معركة الحجاب العالمية من إيران إلى أوروبا
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

معركة الحجاب العالمية... من إيران إلى أوروبا

المغرب اليوم -

معركة الحجاب العالمية من إيران إلى أوروبا

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

كما تكونون، يكونُ لباسكم وطعامكم ومعارككم. حجاب المرأة بين الفرض والرفض. في جمهورية إيران الإسلامية، تحولت شُعيرات فتاة بسيطة إلى صواعق تزمجر وتهز البلاد، وتحرك العباد. في بلاد القائد الفقيه والإمام الحاضر، تصير الشَعرة صاروخاً إذا انفلتت من دشمة القماش، المنتصبة فوق رؤوس الحريم. انفجر الزمان في غيبة صاحبه المنتظر، وفاض الناس سيولَ دمٍ فوق الأرض. قطعة القماش فوق الرأس، تحتضن السر المكنون، ولأبدان تكون سوداء لأن السواد هو الكاتم الأكبر لقوة الأسرار. فكل ما استدار فوق الرأس من سواد، تسكنه القوة الأخرى المقدسة.
الشعر فوق رأس المرأة، خيوط تخيف وتغوي بالثورة. الآن يمكننا أن نعرف الدافع، الذي جعل الفنان الكبير محمد عبد الوهاب، يُصحف كلمة في قصيدة «الجندول» التي ألفها الشاعر علي محمود طه. كتب الشاعر: ذهبي الشَعرِ شرقي السماتِ. لكن عبد الوهاب عندما غناها، خاف الشَعرَ، وحوله إلى شِعرٍ. وقال: ذهبي الشِعرِ شرقي السمات، مرحُ الأعطافِ حلو اللفتات، كلما قلتُ له خذْ، قال هاَتِ. في الزمن الغابر، كان شَعرُ الرجال، لا يقل طولاً عن شَعرِ النساء في كل الحضارات بما فيها العربية الإسلامية، وفي سبعينات القرن الماضي، أطال الشباب شعرهم، في حين قصرت كثير من الفتيات شعرهن. قلما تغنى شعراء العرب قديماً وحديثاً بشَعرِ المرأة، وكانت العيونُ هي الجمال الفتان، الذي يهز قلوب الرجال، فيتدفق الشِعرُ الفواح.
شعراؤنا الكبار منذ زمن المعلقات، وعبر حقب زعامة القصيدة العمودية، كانوا يفتتحون مطولاتهم، إما بالبكاء على الأطلال، أو بالغزل، وكانت العيون هي البرزخ السحري الوهاج، الذي يفتح الأبواب إلى كل بيوت الشعر. قال جرير:
إن العيونَ التي في طرفِها حورٌ
قَتَلنَنا ثُم لَم يُحيينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُب حَتى لا حِراكَ بِهِ
وَهُن أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
فإذا ذهبنا مع شيطان الغزل الكبير جرير، فإن عيون النساء، هي سلاح الدمار الشامل الذي يستحق أن تؤسس له وكالة دولية تراقبه، وتضع له ضوابط وقيوداً برعاية الأمم المتحدة. فهن يقتلن ولا يحيين، ويصرعن ذوي الألباب.
أما الشاعر بشار بن برد، وهو الكفيف الذي لا يرى، فقد وجه تهمة مباشرة إلى العيون الحوراء فقال:
حَوراءُ إن نَظَرَت إلَيـ
كَ سَقَتـك بِالعَينَينِ خَمرا
فالناظرة إليك، ذات العيون الحوراء، تسطو عليك عنوة وتبطل قدرتك وتسقيك خمراً أردت أم لم ترد، وإن كنت لا قدرة لك على النظر إليها، كما هو الحال عند بشار بن برد الكفيف. وقصة الشاعر الكبير علي بن الجهْم، مع عيون المها بين الرصافة والجسر، فقد عبرت الأرض والزمن.
لكن شعيرات مهسا أميني الكردية الإيرانية، تفوقت على كل ما سبقها من المعارك حول أسرار القوة الضاربة لشعر للنساء. عشرات القتلى ومئات الجرحى، دفعوا حياتهم ودمهم، ثمناً لحركة عفوية من يدها، أو نسمة من ريح رفعت الغطاء عن مقدمة رأسها، فلمعت شعيراتٌ من غرتها. هل كان إصرار حكومة الملالي الإيرانية على فرض غطاء الرأس على النساء، لمعرفتهم اللدنية بالقوة الضاربة لشعر رأس المرأة، القادرة على هز ما استدار من أغطية سوداء وبيضاء، فوق رؤوس الملالي نواب المنتظر؟
مهسا أميني الموءودة، فتحت أبواباً وكتبت صحفاً، بقطعة قماش لا حديد فيها ولا أورق أو حبر، وطار شَعرُها الحر في آفاق ضمير الدنيا، وصار شعرُ كل نساء الوجود خيوط حب وثورة، تنسج شهباً تتحول إلى شواظ من نار يجلد جماجم هجرها الزمن.
موضوع غطاء الرأس، سواء بالنسبة للرجل أو المرأة، يطول الحديث فيه.
الحجاب، كلمة جديدة، عمت الشرق الإسلامي حديثاً، وعبرت إلى الغرب، خصوصاً الأوروبي. المفارقة اليوم هي أنه في الوقت الذي تتهاوى فيه الرؤوس بسبب فرض الحجاب في إيران، وتمتلئ المستشفيات بالجرحى، يصدر حكم من محكمة العدل الأوروبية، بحق جهات العمل في منعه ضمن قرار قضائي يحظر الرموز الدينية. صار الحجاب رمزاً دينياً إسلامياً، يُفرض هنا ويُرفض هناك. في فرنسا هناك أستاذة تعلم الأدب الفرنسي وتغطي رأسها، فهل تمثل خطراً على الأمن الاجتماعي؟ وفي بريطانيا سيدة مسلمة تحمل الدكتوراه في علم الفيروسات وتضع غطاء على رأسها، فأي خطر في ذلك؟! السيخ يغطون رؤوسهم بطريقة معينة، يختلط فيها الدين بالموروث، وبعض اليهود. كانت قبعة ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، تعبيراً وطنياً، فهو كان يرفعها محيياً وواعداً بالنصر على قوات المحور، في حين كان الزعيم الإيطالي الفاشي بينيتو موسوليني، يضع القبعة الرومانية. من ينسى قبعة نابليون بونابرت العسكرية التي لم تفارق رأسه؟
تشارلز ديكنز، كتب «قصة مدينتين»، رواية صورت المسافة بين باريس ولندن إبان الثورة الفرنسية، فهل يجوز لنا اليوم أن نتحدث عن قصة حضارتين؟
المفارقة هي أن البياض كان اللون المعبر عن التفوق، عكس السواد، لكن في التراتبية الدينية بإيران، فالسواد هو الأعلى... من يضع العمامة الفقهية السوداء على رأسه هو الشريف.
اللباس والطعام والأخلاق، كلها نتاج منظومات قيم تراكمت عبر الزمن، يساهم فيها الدين والتراث والبيئة الاجتماعية والطبيعية وأنماط العمل والإنتاج. الحرب العالمية الممتدة الآن من إيران إلى أوروبا فرضاً للحجاب أو رفضاً له، تكشف بُعد المسافات بين منظومات القيم، والحسابات السياسية والأمنية.
الدين والقضاء، إذا طالا حرية الإنسان، وأبطلا إرادته، يضربان ما في داخل الرؤوس، وليس ما يغطيها فحسب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة الحجاب العالمية من إيران إلى أوروبا معركة الحجاب العالمية من إيران إلى أوروبا



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib