الحكومة لبنانية تتغلب على الهواجس والعراقيل
أخر الأخبار

الحكومة لبنانية تتغلب على الهواجس والعراقيل

المغرب اليوم -

الحكومة لبنانية تتغلب على الهواجس والعراقيل

سام منسى
بقلم - سام منسى

من المتوقع أن يواجه لبنان، هذا الأسبوع، تحديَيْن مفصليين؛ الأول عدم الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب بعد انتهاء مهلة الستين يوماً، وفقاً لاتفاق وقف النار بين «حزب الله» وإسرائيل، والثاني إعلان تشكيلة حكومة الرئيس المكلف، نواف سلام، العتيدة التي يؤمل أن تفتح الباب أمام مرحلة جديدة لم يعرفها لبنان منذ عقود تعيده إلى نادي الدول الطبيعية.

الانسحاب الإسرائيلي الكامل الذي كان سيؤثر إيجاباً على مسيرة التغيير المتوقعة في لبنان عرقلته عوامل عدة، أبرزها، وفق إسرائيل، عدم تنفيذ الجيش اللبناني لالتزاماته، وسط غياب أي معلومات رسمية معلنة حول ما أنجزه حتى اليوم لبسط سيطرته على منطقة جنوب الليطاني، بحيث تخلو من أي سلاح، باستثناء سلاح القوى الشرعية والقوات الدولية. وقد تكون المعلومات التي توفرت لدى الدول في لجنة المراقبة عن حقيقة الخطوات التي قام بها الجيش في مدة الستين يوماً تشكك في قدراته على الإمساك بالجنوب، بعد انسحاب «حزب الله» منه. يعزو البعض ذلك إلى محدودية موارد الجيش، فيما يُرجِعه آخرون إلى غياب الإرادة السياسية أو القرار السياسي وعدم الرغبة في الصدام العسكري مع الحزب، رغم المناخ الإقليمي المعادي له في هذه المرحلة. لا بد من الإشارة إلى أن الجيش اللبناني في الجنوب مؤلف من أحد عشر فوجاً مقاتلاً يضم كل منها 1300 جندي، مدعومين بمعدات ومركبات كافية، ولم يكن لديه سوى 50 في المائة من هذه القدرة في عام 2006.

العامل الثاني هو حقيقة مفهوم «حزب الله» للانسحاب من الجنوب. نعرف أن الحزب لا يزال يناور بشأن تمسكه بسلاحه شمال نهر الليطاني، لكن لم نسمع موقفاً منه أو نشهد عملاً ملموساً بشأن تسليم سلاحه ومرافقه وبناه التحتية العسكرية جنوب الليطاني إلى الجيش، ولجنة المراقبة تلزم الصمت بهذا الشأن. بالسياق، يصعب راهناً رصد المساحة المتاحة لحرية القرار لدى الحزب بمعزل عن إيران التي لم تسلّم بخسارتها، ويبدو أنها مصممة على الاحتفاظ بما يتيسر لها من نفوذ وقدرات بالمنطقة، سواء في الضفة الغربية وغزة بفلسطين، وأحداث جنين خير دليل على ذلك، أو في سوريا بعد العمليات العسكرية ضد الإدارة المؤقتة، أو في لبنان، وهو الورقة الأخيرة المتبقية لها بعد غزة وسوريا، على الرغم مما لحق بـ«حزب الله» من تدمير لبنيته العسكرية والقيادية. ما زالت طهران تأمل باستخدام الورقة اللبنانية في مفاوضاتها المرتقبة مع الأميركيين.

العامل الثالث انتظار إسرائيل والدول التي رعت الاتفاق الإعلان عن الحكومة الجديدة وأسماء الوزراء وبيانها الوزاري، لتبيان رغبتها كما قدرتها على تنفيذ نص الاتفاق ومندرجاته. ذلك هو المدخل الرئيس لانتشال لبنان مما هو فيه، وحشد الدعم لإعادة الإعمار، والالتزام بما أعلنه رئيس الجمهورية أمام البرلمان في خطاب القَسَم، وما تعهَّد به رئيس الحكومة المكلف أكثر من مرة.

بيت القصيد من كل ذلك التأكيد أن الاتفاق بين الحزب وإسرائيل برعاية دولية يتجاوز بشقه الخارجي مجرد وقف النار، ليشكل المدخل المطلوب لمرحلة جديدة تهدف إلى وقف كامل ونهائي للعمليات القتالية من الجنوب، بحسب المبعوث الأميركي آموس هوكستين. معالم هذه المرحلة تبقى بحدها الأدنى تحاكي اتفاقية الهدنة لسنة 1949 وترسيم الحدود البرية في النقاط المتنازع عليها، وبحدها الأقصى الأقل رجحاناً الوصول إلى حال من تطبيع العلاقة مع إسرائيل، بحسب تقارير ووسائل إعلام أجنبية كثيرة. أما شقه الداخلي؛ فهو الخروج من سيطرة الدويلة إلى تحقيق سيادة الدولة.

لا شك أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على قناعة تامة بأن المتغيرات التي طرأت على المنطقة ولبنان تقتضي منهما القفز إلى قطار التغيير السريع، رغم المخاطر المحدقة، والإفادة من الفرص العربية بخاصة، والدولية بعامة، وعدم انتظار قطار آخر قد يأتي أو لا يأتي، في محاولة ترميم الأوضاع الداخلية المهترئة لإعادة تسويقها. والمقصود هنا ليس فقط عقبة الثنائي الشيعي وحالة الشيعة بعامة الذين لديهم اليوم الفرصة ليعودوا إلى لبنانيتهم وينضموا لمشروع إعادة بناء الدولة، عبر تعيين شخصيات شيعية مستقلة مؤهلة وزراء في الحكومة الجديدة لإثبات أن الميليشيا ليست الخيار السياسي الوحيد للشيعة، إلى جانب وزراء من الثنائي «أمل» و«حزب الله». العقبات الأخرى تتجسد بإرث «دويلات» الماضي بكل أطرافها وتفاصيلها.

الطريق الأقصر لتكون الحكومة العتيدة حكومة تأسيسية للجمهورية الثالثة قطع دابر الأعراف غير الدستورية التي كرّست زوراً وبهتاناً؛ خصوصاً بعد اتفاق الدوحة عام 2008؛ فالأحزاب السياسية والكتل النيابية ليست شريكة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في صلاحياتهما الدستورية بتشكيل الحكومة، بل دورها أن تعطي الثقة أو تحجبها. السيادة العسكرية والسياسية وإعادة الإعمار لن تتحقق دون الانسحاب الإسرائيلي والتنفيذ الكامل للقرار «1701» والتزام لبنان بالشرعية الدولية والعربية، والتقيد بالدستور وحده كبوصلة للحياة السياسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومة لبنانية تتغلب على الهواجس والعراقيل الحكومة لبنانية تتغلب على الهواجس والعراقيل



GMT 20:24 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

وسطاء الصفقات «بُدلاء» ترمب عن رجال الدولة

GMT 20:20 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

لبنان: برنامجا استكمال الهزيمة أو ضبطها

GMT 20:15 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

مروان حمادة... ليلة بوح في المزة

GMT 20:14 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

أوروبا والألسنة الحداد

GMT 20:12 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

الرياض عاصمة العالم... مرة أخرى

GMT 20:06 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

مقام الكرد

GMT 20:04 2025 الأحد ,16 شباط / فبراير

السعودية صانعة السلام

GMT 20:00 2025 الإثنين ,17 شباط / فبراير

عمر خيرت... إطلالة من «برلين»

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:53 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

ياسمين صبري تخوض صراعاً شرساً في برومو "الأميرة"
المغرب اليوم - ياسمين صبري تخوض صراعاً شرساً في برومو

GMT 11:08 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

دراجة كهربائية صينية جديدة والوقود مفاجأة

GMT 13:25 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الإستقالة أقصر الطرق الى الحلّ... وأصعبها!

GMT 11:56 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

“مزة” أول مطعم سوري في العاصمة البرتغالية “لشبونة”

GMT 05:03 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

سيد رجب يعلن عن دوره في مسلسل "نسر الصعيد"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib