ملاحم الرائد عبد السلام جلود
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

ملاحم الرائد عبد السلام جلود

المغرب اليوم -

ملاحم الرائد عبد السلام جلود

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

في شهر يناير (كانون الثاني) صدرت مذكرات الرائد عبد السلام أحمد جلود. سعدتُ كثيراً بهذا العمل الذي يمثل حدثاً مهماً للتاريخ السياسي الليبي. مذكرات السياسيين لها أهمية كبيرة للشعوب، فهي إضافة لذاكرة الأوطان، وتلقي أضواء مهمة على حلقات الماضي التي لا تزول آثارها على دروب الحياة. عبد السلام جلود من الشخصيات التي لعبت دوراً كبيراً في ليبيا من 1969 إلى 1994. ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول) التي فكّر فيها معمر القذافي الشاب الطالب وهو في المرحلة الإعدادية بمدرسة سبها في الجنوب الليبي، في النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي، كانت حلماً شبابياً ومغامرة تحركت في قلوب مجموعة محدودة من الشباب الليبي، قبل أن ترتسم خطوطها في عقولهم.
لقد سررتُ كثيراً بصدور هذه المذكرات. للأسف أنَّ كل الساسة الليبيين الكبار في العهدين الملكي والجماهيري لم يكتبوا مذكراتهم، باستثناء اثنين هما: مصطفى بن حليم ومحمد بن عثمان الصيد، وكانا من أبرز رؤساء الوزارات في العهد الملكي. هناك شخصيات لعبت دوراً في مراحل حساسة من تاريخ لم تكتب مذكراتها، ومن بين هؤلاء محمود المنتصر، أول رئيس لوزراء ليبيا بعد الاستقلال، وكان من بناة دولة الاستقلال الاتحادية، وتولى رئاسة الديوان الملكي وترأس وزارتين، وحسين مازق الذي كان والياً لبرقة ورئيساً للوزراء، وهو من الشخصيات التي امتازت برؤية سياسية، وكان معروفاً بالحكمة والنزاهة، وعبد الحميد البكوش الشاب المحامي والمثقف الذي طرح موضوع الشخصية الليبية.
أما رجال العهد الجماهيري وفي مقدمتهم أعضاء مجلس قيادة الثورة والضباط الوحدويون الأحرار ورؤساء الحكومات وأمناء مؤتمر الشعب العام، فلم ينشر أحد منهم مذكراته. الأمل أن تحفّز مذكرات الرائد عبد السلام جلود مَن هو على قيد الحياة منهم، ولهم قدرة على كتابة مذكراتهم مباشرةً أو الاستعانة بمن يساعدهم على صياغتها، ومن بينهم شخصيات بارزة امتلكت قدرات إدارية وسياسية وفنية وقدمت الكثير للوطن في أصعب الظروف.
عبد السلام جلود كان الرجل الثاني في حركة الوحدويين الأحرار منذ البداية. التقى الطالب معمر القذافي في سبها، عاصمة ولاية فزان سنة 1957 عندما جرى اعتقالهما بمركز للشرطة إثر مظاهرة قام بها الطلاب، احتجاجاً على التجارب النووية الفرنسية بالجنوب الجزائري القريب من الحدود الليبية. بدأ الاثنان، معمر وعبد السلام، في تشكيل خلايا سرّية من الطلاب بعدما اتفقا على تأسيس حركة تهدف إلى إسقاط النظام الملكي، وإقامة جمهورية تجسد أفكار جمال عبد الناصر في الحرية والاشتراكية والوحدة. الطالب معمر بومنيار القذافي كان هو الزعيم الذي سار وراءه الجميع منذ البداية. وضع معمر خطته مبكراً، وهي استعمال الجيش سلّماً للوصول إلى السلطة منتهجاً ذات الخطة التي وضعها جمال عبد الناصر ونفّذها بنجاح. كان عبد السلام جلود منذ البداية التوأم المدني والعسكري والفكري لمعمر القذافي.
في بداية مذكراته تحدث عبد السلام جلود عن طفولته بمنطقة الشاطئ في الجنوب الليبي، ومنها إلى لقائه الأول مع معمر القذافي بمركز البوليس بمدينة سبها. بعد الاعتقال، أُعطيت لكل واحد منهما بطانية، اقترح معمر على عبد السلام أن يشتركا في افتراش واحدة والغطاء بأخرى. لم يكن أحد منهما فد قابل الآخر، ولكنّ صديقاً مشتركاً لهما هو محمد بلقاسم الزوي كان قد حدّث كل واحد منهما عن الآخر.
هكذا في مركز البوليس بمدينة سبها كانت بذرة الخلية الأولى لحركة الوحدويين الأحرار الليبية، وسقتها الأيام والسنوات بمياه السرّية المدنية والعسكرية إلى أن ترعرعت واستولت على السلطة في أول سبتمبر 1969. منذ البداية احتل عبد السلام جلود المرتبة الثانية في الحركة بعد معمر القذافي، وقبل ذلك بعد نجاح الحركة كل أعضاء مجلس قيادة الثورة والضباط الأحرار. كانت وسائل الإعلام في الخارج تصفه بالرجل الثاني، وكان هو يقول عن نفسه إنه الأول مكرر.
في ليلة الأول من سبتمبر، كان معمر القذافي في بنغازي ومعه بعض الضباط الأحرار، وكان عبد السلام جلود في طرابلس.
مباشرةً بعد نجاح الحركة وإعلان اسم معمر قائداً لها ومنحه رتبة عقيد، وإعلان أسماء أعضاء مجلس قيادة الثورة، برز الرائد عبد السلام جلود كشخصية ثانية بين الأعضاء وتولى قيادة المفاوضات مع الأميركان حول إجلاء القواعد العسكرية الأميركية، وبعد ذلك مع البريطانيين لإجلاء قواعدهم العسكرية من ليبيا. مع الطرفين تبدت شخصية جلود المتشددة، وبعد ذلك قاد المفاوضات مع شركات النفط الأجنبية. شُكلت الوزارة الأولى بعد الثورة برئاسة محمود المغربي ولم تدم إلا شهوراً معدودة، قام بعدها العقيد معمر القذافي بتشكيل الوزارة الثانية، وتولى فيها الرائد عبد السلام حقيبة الداخلية. وفي سنة 1972 شكّل عبد السلام جلود الوزارة الثالثة واستمرت حتى سنة 1977، ويعد بذلك أطول رئيس وزراء مدة في تاريخ ليبيا.
لا شك أن المذكرات التي تُكتب بعد مرور سنوات طويلة على الأحداث التي تسردها يطالها الكثير من الشوائب، من حيث التواريخ والأسماء، ولم تكن مذكرات الرائد جلود استثناءً من ذلك.
في ليبيا التي عاشت مخاضات كثيرة، ودخلت في معارك سياسية وعسكرية ومواجهات مع دول قريبة وبعيدة، وكذلك صراعات داخلية أخطرها المحاولات الانقلابية التي كان بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة وبعض الضباط الأحرار من بين المشاركين فيها، كل ذلك من دون شك يكون له حضور بين سطور المذكرات. الجانب الذاتي، وَلْنَقُلْ الشخصاني، لا يغيب كذلك عن صفحات المذكرات. مَن يتذكر لا يتحرر من ذاته وهو يحرِّر. يتحرك المُتذكِّر بين موجات الضحية والبطل، ومَن تتحرك في حياته وتاريخه ذبذبات الآيديولوجيا، تحدوه الحالة الخطابية. كل تلك المحركات نجدها في مذكرات رجال السياسة والعسكرية والفن والأدب. هناك أشخاص اشتركوا في نشاط واحد لسنوات طويلة، ولكن عندما نقرأ مذكرات كل واحد منهم، نجد بين أيدينا أوراقاً سُطِرت عليها معلومات بل أحداث، بها الكثير من الاختلاف كأن من كتبوا لم يجمعهم مكان أو زمان أو نشاط. كل واحد يرى الأحداث ويكتبها من وجهة نظره.
مذكرات الرائد عبد السلام جلود التي اختار لها عنوان «الملحمة» هي في صفحاتها الـ456 أكثر من ملحمة، بل هي ملاحم طويلة بكل تجلياتها منذ الطفولة إلى آخر يوم توقف فيه عند الكلام المسكوب فوق صفحات كتاب مذكراته، الملحمة. ولي عودة إلى رحلة جلود الطويلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاحم الرائد عبد السلام جلود ملاحم الرائد عبد السلام جلود



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib