فرنسا في رمال أفريقيا المتفجرة
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

فرنسا في رمال أفريقيا المتفجرة

المغرب اليوم -

فرنسا في رمال أفريقيا المتفجرة

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

 

المفكر والشاعر والزعيم السياسي ليوبدلد سيدار سنغور، الرئيس الأسبق لجمهورية السنغال، جمع بين المتناقضات في مسيرة حياته. رجل مسيحي ترأس بلداً غالبيته من المسلمين. كتب الشعر ونظر للزنوجة مع إيمي سيزار المفكر والأديب الكاريبي. قاد الاثنان ومعهما آخرون تياراً فكرياً وسياسياً لمقاومة العنصرية البيضاء ضد الأفارقة.
كانت فرنسا بالنسبة لسيدار سنغور الأب العدو، فقد تَكَوَّنَ بلغتها وفَكَّرَ بتلك اللغة وأبدع شعره بها، وكان المبدع الأول غير الفرنسي الذي ينضم إلى عضوية الأكاديمية الفرنسية. كتب سنغور عن الحبل السري الذي يربط أفريقيا بفرنسا. ما هو ذلك الحبل، وهل بقي فاعلاً ورابطاً بين الكيانين بعد الاستقلال؟ منذ موجة الاستقلال التي شهدتها أفريقيا في مطلع ستينات القرن الماضي، شهدت القارة انقساماً بين تيارين، الأول محافظ حرص على العلاقة القديمة مع المستعمر الأوروبي أي فرنسا وبريطانيا، في حين قاد التيار الثاني توجهاً سياسياً مقاوماً لما أسماه بالاستعمار الجديد. فرنسا التي كانت المستعمر الأكبر لبلدان القارة الأفريقية وخصوصاً غربها، زرعت بذور وجودها في القارة عبر ثقافتها بقوة اللغة، ودعمتها بوجودها العسكري والاقتصادي. الانقلابات العسكرية التي لم تنج منها إلا القليل من الدول الأفريقية، أعادت نسج خيوط جديدة لذلك الحبل السري الذي تحدث عنه الرئيس سنغور. تغير الزعماء، واختلفت كلمات خطاباتهم وشعاراتهم، ومنهم من أطلق صرخات الإدانة للاستعمار، لكن فرنسا بقيت فوق الأرض ثقافياً واقتصادياً وعسكرياً وحتى سياسياً.
دول الساحل والصحراء المغلقة، أسست مجموعة الإكواس، لدعم تعاونها الاقتصادي، وتلقت مساعدات من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي دعماً لمشروعات التنمية في دول المجموعة، لكن ضربات الانقلابات العسكرية التي هوت على كل دول المجموعة، فتح أبواب الانهيار الكبير. ضربات أخرى طالت الرؤوس والأجسام والكيانات في تلك البلدان، كانت بقبضة الحركات الإرهابية المتطرفة. الجماعات الإسلامية المسلحة، انتشرت في كل دول غرب أفريقيا تحمل عناوين مختلفة، الطائفية والأقليات العرقية واللغوية. تداخلت مع ما تشهده تلك البلدان من ضائقة اقتصادية وصعوبات معيشية وهشاشة إدارية وفساد مالي، وتمكنت المجموعات المسلحة، من إقامة ما يشبه الدول داخل الدولة. تنظيم القاعدة وبعده تنظيم الدولة الإسلامية، اجتاح دول غرب أفريقيا وهدد بانهيار أنظمتها والاستيلاء على مفاصلها والسيطرة على مقدراتها. شكلت دول الساحل والصحراء قوة موحدة لمواجهة التنظيمات المسلحة، وحركت حكوماتها الحبل السري الذي ربط أفريقيا بفرنسا، واستدعت قواتها لدعم مواجهتها مع التنظيمات المسلحة. قادت فرنسا العمل العسكري المدعوم من دول أوروبية والولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة، وأرسلت خمسة آلاف جندي في عملية عسكرية واسعة هي عملية برخان. كانت دولة مالي هي المركز للقوات الفرنسية، وخاضت مواجهات في داخل مالي وخارجها، لكن تطور الأحداث وارتباك الأوضاع السياسية في مالي بعد الانقلابات العسكرية المتتالية، وكذلك في بوركينا فاسو، ومقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي، كل ذلك خلق واقعاً عسكرياً وسياسياً جديداً أمام الحكومة الفرنسية. برز تيار عسكري وسياسي داخل مالي يعارض الوجود العسكري الفرنسي، تناغمت معه تيارات في دول أخرى. في داخل فرنسا تعالت الأصوات السياسية والشعبية والإعلامية، تعارض الوجود العسكري الفرنسي في دول الساحل والصحراء خصوصاً بعدما ارتفع عدد القتلى من الجنود الفرنسيين إلى ستين قتيلاً، وجرى استخدام ذلك خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة. تدخلات سياسية وعسكرية دولية تداعت إلى المنطقة، في خضم حملة التنافس الدولي الجديد على القارة الأفريقية. روسيا تحركت بقوة نحو غرب القارة، ووجدت أبواب دولة مالي مفتوحة ومرحبة، وفي ذات الوقت طلبت الحكومة المالية رسمياً من فرنسا مغادرة الأراضي المالية. برحيل الرئيس التشادي إدريس ديبي فقدت فرنسا حليفاً قوياً ومخلصاً يمتلك أحد أقوى الجيوش في غرب أفريقيا ولعب دوراً فاعلاً في مواجهة المجموعات المسلحة في مالي. دولة بوركينا فاسو تعاني من أنيميا اقتصادية وعسكرية وسياسية، وذلك ينطبق على دولة الكاميرون.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وضع أوراقاً هامة من سياسته الخارجية، في الصحراء الأفريقية المتفجرة، وانسحابه الكامل منها سيضعه في خانة المخطئ، إن لم نقل الفاشل أو المهزوم. حرك الرئيس ماكرون قواته العسكرية من مالي إلى النيجر المجاورة في خطوة تكتيكية سياسياً وعسكرياً. النيجر لها أهمية خاصة جداً بالنسبة لفرنسا، فهي تؤمن لها الجزء الأكبر من حاجتها لليورانيوم الذي يشغل محطات الطاقة الفرنسية، كما أن لفرنسا قاعدة عسكرية كبيرة في النيجر. خروج فرنسا العسكري من مالي، سيخلق فراغاً كبيراً يوفر فرصة للتنظيمات الإرهابية المسلحة لتبيض وتفرخ في كل المنطقة.
مواجهة تلك التنظيمات المنتشرة في منطقة الساحل والصحراء التي تعاني دولها من هشاشة كبيرة، تحتاج إلى تحالف دولي عسكري وأمني واقتصادي ضارب يضم دولاً أفريقية خصوصاً الجزائر والسنغال ونيجيريا، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. رغم التراجع الفرنسي العسكري، والمزاج الشعبي في داخل فرنسا المعارض للعمليات العسكرية في غرب أفريقيا، وارتفاع بعض الأصوات الشعبية الأفريقية الرافضة للوجود العسكري الفرنسي، لا يمكن تجاهل دور فرنسا، فهي لم تغادر القارة عملياً بعد الاستقلال، وأغلب جيوش دول الساحل والصحراء تلقى ضباطها تكوينهم في فرنسا، إضافة إلى عامل اللغة والعقيدة العسكرية. الاتحاد الأوروبي له القدرة أن يكون الظهير لفرنسا في تلك المنطقة، خصوصاً أنها تشكل المنبع الكبير للهجرة غير النظامية التي تتدفق نحو دول جنوب أوروبا. الحبل السري الأفريقي الفرنسي، ربما توهنه شمس الزمن ويغطيه التراب، لكنه يبقى متحركاً فوق الرمال المتفجرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا في رمال أفريقيا المتفجرة فرنسا في رمال أفريقيا المتفجرة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib