في مهب الريح
نادي لو هافر الفرنسي يقوم بتعليق عضوية أحد مشجعيه والذي يبلغ 6 أعوام فقط بسبب تصرفاته في الملعب إصابة 79 شخصاً نتيجة أعمال عنف بين المشجعين خلال مباراة لكرة القدم بين فريقي كارل زييس جينا وضيفه خيمي لايبزيغ 6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور نادي فيورنتينا يكشف تطورات الحالة الصحية للاعبه إدواردو بوفي الذي تعرض لإصابة مفاجئة خلال مواجهة ضيفه إنتر ميلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينعي ضحايا التدافع المميت في مباراة كرة القدم في غينيا ويُقدم تعازيه لأسر المتوفين والاتحاد الغيني حكومة غينيا تُعلن مقتل 56 شخصاً فى حادث تدافع أعقاب احتجاجات المشجعين على قرارات طاقم التحكيم خلال مباراة لكرة القدم شركة الخطوط الجوية النمساوية تُعلن تمديد توقف الرحلات الجوية إلى طهران وتل أبيب حتى 31 يناير المُقبل استشهاد أحد عناصر أمن الدولة اللبنانى جراء استهدافه بصاروخ موجه من طائرة مسيرة إسرائيلية فى النبطية انفجار جسم غريب في في العاصمة السودانية الخرطوم واستمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع وزارة الدفاع الروسية تُعلن قصف عدد من المطارات العسكرية الأوكرانية ومراكز مراقبة للطائرات بدون طيار خلال 24 ساعة
أخر الأخبار

في مهب الريح

المغرب اليوم -

في مهب الريح

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

في عالم تستبيحه المدافع والقنابل والطائرات التي تقصف المدنيين، يتدافع النازحون والمهاجرون، من كل مكان وفي كل اتجاه، طلباً للحياة. يحملون جراحهم، وفي قلوبهم الرعب واليأس.

في هذه الحالة الرهيبة، التي تتسع في قارات العالم، والتي تشهد الجفاف والأوبئة والجوع والإرهاب، تتحول الصحراء الكبرى إلى معبر ترابي لا يرحم، ومن يستطيع الوصول إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط، يتحول إلى جسد في يد المهربين، يدفعون به إلى قبر الماء، حيث يغرق الآلاف من الآملين بالوصول إلى بلاد الأضواء الأوروبية التي لمعت في خيالهم المكدود.

وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية تتحول إلى سماء تمطر الغثيان والرعب جراء متابعة طوفان المحن التي تنهال على بني البشر في أصقاع الدنيا، وتصير الحياة سؤالاً مرعباً. وأنت جالس في بيتك، لا تملك إلا أن تتحول إلى نازح أو لاجئ، إلى كون آخر أبدعه عقل حكيم رحل منذ عقود عن هذه الأرض، غاص وطاف في داخل الإنسان العنيف، الذي استلبته القوة وتسلح بجنون العنف، وصار قتل أخيه الإنسان لعبة ممتعة يعبئ لها الناس والمال.

المفكر الأديب الشاعر الإنسان، ميخائيل نعيمة، خطَّ كتابه بعنوان «في مهب الريح» منذ عقود، وكأنه كتبه هذا الصباح. يفتتح الحكيم الذي لا يرحل ولا تتقادم أفكاره، يفتتح مؤلفه كاتباً: صورة العالم كما يترآي لي في هذه الأيام، فهو في نظري ريشة أو أخف من ريشة في مهب الزعازع التي تجتاحه من كل فج وصوب. ما عرفت البشرية على مدى تاريخها الطويل فترة من الارتباك والقلق والذعر، وتشرد القلب والذهن، كالفترة التي تتخبط في دياجيرها اليوم.

نقرأ ما كتبه ميخائيل نعيمة في عقود مضت، لكننا نوقن أنه يرى ويسمع ما يجري من حروب رهيبة في القارة الأوروبية بين روسيا وأوكرانيا، وفي آسيا حيث لا تسكت الضربات الإسرائيلية على الفلسطينيين والسوريين، والصراع الدامي بين فصائل سورية والنظام تقف وراءه أطراف بعيدة وقريبة، و«داعش» ينشر القتل والجهل والدمار. وفي السودان تلاحق المدنيين الأبرياء الفقراء المدافع والقنابل وضربات الطيران. تهرب النساء في كل اتجاه بحثاً عن الحياة، أطفالهن على ظهورهن، وما بقي لديهن من أسمال، وكسر الخبز اليابس. خلفهن الدمار الشامل للشجر والحجر، واليأس والخوف هو الرفيق المرعب. قتل الأبرياء الضعفاء لا يعني شيئاً لمن يركض وراء امتلاك السلطة المطلقة.

في بلدان الساحل والصحراء غرب أفريقيا، يتسيد الإرهاب المجنون، يذبح قرى كاملة لا سلاح فيها ولا مال، سوى بقايا مواش هزيلة تتساقط جوعاً. أما شرق القارة، فقد تحالف فيها مثلث الإرهاب والجفاف والجوع، وصارت المنايا أمانيا. في دولة نيجيريا الكبيرة التي تتمدد فوق ثروات لا حدود لها، تنظيم «بوكو حرام» الرهيب يعبد الدم والموت وخطف البنات القاصرات.

في المقابل، ماذا يفعل قادة العالم اليوم لمواجهة هذا الطوفان الرهيب من الإبادة المتعمدة للضعفاء المساكين؟ يكتب الشاعر الأديب المفكر ميخائيل نعيمة: لا نجد إلا مآزق تفضي إلى مآزق، ولا تدري أنى تتجه وبمن تستغيث.

يجلس كاتبنا بجسمه وعقله الآن وسط قاعة الأمم المتحدة بنيويورك، يسمع ويرى ويكتب: من على منبر تلك المؤسسة الضخمة المفككة الأوصال، التي لقبوها تهكماً بالأمم المتحدة، من فوق ذلك المنبر وحده، تنهل شلالات ولا شلالات نياغرا من الخطب الرنانة، وكلها يمجد السلم ويدعو أمم الأرض إلى التمسك به، حتى لكأن العالم يوشك أن يدخل في ذلك الفردوس الذي وعدت به الأديان معشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات. ويستمر نعيمة كاتباً: إلا أنكم ما تكادون تنتشون بأنغام السلم، وتسبيحاً بها، حتى تجدوا هؤلاء أنفسهم، يحثون الناس بالوعد والوعيد على الاستعداد للحرب، وإن أنتم سألتموهم، بأي منطق يبررون هذا التناقض، أجابوكم بكل صفاقة، أنهم يعدون عدة الحرب حفاضاً على السلم، فهل يمكن أن يكون المدفع حارساً للسلم؟

كتاب المفكر الشاعر الأديب ميخائيل نعيمة، رسالة خطَّت بحروف تدفقت من فيحاء الروح المفعمة بحب الناس، بعث بها للإنسان أين ما كان ومتى ما عاش. عصارة شفافية روحية تحضرنا في هذا الزمن الملتهب الذي تتسابق فيه الدول كبيرها وصغيرها على امتلاك أدوات القتل، ولا تبدي اهتماماً بإبداع قدرات الحياة من طعام ودواء وتعليم، وتكريس سياسة وثقافة التعايش والسلام.

يكتب ميخائيل نعيمة وصفة التعايش والسلام بين البشر، فيقول: عدة السلم الصدق. وعدة الحرب الكذب، عدة السلم الأمانة، وعدة الحرب الخيانة، عدة السلم الثقة، وعدة الحرب الشك. يطيل الكاتب الحكيم في سرد تلك الوصفة الإنسانية الروحية، التي تحلم برفع الإنسان إلى سمو تشده عنه نوازع الأنانية الرهيبة.

يتوقف ميخائيل نعيمة عند محطات رهيبة في التاريخ الإنساني القريب ليقول: لو أن الناس حاولوا أن يحصروا بالأرقام ما أنفقوه على عدة الحرب في خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين لا غير، لضاقت بهم الأرقام، ولتخذرت من هولها عقولهم، وانعقدت ألسنتهم، وتعطلت مفاهيمهم الحسابية. فما من أرقام تستطيع أن تؤدي إلى أذهاننا المقادير الهائلة من القوة المادية والروحية التي أنفقتها الإنسانية على الحربين العالميتين الأخيرتين، بصرف النظر عن الحروب الجانبية التي نتجت عنها. ولو سألتم ما هو الذي أنفقته الإنسانية من أجل السلم، لكان جوابها هزَّة من كتف، أو شقلة من حاجب. ويقول: كل الدول كبيرها وصغيرها بها وزارات للحرب، في حين لا توجد وزارات للسلم. منذ أن أودى قابيل بحياة أخيه هابيل، والسلم شريد طريد في الأرض، يطلب ملجأ فلا يجده، والحرب سيدة الأرض بغير منازع. هكذا يرى نعيمة صيرورة التضاد الدائمة بين السلم والحرب.

نزعة الإنسان للحرب، تغفو فترة من الزمن، ثم تستفيق وقد تضاعفت شراهتها للدم. وهكذا راحت الحرب تفتنّ في توزيع قواها وتنمية مواردها، وتنظيم حركاتها على مدار العصور، حتى بلغت ما يمكن أن يكون ذروة الكمال في هذا العصر، وهو الكمال الذي يجعل منا ومن دنيانا، ريشة في مهب الريح.

في هذا الزمن العنيف المجنون، الذي أصبحت فيه السلطة والثروة أغلى من الإنسان، وأسلحة الدمار المحدود والشامل تملأ بقاع واسعة من الأرض، فإنه إن لم ينذرنا هذا الزمن بالفناء التام، فإنه ينذرنا بالعودة إلى عالم الغاب وبنهاية حضارة صنعناها بكد الجسم والدماغ وإرهاق العظم والعضل وأشواق الروح.

والحل كما يراه هو: إما أن نزيد وزن الريشة، وأن نخفف من حدة الريح، أو أن نجترح العجيبتين معاً.

هكذا الكتاب يشد له النازحون واللاجئون بعقولهم رحالهم من ريشة في مهب الريح. ريشة تلاحقها عواصف دامية وتدفعها إلى مآسٍ تهز الدنيا، لا يغيب عنها غضب الطبيعة الذي يتفجر جفافاً وأعاصير وزلازل وجذباً. الإنسان هو الريشة وهو مهب الريح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مهب الريح في مهب الريح



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 21:47 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد يخلد ذكرى لاعبه الراحل أسامة فلوح

GMT 09:12 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الحريات الفردية من منظور القانون الجنائي

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 02:39 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أفضل العطور الرجالية التي تجذب النساء في 2019

GMT 08:49 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أمينة كرم تكشّف سبب مُغادرتها قناة "طيور الجنة"

GMT 03:19 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تنتهي من نقل مسجد أثري يعود إلى العهد الأيوبي

GMT 16:21 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

لينغارد يكسر صمت لاعبي "مانشستر " بشأن رحيل مورينيو

GMT 19:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع كونراد رانغالي آيلاند في جزر المالديف

GMT 06:17 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عُلماء يكشفون أسباب كذب الأطفال ويؤكدون "أمر طبيعي"

GMT 04:08 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

شركة ZTE الصينية تخسر 1.1 مليار دولار تعرف على السبب

GMT 18:56 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

أفضل مستحضرات العناية بالشعر و البشرة ﻷطفالك

GMT 14:11 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رسم للفنان الفرنسي

GMT 19:48 2012 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

هذا نذير شؤم

GMT 07:23 2015 الجمعة ,20 شباط / فبراير

عموري مبارك: صوت الأمل الجريح

GMT 10:18 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكر النسونجي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib