النزف الصامت والعقبة أمام الحل في السودان
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

النزف الصامت والعقبة أمام الحل في السودان

المغرب اليوم -

النزف الصامت والعقبة أمام الحل في السودان

عثمان ميرغني
بقلم : عثمان ميرغني

خمسة أشهر ولم تحسم الحرب، أو يحسم السودانيون خلافاتهم، بينما يعاني البلد نزفاً صامتاً غير النزيف العسكري. شلل في الاقتصاد. نزوح رؤوس الأموال أو ما تبقى منها. انهيار الخدمات الصحية وتعطل أكثر من 70 في المائة من المستشفيات عن العمل. تعطل النظام التعليمي بكل ما يعنيه ذلك على مستقبل الطلاب. ووفقاً لوزير التعليم محمود سر الختم الحوري، فإن 40 في المائة من المؤسسات التعليمية في الخرطوم تعرضت لدمار شبه كامل وحتى البقية الباقية لم تسلم من أضرار الحرب ونُهبت محتوياتها.

يعاني الناس شحاً في السلع الغذائية، والموجود منها تضاعفت أسعاره 3 مرات أو أكثر. وتزداد معاناتهم مع شح السيولة المتوفرة لديهم بعد توقف رواتب العاملين في الدولة لأكثر من 4 أشهر، نتيجة الشلل في الوزارات المركزية في الخرطوم، والأضرار الهائلة التي أصابت الجهاز المصرفي جراء النهب والتدمير مثلما أصابت مؤسسات القطاع الخاص.

أضف إلى ذلك أن نحو ثلثي السكان في المناطق المتأثرة بالحرب كانوا يعتمدون على الأعمال اليومية مصدر دخل، وهذه تعطلت أيضاً بشكل كبير بسبب المعارك وصعوبة الحركة والتنقل. لذلك جدّدت منظمات إغاثية دولية هذا الأسبوع تحذيراتها من أن نصف سكان السودان سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية بسبب الحرب وما أدت إليه من فقر وانهيار في الخدمات والمؤسسات ونقص في الموارد.

هذا النزف إذا استمر سيترك البلد أشلاء لمن يرثها أو يحلم بأن يرثها. فمناظر الصفوف الطويلة للمتدافعين للحصول على جوازات سفر بعد استئناف العمل في استخراجها قبل أيام بعد أن ظلت متوقفة منذ اندلاع القتال، كانت مؤشراً على رغبة مزيد من السودانيين في الهجرة بسبب الأوضاع المتردية. كثيرون لم يفكروا في هجر السودان ذات يوم، باتوا الآن يبحثون جدياً في مغادرته، تاركين وراءهم كل أحلامهم وممتلكاتهم وهم يعلمون أنهم ربما لن يتمكنوا أبداً من تعويضها.

وتتوقع منظمات شؤون اللاجئين والهجرة والإغاثة الدولية أن يصل عدد اللاجئين الفارين من الحرب إلى دول الجوار إلى نحو مليون و800 ألف بنهاية العام الحالي، إضافة إلى أكثر من 7 ملايين من النازحين والمهجرين في الداخل منهم 3 ملايين و800 ألف شخص نزحوا منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم.

في أحاديث الناس ومنتدياتهم تلمس اليوم إحباطاً متزايداً من تردي الأوضاع، وعدم وضوح الرؤية حول متى وكيف تنتهي الحرب. فالانقسام بين السودانيين، والاستقطاب الشديد الحاصل يسهمان في استمرار الحرب وإطالة أمدها بلا أفق لحل أو نهاية وشيكة، وهنا لبّ المشكلة في تقديري.

الخلافات والصراعات بين الأطراف المختلفة مثلما تسببت في عرقلة الفترة الانتقالية ووأد أحلام ثورة الشباب، فإنها قادت إلى تهيئة الظروف لهذه الحرب، وتسهم الآن في إطالة أمدها. لو كان الفرقاء السودانيون سعوا إلى توافق لكانوا قد تجنبوا الحرب، لكنهم انغمسوا في صراع إقصائي عدمي بين قوى الحرية والتغيير (قحت) أو أطراف فيها من جهة، والإسلاميين (الكيزان) وفلول نظام عمر البشير الساقط من الجهة الأخرى، وهو الصراع الذي لا يزال طاغياً على المشهد حتى اللحظة، وينعكس على الحرب بشكل مباشر، بل ويؤثر على نظرة العالم لها.

التصنيفات عقّدت الصورة حتى في الاصطفاف الحاصل في الحرب، بين التيار الداعم للجيش، وبين التيار الداعي لوقفها. فخلافاً للصورة المشوهة الرائجة، ليس كل من يناصر ويدعم الجيش هو من جناح الكيزان والفلول، وليس كل من يدعو للحل التفاوضي هو بالضرورة من المنتمين لقوى الحرية والتغيير (قحت).

هذا الاستقطاب الحاد في المشهد السوداني جعل الأطراف التي تريد المساعدة في حل الأزمة، تتريث في مساعيها. صحيح أن هناك دعوات ومسارات ومبادرات مختلفة تدعو لإنهاء الحرب، أهمها في تقدير الكثيرين هو منبر جدة لأنه يحظى بإجماع وتوافق الأطراف المختلفة، لكن باتت هناك قناعة بأنه لا أمل في تحقيق حلول ما لم يكن هناك توافق بين السودانيين أنفسهم، وهذا ما تسمعه يتردد كثيراً في عواصم مختلفة مهتمة بالأزمة السودانية وتداعياتها على البلد والمنطقة.

التوافق المطلوب في هذه المرحلة يتطلب تنحية الخلافات والسمو فوقها من أجل استعادة الدولة من حافة الضياع، وإنقاذ الوطن المهدد لا في وحدته وسيادته فحسب بل في وجوده بالصورة التي عرفناها عنه. ولكي لا نبقى نلف وندور في فراغ، فإن هذا التوافق لن يتحقق ما لم نتخلَّ عن الحلول المنقوصة، ونتجاوز الخلاف العدمي بين «كيزان» و«قحت». الطرفان لا يمثلان كل السودان، لكن صراعهما المحتدم أكبر مهدداته في هذه اللحظة.

الوضع الراهن يستدعي حواراً لا يُقصى منه أي طرف، وأن يترك الإقصاء للشعب السوداني عبر صناديق الانتخابات متى ما وصلنا إلى تلك النقطة. إذا تجاوزنا هذه العقبة مهما بدت صعبة في نظر الكثيرين، نكون قد نزعنا فتيل تأجيج الحرب كمرحلة أولى، يعقبها التوافق على كيفية استئناف الفترة الانتقالية، ومن ثم تنبري القوى المختلفة للاتفاق على كيف يحكم السودان، وكيف ننهي أزماته المزمنة.

ما لم نتجاوز هذه العقبة سيبقى البلد عالقاً لفترة لا أحد يعلم مداها في نفق هذه الحرب، وسيستمر النزف الصامت حتى يقضي على أي أمل في استعادة السودان استقراره الذي عصفت به كثيراً الصراعات الإقصائية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النزف الصامت والعقبة أمام الحل في السودان النزف الصامت والعقبة أمام الحل في السودان



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib