت ورفض إيراني بعنجهية ممجوجة، وحين عجزت فرنسا عن إقناع الإيرانيين رمت كرة المحاولات على الصين، فقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، آن - كلير لوجاندر، أثناء مؤتمر صحافي افتراضي عقدته في الأول من أكتوبر (تشرين الأول): «نعول على الصين كي تستخدم الحجج الأكثر إقناعا في حوارها الخاص مع طهران»!!
أما وزير الخارجية الأميركي بلينكن فقال إن الكرة الآن في الملعب الإيراني لكنها لن تبقى طويلا هناك، وإن الإدارة الأميركية انخرطت في الحوار بحسن نية مع الإيرانيين! ذلك قيل قبل شهر وما زالت الكرة مسترخية تتثاءب في الملعب الإيراني.
خلاصة القول: على كل ضحايا النظام الإيراني من الشعب الإيراني أو من اليمنيين أو العراقيين أو اللبنانيين أو المدنيين من مواطني دول الخليج الذين تضرروا من التدخلات الإيرانية، أو من المسيرات المفخخة الإيرانية أن ينتظروا نهاية المفاوضات في فيينا وهي لم تبدأ بعد، وأن ينتظروا الاتفاق على أسعار النفط، وأن ينتظروا موقف النظام الإيراني من الصراع الصيني الأميركي، وأن ينتظروا قائمة طويلة أخرى من المصالح لا علاقة لها بنهاية معاناتهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكرة نائمة في الملعب الايراني الكرة نائمة في الملعب الايراني



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib