راجعين يا أسامة أنور عكاشة

راجعين يا أسامة أنور عكاشة

المغرب اليوم -

راجعين يا أسامة أنور عكاشة

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

أعتقد ونحن فى ذكرى رحيل أسامة أنور عكاشة لا بد أن نعترف بأنه لم يحدث لكاتب دراما أن قدّم عمل درامى له بعد رحيله بأكثر من عشر سنوات ويكون طازجاً كل تلك الطزاجة وحاضراً كل هذا الحضور، نجاح مسلسل «راجعين ياهوى» يثبت أن المبدع الحقيقى لا يموت، أسامة هو الغائب الحاضر، واليوم أقدم لكم دليلاً آخر على هذا الحضور، اقتباس من مقال طويل أو بالأصح دراسة للناقد المغربى هشام بن شاوى، مكتوبة منذ أقل من شهر عن أسامة أنور عكاشة، مما يدل على أن أسامة لم يكن محلياً فقط، بل امتد تأثيره من المحيط إلى الخليج، أقتبس من نهاية الدراسة ما يلى:

لقد استطاع أسامة أنور عكاشة أن يصنع دراما تليفزيونية، تحمل بصمة شديدة الخصوصية، يمكن للمشاهد العادى أن يتعرّف على أعماله الماتعة، حتى دون قراءة اسمه على التترات، بفضل تلك «الشفرة» العكاشية، وقد نجح فى أن يجعل المتلقى العربى -من الماء إلى الماء- يتابع مصائر شخوصه بشغف، وكأنها شخصيات حقيقية من لحم ودم، كما فسح أسامة المجال لكل كتاب الدراما المصرية لكى يقدموا أنضج أعمالهم، بعدما أرسى «عكاشة» قواعد هذا الأدب الجديد، واستحق عن جدارة واستحقاق، لقب «نجيب محفوظ الدراما التليفزيونية».

ويمكننا أن نقول مع الناقد أحمد شوقى إن مشروع أسامة أنور عكاشة التليفزيونى الضخم لم ينل حتى الآن حقه من الدراسة والتحليل، فعالم عكاشة التليفزيونى ليس بسيطاً كما يدّعى البعض، ولا يعتمد على تيمة فكرية وبنائية واحدة، بل يمكن تقسيم مشروعه الفنى -حسب شوقى- إلى ثلاثة اتجاهات فكرية وبنائية، تتشابه فى بعض العناصر، وتتنافر تماماً فى بعضها الآخر.

الاتجاه الأول هو الدراما «الدون كيشوتية» المعتمدة على وجود شخصية رئيسية واضحة تكون مركز العمل، وهو دائماً فارس نبيل يحمل منظومة من القيم، التى يؤمن بها ويدافع عنها، ويحاول التمسّك بها فى مواجهة العالم، الذى يتغير من حوله، وهى دراما البطل فيها واضح، عادة ما يحمل المسلسل اسمه، وأبرز أمثلة لهذا الاتجاه بالطبع هو «أبوالعلا البشرى»، الذى زيّنت صورة الفارس دون كيشوت تتراته، ومعه «ضمير أبلة حكمت» و«امرأة من زمن الحب» و«الراية البيضا»، والأخير تحول الفارس فيه إلى مجموعة من الفرسان تواجه طوفان الجهل والقبح الذى هاجم مصر ويواصل هجومه حتى يومنا هذا.

الاتجاه الثانى هو الاتجاه الأشهر الذى يظن البعض أنه الوحيد، وهو الاتجاه الذى يندرج تحته عمله الأيقونى «ليالى الحلمية»، والذى يعتقد البعض أن البطل فيه هو المكان، وهو التفسير الخاطئ الذى أشرت إليه من قبل. فالبطل فى «ليالى الحلمية» و«الشهد والدموع» وأمثالهما هو الزمان وليس المكان، وهى أعمال تحليلية تهدف لدراسة التغيير الذى يُحدثه الزمن، عبر تجربة تكاد توصف بالعلمية، يقوم المؤلف فيها بتثبيت عنصرى المكان والبشر، ويقوم بتحريك الزمان ورصد أثره عليهما، ليقدم بذلك رؤية بانورامية عن التحولات والآثار، التى قد لا يستطيع رصدها إذا ما قام بمتابعة شخصية بعينها، أو انحصر فى فترة زمنية محدودة.

الاتجاه الثالث هو الاتجاه الذى شغل أسامة أنور عكاشة خلال العقدين الأخيرين من حياته، كهدف أسمى يتوج به تجربته شديدة الثراء، وهو اتجاه التفتيش عن الهوية المصرية، ومحاولة فهم حقيقة المصريين، والإجابة عن السؤال المحير: هل المصريون مسلمون أم أقباط أم فراعنة أم أتراك أم ينتمون إلى هوية أخرى؟ وهو السؤال الذى يمكن أن نعتبره الفكرة العامة لمشروع عكاشة الفنى ككل.

هذا الاتجاه الثالث أسفر عن عمل بديع هو «أرابيسك»، الذى يمكن اعتباره أحد أفضل المسلسلات التليفزيونية المصرية إن لم يكن أفضلها على الإطلاق، وأسفر أيضاً عن مشروعين شديدى الطموح لم يمهل العمر أسامة أن يكملهما هما «زيزينيا» و«المصراوية»، وهما استمرار لطرح كل الاحتمالات الممكنة للإجابة عن هذا السؤال، وإن كان المبدع قد تمكن مسبقاً من تقديم إجابة واضحة عليه، سواء فى «أرابيسك» أو فى باقى أعماله بشكل عام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

راجعين يا أسامة أنور عكاشة راجعين يا أسامة أنور عكاشة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib