تونس بين دستورين
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

تونس بين دستورين

المغرب اليوم -

تونس بين دستورين

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

ارتدادات الربيع العربي ما زالت تفعل فعلها في مركز ذلك الزلزال الذي قدح شرارة ذاك الربيع الذي تقهقر في عشرية هوت فوقها أزمات وأطلقت آهات لم تغب بعد.
تونس بعد صدور دستور سنة 2014، عاشت مرحلة من القلق السياسي، حيث تشتت السلطة بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة ومجلس النواب. مجلس النواب تقاسمته تيارات سياسية وآيديولوجية متصارعة بل متصادمة. الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، بحكمته وخبرته وبحكم سنه، كان شيخ العقل الوطني، وتمكن من تحقيق حالة من التصالح الوقور مع كل الأطراف المتصارعة. لكن مجلس النواب كان حلبة الملاكمة بالكلام والصراخ والضرب الذي نُقل إلى الناس على الهواء. وسائل الإعلام تسابقت لنقل ما يجري في قاعة البرلمان رفقة أصوات معلقين تفوقوا على ناقلي مباريات كرة القدم.
جائحة «كورونا» وتراجع السياحة بالبلاد، وارتباك الوضع الاقتصادي، واتساع بقع الإرهاب، كل ذلك وضع البلاد في حفرة تزداد عمقاً دون توقف، وارتفع غضب الشارع الذي حمَّل السياسيين، وفي مقدمتهم مجلس نواب الشعب، مسؤولية ما تعانيه البلاد. قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري الذي حصل على 72 في المائة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، شخَّص الحالة العامة للبلاد وما تعانيه من أزمات، واهتدى إلى أن تشتت السلطات وتضاربها هما بيت الداء، وأن الأزمات بكل أنواعها، لا تعدو أن تكون أعراضاً. في شهر يوليو (تموز) الماضي اتخذ الرئيس إجراءات شاملة وقوية وحاسمة، ووضع نهاية عملية لتلك السلطات، وأعلن عن صياغة دستور جديد للبلاد ليحل محل ذاك الذي كُتب سنة 2014، وأطلق عليه دستور الثورة، الذي أنهى النظام الرئاسي الذي عاشته تونس في عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
كلّف الرئيس قيس سعيد لجنة لصياغة دستور جديد، وقدمت اللجنة المسودة المقترحة للرئيس في الأول من هذا الشهر، ليتم الاستفتاء عليه يوم 25 من الشهر الجاري، ليحل محل ما عُرف بدستور الثورة، يتضمن الدستور الجديد عشرة أبواب ومائة واثنين وأربعين فصلاً تتقدمها توطئة تبدأ بعبارة «نحن الشعب التونسي»، ونصت على أن الشعب هو صاحب السيادة. الجديد في مشروع الدستور المقترح هو استعمال كلمة «الوظائف» بدلاً من «السلطات»، حيث ينص على الفصل بين الوظائف التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعلى إرساء توازن حقيقي بين هذه الوظائف. نص جديد أيضاً جاء فيه أن تونس جزء من الأمة العربية، وأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية، وعلى الدولة (وحدها)، أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية. كما نصَّ على أن تضمن الدولة حرية الدين والمعتقد وحرية الضمير. النقلة البارزة في مشروع الدستور المطروح للاستفتاء هي تأسيس مجلس نيابي موازٍ هو المجلس الوطني للجهات والأقاليم. مادة أخرى نصت على أن النائب لا يتمتع بالحصانة البرلمانية فيما يتعلق بجرائم القذف والثلب وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس. الباب الرابع في مشروع الدستور الجديد يحدد طبيعة النظام الجديد بتكوينه الرئاسي الكامل، حيث جاء فيه «رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية، بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة، ويعين رئيس الجمهورية رئيس الحكومة وأعضاءها وتسهر الحكومة على تنفيذ السياسة العامة للدولة طبقاً للتوجيهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية، وأن الحكومة مسؤولة عن تصرفها أمام رئيس الجمهورية».
المشروع المقدم للاستفتاء، يكرّس النظام الرئاسي بكل أركانه. لا توجد جهة تشريعية تُسائل رئيس الدولة الذي يضع السياسات العامة للدولة، والحكومة وظيفتها تنفيذ توجيهاته وخياراته، إضافة جسم تشريعي جديد هو المجلس الوطني للجهات والأقاليم، لكسر الهيمنة المركزية على التشريع المتمثلة في مجلس نواب الشعب، وأدخل تغييرات أساسية كبيرة على دستور سنة 2014، بما في ذلك المواد التي جرى التنصيص على أنها غير قابلة للتعديل، وأولها ما جاء في الفصل الأول: «تونس دولة حرة مستقلة. الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها»، في الفصل الثاني: «تونس دولة مدنية تقوم على إرادة الشعب وعلوية القانون»، في الفصل الثالث: «الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين، أو عبر الاستفتاء»، أما الفصل السابع والأربعون من الدستور السابق نصّ على: «لا يمكن إجراء أي تتبع قضائي مدني أو جزائي ضد عضو بمجلس نواب الشعب أو إيقافه أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها أو أعمال يقوم بها في ارتباط بمهامه النيابية».
كما جاء في ذلك الدستور: «يمارس السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية وحكومة يرأسها رئيس الحكومة». وجاء في الفصل السابع والثمانين: «يمكن لأغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب، المبادرة بلائحة معلنة لإعفاء رئيس الجمهورية من أجل الخرق الجسيم للدستور، ويوافق عليها المجلس بأغلبية من أعضائه، وفي هذه الصورة تقع الإحالة إلى المحكمة الدستورية للبت في ذلك، ولا يمكن للمحكمة الدستورية أن تحكم في صورة الإدانة إلا بالعزل، ولا يعفي ذلك من التبعات الجزائية عند الاقتضاء، ويترتب على العزل فقدانه لحق الترشح لأي انتخابات أخرى». في الفصل التاسع والثلاثين: «يمارس رئيس الحكومة السلطة الترتيبية العامة، ويصدر الأوامر الفردية التي يمضيها بعد مداولة مجلس الوزراء».
قراءة أهم المرتكزات النصية في الدستورين السابق واللاحق، توضح حجم الخلاف بين جمهورية ترحل وأخرى تنتظر ولوجها لدنيا تونس. ردود الأفعال على مشروع الدستور الجديد المقترح متباينة ومتباعدة. حزبا «النهضة» و«الحر الدستوري» يقودان معارضته، وكذلك جبهة الخلاص التي يقودها أحمد نجيب الشابي. الاتحاد العام التونسي للشغل وهو القوة النقابية الضاربة، ترك لمنتسبيه الحرية في تحديد كل منهم موقفه من مشروع الدستور الجديد. مفاجأة سبقت حملة الاستفتاء، هي ما صرح به وكتبه الصادق بلعيد الذي كلفه الرئيس قيس سعيد برئاسة لجنة إعداد مشروع الدستور، قال بلعيد إن ما عرضه الرئيس لا علاقة له بالمشروع الذي أعدته اللجنة المكلفة، وإن الرئيس خطّ المسودة المقترحة بنفسه.
الخلاصة التي يمكن استنتاجها هي أن الرئيس قيس سعيد حلل بعمق ما عاشته البلاد بسبب تشتت السلطات وتضاربها، والصراع الآيديولوجي والفساد والإرهاب، واجترح الوصفة السياسية الدستورية التي تنهض بالبلاد التونسية. الأسبوع الأخير من هذا الشهر، سيشهد الاستفتاء. هل سيكون الباب الذي تعبر منه البلاد إلى عهد جديد أم يكون الباب الدوار الذي يلف فيه سيزيف تونس بين الألم والأمل في رحلة بين دستورين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس بين دستورين تونس بين دستورين



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib