أوكرانيا «صندوق باندورا»
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

أوكرانيا «صندوق باندورا»

المغرب اليوم -

أوكرانيا «صندوق باندورا»

سوسن الأبطح
بقلم : سوسن الأبطح

ها نحن نكتشف أن أوكرانيا هي التي تطعمنا خبزاً، وتزود المنطقة بالذرة وزيت دوار الشمس. وهي موطن للبترول والغاز، والموقع الذي تتجمع فيه أربع محطات نووية بمقدورها أن تنهي وجودنا على الكوكب بلمح البصر. ومع ذلك أوكرانيا دولة فقيرة، أكلها الفساد ونخرتها البيروقراطية، منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي وهي تحاول الخروج من عثراتها. صارت تتطلع بحسد إلى بولندا وجيرانها الذين خرجوا من عباءة الشيوعية، وقفزوا صوب رأسمالية عفية. تتعثر أوكرانيا، ويظن أهلها أن المخرج هو بالدخول إلى الاتحاد الأوروبي، ليعم الازدهار، وقد تكون الأزمة في الداخل نفسه ونزاعاته التي لا تنتهي.
فمن المجحف لدولة تنتج السيارات والطائرات والدبابات ومراكب فضائية وصواريخ، ولها نشاط بحثي علمي كبير، ومعرفة تكنولوجية مرموقة، ومداخيل تناهز 200 مليار دولار سنوياً، ويبقى 19 مليوناً من سكانها، أي نصفهم، تحت خط الفقر، ثم تأتي الجائحة لتزيد من عوزهم. الخلاف الإثني، الصراع على الهوية، ونزاع مواطنيها على الجنوح شرقاً صوب روسيا أو غرباً باتجاه الاتحاد الأوروبي، كان مقتلها. ثم إن العصبيات والحمايات، عززت قدرة بعض من هم في السلطة على تعميق الفساد والاستفادة من الصفقات. هذا الخليط السكاني الديني اللغوي، لم يجد بعد الاتحاد السوفياتي، مظلة موحدة يأوي إليها. ليست القضية أن تذهب أوكرانيا باتجاه روسيا كما بيلاروسيا أو أوروبا، كما أخوات كثر لها في شرق أوروبا، بل أن تتفق على ما هو قابل للتنفيذ. بسبب القبائلية لم تتحول إلى ديمقراطية حقة، ولم تتمكّن من الاستسلام لسلطة مستبدّة تسيّر أمورها، فوقعت في فخ الاثنين معاً.
تعاملت بحذر وأحياناً بعداء، مع روسيا، فلم تتمكن من تطوير قدراتها العسكرية والصناعية الموروثة، كما يجب، ولم تفلح في الانضمام إلى أوروبا، فخسرت الشروط الإصلاحية الجذرية التي كانت ستملى عليها لتبلغ غايتها، وتلك كانت مهمة صعبة.
بين الشرق والغرب، ضاع الأوكرانيون، ولم يتحدث العالم إلا عن نسائهم الجميلات، بمَن في ذلك النائب البرازيلي رثر دو فال، الذي ذهب لدعم اللاجئين المنهكين على الحدود، وتبرع بآلاف الدولارات، ثم فضح طواياه بتسريب مسجل يتحدث فيه عن الفتيات الجميلات الفاتنات اللاتي لم يرَ مثلهن من قبل. وكي تكتمل الفضيحة، يشرح: «إنهن سهلات المنال لأنهن فقيرات... لذا بمجرد أن تنتهي هذه الحرب، سأعود إلى هناك». هكذا رأى كثيرون أوكرانيا التي تنام على كنوزها من الفحم والحديد والزئبق، خصوصاً التيتانيوم والكبريت والليثيوم الثمين الذي يدخل في صناعة البطاريات والهواتف الذكية.
حتى الأوروبيون لم يعيروا أوكرانيا، أو ما بات يعرف اليوم بـ«سلة غذاء العالم»، اهتماماً في البدء، رغم موقعها الاستراتيجي الحاسم على البحر الأسود، وعلى مقربة منهم.
الآن لمعت أوكرانيا في عيون الجميع. تذكروا «تشيرنوبل» ومآسيه، القاتلة ومحطاتها للطاقة النووية ذات القدرة الهائلة، وما يمكن أن تشكله من خطر، وأنابيب الغاز الضخمة التي تعبرها وبفضلها تعيش أوروبا، وسككها الحديدية النشطة. الآن وقد وصل الجيش الروسي إلى مشارف كييف، انقلبت الدنيا، ولن تعود أبداً كما كانت، ليس فقط لأهمية أوكرانيا الجيوسياسية والغذائية للعالم أجمع، بل لأن منطقتي دونيتسك ولوهانسك الغنيتين لن تعودا إلى أوكرانيا ومعهما القرم، وعلى الأرجح أوديسا التي تنتظر اجتياح جيوش بوتين ليحكم قبضته على الشواطئ الأوكرانية ويعزل البلاد عن متنفسها البحري.
لن تتوقف حكاية أوكرانيا عند التهديدات النووية، وارتفاع أسعار النفط والغاز، وجوع البشرية، وتجمع جديد لمقاتلين مرتزقة من أوروبا وآسيا، واحتمال انهيار عملات رئيسية. فالتهديدات الجرثومية هي الأخرى تطل برأسها. ويتبين أن ثمة مختبرات بيولوجية، يحكى عن أنها تنطوي على كميات من الفيروسات الخطيرة، وهذا ليس بمستبعد. كما نشر أن روسيا اكتشفت، خلال اجتياحها أوكرانيا، أن الولايات المتحدة تستخدم هذه المنشآت في البرامج العسكرية البيولوجية.
المختبرات البيولوجية موجودة، وثمة تعاون بين أميركا وأوكرانيا بعد الثورة البرتقالية لتجديدها، لكن الخلاف هو على وظيفتها ومحتوياتها، ومن سيمتلك زمامها في الأيام المقبلة، وماذا سيفعل بها وبنا، فكل جهة تتهم الأخرى بأنها ستستولي عليها، ويمكن أن تستخدمها للإيقاع بالطرف الآخر وتوريطه بتحميله المسؤولية.
المسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند لم تستبعد إمكانية وقوع أبحاث حساسة، في أيدي الروس. أما الصين التي اُتهمت طويلاً بأنها مفبركة فيروس «كورونا»، ففتحت النار على الأميركيين، وهي تؤكد أن الأنشطة العسكرية البيولوجية الأميركية في أوكرانيا هي «قطرة في بحر»، من أصل 336 من المختبرات البيولوجية الأميركية المنتشرة في 30 دولة حول العالم. وبالمناسبة طلبت الصين من أميركا الكشف عن نواياها ومشاريعها، وأن تقبل بعد تمنّع عشرين سنة، إضافة بروتوكول التحقق إلى «معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية»، والخضوع لعمليات التفتيش في بلادها وخارجها، كي يعرف المجتمع الدولي الخائف ما يحدث في هذه المختبرات.
أوكرانيا دولة مهيضة، أكثر ما اشتهرت بثورتها البرتقالية التي فشلت بسبب احتدام الخلافات، بين من تسلموا السلطة، وانتهى بهم الأمر إلى الخروج منها.
لكن يصح القول عن هذا البلد المسكين ما قاله الباحث الفرنسي جيل كيبل عام 2003 عندما دخلت القوات الأميركية إلى العراق، مستعجلة على حصاد نصر سريع. عندها وصف كيبل جورج بوش الابن بأنه فتح عليه «صندوق باندورا» الذي منه في الميثولوجيا اليونانية، تخرج كل شرور العالم. ويخشى أن تكون أوكرانيا صندوقاً آخر، لا يختلف كثيراً عن الذي فتحه بوش ذات يوم في العراق، ليصبح المستقبل بأسره، من بعدها، رهن اللامتوقع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا «صندوق باندورا» أوكرانيا «صندوق باندورا»



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib